ماذا لو كنا دولة؟
كنا انتخبنا، ألكترونيًا من منازلنا، وفق ما تمليه علينا ضمائرنا، رئيسًا للجمهورية ونوّابًا للأمة، وبلا قيدٍ طائفي، ويُمارِس هذا الحق من هم فوق ال 18 سنة.
إلا ما ندر، كنا اليوم نعيش من دون منتخبين لا شرعية لهم، أو لنكن منصفين، شرعيتهم منقوصة بفعل قانون طائفي مطرز بحسب مصالحهم.
كانت قوانا العسكرية، جميعها، تتمتع بكفايات علمية وبدنية وتقنية تؤهلها لتمارس دورها الوطني بلا تقاعس أو إهمال، وإن كان كثيرون من بينهم يتمتعون بالمستوى المنوَّه عنه، لكنهم ليسوا سوادها الأعظم.
كنا وجدنا مدراء عامون جديرون بمديرياتهم، يساءلون المقصرين ويكافؤون المجتهدين، فتلك هي سيرة إدارات الدول الحقيقية.
كنا بلا جامعات ومدارس ومستشفيات طائفية، كانت كلها لتكون وطنية.
كنا نقرأ بكتاب تاريخٍ واحد وكتاب جغرافية واحد، وننهل من ثقافاتنا المتنوعة بلا عُقَدِ.
كنا لا نحتسب الناجحين طائفيًا، في الامتحانات الوظيفية، فيقبل من يثبت جدارته ويهمل من تنقصه تلك الجدارة.
كان قضاؤنا يسجن الراشي والمرتشي ولا يخضع لسياسي أو رجل دين.
كنا ببساطة، تداركنا الإنفجار الزلزال الذي هزّ كياننا من جذوره في مرفأ بيروت، وكان هذا المرفق منارة اقتصادية تقوم العلاقات بين جميع اركانه الادارية بشكل سلس لا بيروقراطية معقدة تعرقل معاملات الناس فيه، وفي جميع وزاراتنا وإداراتنا العامة والخاصة.
لو افترضنا ان الانفجار حاصل لا محالة، كان القيمون عزلوا مسرحه، على بعد كيلومترات، وحافظوا على كل شاردةٍ وواردةٍ فيه، كما هي في أمكنتها، بغية الوصول من خلالها الى أدلة تساهم في كشف خيوطه المبهمة. وكان القيّمون أيضًا، رفعوا أو عزلوا كل ما من شأنه أن يشكّل خطرًا محتملاً وجنّبوا البلاد هذه المهزلة الجريمة المكررة ( الحريق) المحتسبة بكل المقاييس العلمية والانسانية والاجتماعية والاخلاقية فضلاً عن مخاطرها الأمنية وتداعياتها البيئية.
بكثير من التكثيف وقليلٍ من الكلام، ذلك هو الفارق بين دولة المذاهب والمزارع، وبين دولة القانون والكفايات، أو بتعبير أدق الدولة العلمانية القائمة على مبدأ فصل الدين عن الدولة.