هل سيتجاوب الغرب مع مرحلة التصالح والتفاهم بين دول المنطقة؟(جواد الهنداوي)
د.جواد الهنداوي – الحوارنيوز
ندرج اسرائيل ايضاً ضمن مفهوم مفردة “الغرب” ، الواردة في العنوان، لما لها من تأثير كبير على سياسة امريكا والدول الاوربية تجاه دول المنطقة ، أي تجاه دولنا العربية وايران وتركيا .
مشكلة الغرب ،ازاء ما تشهده المنطقة من تفاهمات ومصالحات بين دولها ،هو انَّ هذه التفاهمات والمصالحات تمّت برعاية صينيّة وروسيّة ،اي تمّت برعاية خصوم ومنافسي الغرب . وهي مصالحات وتفاهمات ” بالجملة ” ، و تتناسل ، إنْ صّحَ التعبير ، فالمصالحة بين المملكة وايران ، ساهمت في الخروج الى العلن جهود المصالحة بين المملكة و سوريا ، والتي بدأت سّراً منذ ما يقارب العام . كذلك اجواء تعاون وثقة تسود العلاقات الاقليمية ( التركية والايرانية ) العربية .
و بالتأكيد أنَّ هذه التفاهمات والمصالحات ذات طابع استراتيجي وليس تكتيكيا ، لانَّ عمادها رُكنين اساسيّين في المنطقة ، وهما المملكة وإيران ، لذلك فإن هذه المصالحات والتفاهمات هي “مرحلة ” تمّرُ بها دول المنطقة ،وعلى دولنا وشعوبنا استغلال هذه الفرصة ، وتوظيف هذه المناسبة لخدمة المصالح المشتركة ، ومن اهم تلك المصالح ، أمن واستقرار المنطقة .
الغرب يدركُ جيداً اسراتيجية هذه التفاهمات والمصالحات ،وطابع ديمومتها ، و أنُّه ( اي الغرب ) أُخِذَ على حين غرّة ،لذلك تخبّط و يتخبّط على صعيد الردود والافعال.فأمريكا ،مثلا، رحّبت بالتواصل بين المملكة و ايران ووصفت الامر بمشجّع ويساهم في امن واستقرار المنطقة ، وهي ،في الامس القريب ، تصفُ المملكة ” بالمنبوذه ” وتصفُ ايران ” بالارهاب ” ، وانها تقّوض امن و استقرار المنطقة .
الغرب يّمرُ اليوم ، في مرحلة عجز ،ازاء ما يسود منطقتنا من تفاهمات ومصالحات تقود حتماً الى تعاون واتفاقات على كافة الاصعدة . ما يواجهه الغرب ( امريكا ،اوروبا ،اسرائيل ) داخلياً ،اجتماعياً و اقتصادياً وسياسياً ، هو أحد عوامل العجز ، يُضاف له عاملان آخران وهما نجاح الصين وروسيا في مّدْ نفوذهما في المنطقة ، وتفاعل ايجابي كبير من قبل دول المنطقة لهذين النفوذين ( روسيا و الصين ) ،لاسيما التجاوب من قبل حلفاء واصدقاء امريكا في المنطقة .
يحاول الاعلام الغربي ، الموالي للارادة الرسمية في الغرب تخفيف وطأة التحّول الذي تشهده المنطقة لصالح أمنها واستقرارها ومصالحها ، وبرعاية صينية روسيّة ، وبعيداً عن الاملاءات الامريكية ، فيتبنى الاعلام المذكور تفسيراً لمسار التفاهمات و المصالحات بين دول المنطقة .هو يرّوج لعدم حسن النيات بين دول المنطقة ، و كشاهد على هذا الاعلام ، انقل ادناه ماكتبه الباحث جيمس دروسي ، في مقال عنوانه ” الخطة العربية لسوريا تضع امريكا والدول الاوربية في مأزق ” في مجلة مودرين بولسي،فيقول : ” ان الهدف من الاقتراح العربي بأعادة بشار الاسد الى الصف الدولي والعربي هو بكل وضوح مواجهة ايران في سوريا ” ، صحيفة القدس العربي بتاريخ ٢٠٢٣/٣/٢٤ .
لم يعُدْ بمقدور الغرب شّنْ حرب اخرى في المنطقة ، ولم تخف على احد مؤشرات عدم القدرة ، رغم غلو بعض المحللين بترجيح خيار الحرب ،حين يسمعون تهديدات امريكية واسرائيلية ، او يشهدون تحركات ومناورات عسكرية .
امام الغرب اذاً خيار واحد : الاستمرار بالحرب الناعمة وبّث الفتن ، وبالهجمات العسكرية من وقت لآخر في سوريا وعلى الحدود العراقية السورية ، وفي ايران ، ومحاولات ( ستكون فاشلة ) بأعادة المنطقة الى مشهد التوتّر وسوء العلاقات البينّية .
قادة دول المنطقة وشعوبها ادركوا اليوم أنَّ العلاقات مع روسيا والصين ، ساهمت الى حّدٍ كبير في تحسّن امن المنطقة ، وقلّلت التوتر بين دول المنطقة ،و قادت الى تصالح وتفاهمات ، ويمكن ان نقول او نستنتج أنَّ النفوذ الصيني والروسي في المنطقة هو عامل استقرار و تطّور للمنطقة.
هل تفكّر الادارة والنخب الامريكية بآراء وبمواقف و بشعور شعوب المنطقة و قادة دول المنطقة حين يقارنون بين نفوذ روسيا او الصين الذي قادَ الى خفض التوتر وتفاهمات وتصالحات ، وبين ما تفعله امريكا في المنطقة ، وخاصة في سوريا ولبنان ، وهي تسرق علناً ثروات سوريا ، وتمارس سياسة التجويع تجاه لبنان؟
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل