د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص
بإستثناء اسرائيل ، ليس لامريكا صديق او حليف دائم ومطمئنْ. ولعل الصديق او الحليف لأمريكا يُمسي و يُصبِح وهو اكثر قلقا وضّناً مِنْ مَنْ هو في علاقة عداء او ندّية مع امريكا .
وسائل امريكا و أدواتها بأيذاء الآخر ( خصم ،عدو ،صديق ، حليف ) كثيرة ومتنوعة ، و مُعّدة و مُبرمجة وفقاً لسلوكيات ذلك الآخر : مِنْ وسائل ناعمة معروفة الى وسائل غليظة قوامها السلاح و الاغتيالات و التفجيرات و الارهاب ، ووسائل بلباس اممي قانوني كالعقوبات الاحادية و الحصار .
تقفُ امريكا اليوم ، وبعد القرار الروسي السعودي والصادر باسم ( اوبك زائد ) ، والقاضي بتخفيض انتاج النفط ، امام حالة ” طفحَ الكيّلُ ” ،لم تعّدْ تُطيق تلّقي أللّكمات الواحده تلو الآخرى ؛
توريط الشعب الاوكراني في حرب ادّتْ ، لتاريخ اليوم ،الى انضمام اربعة اقاليم الى روسيا .
تملمّل الشعب الاوروبي ازاء نتائج الحرب و انعكاساتها السلبية ، والمتمثّلة بأزمات ارتفاع الاسعار و الطاقة و الحالة الامنيّة و خوفهم من استخدام السلاح النووي .
صمود لبنان وتمسّكه بحقوقه ،رغم التهديدات الاسرائيلية و الامريكية ، واستعداد المقاومة في لبنان لخيار الحرب ، خيار ،تحاول امريكا تجّنبهِ في الوقت الحاضر لمستلزمات ألمرحلة و ظروفها ؛
فشل امريكا في اتمام الاتفاق النووي مع ايران قبل شهر نوفمبر القادم حيث موعد انتخابات الكونغرس الامريكي ، وتمسّك ايران بشروطها و اولياتها ؛
نُضيف على كُلَّ ما تقدم تبعات الحرب في اوكرانيا على الداخل الامريكي اقتصادياً وعلى مستوى الخزين الاستراتيجي النفطي .
لم تكتفْ امريكا بمواجهة روسيا ،بشكل غير مباشر ،عن طريق قيامها وحلف الناتو والمانيا وغيرهم ،بتزويد الجيش الاوكراني وجماعاته المسلّحة بالاسلحة المتطوّرة الحديثة ، وانما وسّعتْ نطاق مواجهتها و ردود افعالها لتشمل حلفاء روسيا ،وفي مقدمتهم سوريا ،حيث شّددتْ من اجراءاتها المتخذة ،ضّدْ سوريا ،بموجب قانون قيصر ،ليشمل الحصار المفروض وبموجب القانون المذكور قطاع النفط و الكهرباء ، فهي ( امريكا ) لم تقف فقط عند سرقة النفط السوري من حقول النفط شرق الفرات وتمريره بالتعاون مع قوات قسد الى تركيا ،لغرض بيعهِ ، وانما منعت على سوريا استيراد الطاقة ( النفط و الغاز والكهرباء ) ، وادرجت هذه الخدمات ضمن الممنوعات بموجب قانون قيصر .
منذ اصدار قرار اوبك زائد بتقليص انتاج النفط و الصحف الامريكية لم تتوقف عن التحليل والتعليق على الحدث و تداعياته السياسيّة و الاقتصادية . يستفهم ويتساءل كثيرون عن موقف المملكة العربية السعودية في المساهمة في اتخاذ القرار ،في الوقت الذي تطالب امريكا والدول الغربية بضرورة زيادة الانتاج من اجل سّد حاجة الاسواق . يرى البعض أن القرار الروسي السعودي المُتخذ يساهم في تفاقم الازمة الكمّية و السعّرية للنفط ، وهو بالتالي لا يتماشى مع حاجة ومصالح امريكا و الغرب ، ويصفُ هذا البعض موقف المملكة العربية بموقف خصم وليس موقف حليف او صديق . وأصبحَت الزيارة التي اجراها الرئيس بايدن الى المملكة في منتصف شهر تموز المنصرم لهذا العام موضوع تنّدر واستهزاء بالرئيس بايدن ،لانها ، وحسب آراء هولاء البعض ،والتي وردت في جريدة الغارديان البريطانية في عددها الصادر يوم ٢٠٢٢/١٠/٧ ، بأنَّ زيارة الرئيس بايدن الى السعودية لم تاتْ بالنتائج المطلوبة و لا بالمواقف المرّجوة من حليف .
وتحدّثَ بعض اعضاء الكونغرس الامريكي بضرورة اتخاذ موقف من المملكة،وطالبوا بضرورة قيام الادارة الامريكية بسحب معدات عسكرية امريكية لحماية اجواء المملكة .
لنْ تتردّد امريكا بتفعيل سلاح الارهاب ضّدَ روسيا ، وبذات الطريقة التي سادت ولسنوات في العراق وفي سوريا ولا تزال ، و بأعتراف امريكي” وغير امريكي ” ، وانفجار القرم اليوم ٢٠٢٢/١٠/٨ ، هو البداية لتفعيل سلاح الارهاب ، وكأنَّ هدف امريكا التصعيد و دفع روسيا نحو استخدام سلاح استراتيجي في الحرب .
ولنْ تتردّد امريكا ايضاً من استخدام ذات السلاح ضّدَ صديق او حليف لاستيائها من موقف او قرار ،تجده امريكا ضارٍ بمصالحها وينال من هيبتها و مكانتها ومصطفٍ مع خصم لها . أولمْ تستخدمْ امريكا سلاح الارهاب في العراق ولسنوات طويلة ، وبينها وبين العراق صداقة و اتفاقية استراتيجية للحماية وللتنميّة ؟
المطلوب ، ومن الآن وقبل فوات الآوان ، و للحيلولة دون عودة الارهاب والحروب و التهديد و الابتزاز للمنطقة تعاون وتضامن عربي و اقتدار عربي بفرز العدو والخصم من الحليف و الصديق و والشقيق ، والمطلوب ايضاً رسم وممارسة السياسة و اتخاذ المواقف وفقاً لاولويات الاعتبار الجغرافي و المصالح الوطنية والعربية و الاقليمية.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل