الكورونا يحاصر الجالية اللبنانية في شاطئ العاج: أكثر من عشرين ضحية وآلاف المصابين
هدى جباعي قصير –ابيدجان- خاص الحوارنيوز
في أبيدجان، في كل مبنى، في كل متجر، في كل مخزن، في كل مصنع، في كل حي وفي كل منطقة ،إصابات بوباء كورونا الذي يتنقل بسرعة من دون أي رادع، وتتضاعف أعداد المصابين كل يوم، كما تغص المستشفيات بالمصابين والحالات الحرجة …
اكثر من عشرين حالة وفاة طالت أبناء الجالية اللبنانية والآلاف منهم اصيبوا الوباء ، وأغلب هؤلاء يكافح المرض في المنزل …
سجلت ساحل العاج حتى أمس الاثنين ٧٦٧٧ إصابة كورونا من بينها ٥٤ حالة وفاة، وحسب بعض المصادر الطبية فإن نصف أعداد الإصابات ونصف أعداد الوفيات من أبناء الجالية اللبنانية.
تستيقظ الجالية اللبنانية كل يوم على خبر وفاة لأحد ابنائها: "نبأ اغترابي أليم ، بمزيد من الأسى واللوعة ، وفاة فقيد الشباب والاغتراب.. كورونا يودي بحياة المغترب (…) نبأ مؤسف وفاة المغترب /المغتربة:يوسف الزوقي، بشارة الراهب، جهاد يونس، حسين عطية، محمد ابو خليل، عماد بديري، هيام عجمي، ماري عبد الغني، حسن ضاهر وغيرهم….
يتساقطون كأوراق الشجر في مهب العاصفة تاركين حرقة في قلوب عائلاتهم.
شباب تركوا لبنان على أمل ايجاد مستقبل أفضل، فأشعل كورونا النيران في قلوب امهاتهم وآبائهم واخوانهم الذين لم يستطيعوا حتى توديعهم الوداع الأخير ، وآباء تركوا يتامى وأرامل يبكون… وآخرون لم يستطع اولادهم تحقيق وصيتهم ودفن جثامينهم في ارض الوطن!
منظمة الصحة العالمية دعت الدول الأفريقية للاستعداد للأسوء، وحذر الأمين العام للمنظمة من "ملايين الإصابات ومن مئات الآلاف من الوفيات ،خاصة بسبب ضعف الإمكانات الصحية لدى الدول الأفريقية وعدم تمكنها من تنفيذ حجر صحي لكل المواطنين الذين يعتاش اغلبهم من قوته اليومي".
وبالفعل فان هذا الوباء يتسارع في الانتشار في العواصم والمدن الكبرى وفي كل أنحاء البلاد. ويرى بعض الخبراء "أن تدني أرقام المصابين، ربما يكون مؤشرا على ضعف أنظمة رصد الحالات المصابة.
كما أن تخفيف التدابير الوقائية التي اتخذتها الدولة العاجية منذ بداية تفشي الوباء، من منع التجول ليلا و عزل مدينة أبيدجان وإقفال المداخل البرية والبحرية والجوية ومنع التجمعات الكبيرة والالتزام بالتباعد الاجتماعي، ومن ثم الغاء هذه التدابير بعد فترة قصيرة وإعادة فتح المطاعم والملاهي الليلية وعدم إلزام المواطنين ارتداء الكمامات واستهتار المواطنين أنفسهم، ساهم في ارتفاع نسب الإصابات.
بعض المواطنين يعتقدون، حتى الان، أن كورونا اكذوبة، هذا الإعتقاد الذي نتج عنه سلوك غير مسؤول، أدى إلى تسارع انتشار الوباء. فبعد ان كان تزايد الحالات يوميا بالعشرات اصبح الان بالمئات، وقد يصبح في الأسابيع المقبلة بالآلاف.
وعن الانتشار الكبير بين ابناء الجالية اللبنانية اكد بعض المسؤولين في الجالية ل" الحوارنيوز" أن السبب استهتارهم وعدم مسؤولية البعض منهم واستمرارهم بالعيش حياة طبيعية والسهر وارتياد المطاعم والمقاهي والتجمع وتنقل بعض المرضى منهم بين الاصحاء ،غافلين عن الخطر الذي يهدد حياتهم وحياة المحيطين بهم".
ويجمع المعنيون بأن تأخر الدولة اللبنانية عن وضع خطة لإعادة من يرغب من اللبنانيين في عدد من الدول الأفريقية،جعل اللبنانيين يواجهون مصيرهم في دول فقيرة تعاني من الهشاشة في بنيتها الصحية".وناشد المعنيون أبناء الجالية "التقيد بالتدابير الوقائية وإلا فنحن أمام كارثة حقيقية".
وما يحصل في ابيدجان يكاد يكون هو حال ابناء الجاليات اللبنانية في مختلف دول أفريقيا المجاورة .لم يسعف الطقس الحار أفريقيا ولا الأمل بلقاح السل الذي يأخذه الأطفال الأفارقة، بل كشف كوڤيد ١٩ هشاشة البنية الصحية للدول في القارة السمراء.
لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لدول أفريقيا أعدت تقريرا طالبت فيه بمئة مليار دولار على الأقل للاستجابة الفورية لعمل شبكة أمان صحية واجتماعية وحذرت في حال عدم الاستجابة من ان اكثر من ١.٢ مليار سيصيبهم المرض ، واكثر من ٣ مليون منهم سيموتون .وفي حالة تدخل الحكومات بشكل قوي وفرض إجراءات التباعد اللازمة وفي أفضل السيناريوهات ،حذرت من اكثر من ١٢٢ مليون إصابة و ٣٠٠ الف وفاة، وستتعطل جهود مكافحة المرض لان نسبة الأسرّة في المستشفيات غير كافية ،جيث يتوفر١،٨ سرير لكل الف شخص. كما أشار التقرير الى ان الدول الأفريقية تستورد ٩٤ ٪ من أدويتها ومستحضراتها الطبية، وهي بحاجة للمستلزمات الطبية لمكافحة المرض وإجراء الفحوصات الطبية ومعدات الحماية الشخصية وتوفير العلاج للمرضى ،فهل ستلبي الأمم المتحدة مطلبها؟ وهل ما تزال الفرصة سانحة لاحتواء الجائحة في القارة السمراء؟