قراءة في إستقالة وزير الخارجية : أسباب عامة تخفي الأسباب المباشرة
حكمت عبيد – الحوارنيوز – خاص
شكل وجود وزير الخارجية والمغتربين المستقيل ناصيف حتّي، إلى جانب عدد قليل من الوزراء في حكومة حسان دياب، علامة إيجابية نظرا لتجربته الديبلوماسية وعلاقاته العربية والدولية ولسجله النظيف في خدمة الديبلوماسية العربية.
لم يوافق الوزير المستقيل على مشاركته في الحكومة الحالية إلا لإقتناعه الى كون هذه الحكومة "هي حكومة إنقاذية بالفعل، وهي أتت لتشكل بذاتها ورؤيتها والتحديات التي تواجهها داخليا وخارجيا، فرصة تاريخية لنقل البلاد من حال الدويلات والتحاصص إلى حال الدولة المركزية القوية التي تلبي تطلعات الناس، لاسيما أولئك المنتفضين ،وتحقق أحلامهم بدولة القانون والمؤسسات"، على ما ذكره مصدر قريب من الوزير حتّي ل "الحوارنيوز".
ما جرى لاحقا، شكل صدمة للوزير المستقيل، عبر عنها بيان الإستقالة: "فلبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجا، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة" وفق البيان، الذي رد أسباب الإستقالة الى "تعذر أداء مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي اؤمن به وطنا حرا مستقلا فاعلا ومشعا في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به".
مرجع نيابي قال ل "الحورانيوز" إن الإستقالة هي إقرار من الوزير حتّي بفشله في أداء مهامه، أما أسباب الفشل فلا يتحملها حتّي شخصيا بل مجمل الأوضاع العامة في البلاد والحصار المطبق الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية والتزمت به الدول العربية – الخليجية".
ويضيف المرجع: "كان يمكن للوزير حتّي أن يعمل على تحسين شروط العمل الديبلوماسي من داخل الحكومة، فإستقالته لا تخدم القضية التي أعلن عنها ،والربط الذي عقده بين العلاقات الخارجية والإستقرار الداخلي دقيق، وهذا يستلزم مسؤولا مؤمنا بقضيته لا أن يتراجع عند أول إستحقاق"!
غير أن الإشارة الأهم في بيان الإستقالة كانت إقراره بتعدد "أرباب العمل" في الدولة اللبنانية "ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع، حمى الله لبنان وشعبه".
وقلل المرجع أن يكون ثمة تأثير فرنسي على حتّي دفعه للإستقالة ،واعتبر أن هذا كلام غير دقيق والجانب الفرنسي لم يقطع تواصله مع الحكومة، وقد حمّل الإعلام الموقف الذي عبر عنه رئيس الحكومة أكثر مما حمّله الفرنسي نفسه".
كلام الوزير المستقيل "صريح وينطوي على مجموعة أسباب مباشرة للإستقالة يختصرها المرجع نفسه على النحو الآتي:
– تباطؤ في الفعل لإصلاحي الحكومي، وتحديدا في المسائل التي لا تحتاج الى مفاوضات مع جهات دولية مانحة.
– شعور حتّي بوجود رغبة بمصادرة صلاحيات الوزارة ودورها، ما عاد بالأذهان الى استقالة سفير لبنان في واشنطن سيمون كرم في خلال عهد الرئيس الهراوي "إحتجاجا على تغييب دوره أثناء إحدى الزيارات الرسمية آنذاك".
– الفشل في محاولات خرق الحصار العربي، ورفض اقطاب السلطة السير بأداء داخلي يعوض خسائر الحصار المفروض ماديا ومعنويا".
– رفض حتّي أن تأتي التشكيلات الديبلوماسية معلبة وجاهزة.
– ولعل الأهم شعور حتّي بأن المرحلة المقبلة ستحمل معها رياحا خمسينية حارقة، وهو لا يملك أي وسائل الإطفاء، ففضل الرحيل قبل فوات الآوان".