كذّب… ثم اكذب … ثم اكذب حتى يصدقك الناس!.
كتب أكرم ناظم بزي:
انها استراتيجية جوزف غوبلز وزير الإعلام النازي وأستاذ هتلر في فن الخطابة. شعاره الشهير والذي أسس لسياسات دول عدة: "أعطني إعلاماً بلا ضمير… أعطيك شعباً بلا وعي".
هذا ما دأبت عليه بعض القنوات العربية واللبنانية خاصة، التي اعتمدت "سياسة التضليل" لدرجة أن بعض المواطنين اللبنانيين يتجهون باتجاه محطات التلفزة التي تحدد وجهة سيرهم وبوصلتهم دون الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه المحطة هدفها الترويج لدول "صديقة – عدوة" للبنان. لا بل أن بعض الصحف والمحطات اللبنانية أسست في تاريخ "ملتبس" ،بمعنى أنه في الوقت الذي بدأت بعض الصحف "التاريخية" في الإقفال الكلي كـ "السفير" و"الأنوار – دار الصياد" وغيرها، كانت تعد العدة للانطلاق بميزانيات ضخمة ولا داعي لذكرها، بل كانت ضمن عدة التضليل المعتمدة من قبل "الموجّهين" الإقليميين والدوليين والذين يخدمون الصهاينة بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
إن الميزانيات الضخمة لهذا الإعلام الموجّه والمسيّس هدفه قبل كل شيء ضرب المقاومة واضعافها وتشويه صورتها الشريفة والنظيفة منذ انطلاقتها لغاية الآن، (جيفري فيلتمان السفير الأسبق لأميركا اعلن ذلك من قبل: "500 مليون دولار دفعنا لتشويه صورة المقاومة"، وغيره من الأنظمة العربية). وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني أعلن للمرة الثانية بأن المبالغ التي دفعت الآن للحرب على سوريا ما بين الإعلام والأسلحة وشراء الضمائر بلغ 130 مليار دولار أميركي. يعملون ليلاً نهاراً بالترويج المضلل والكذب والتزوير واللعب على الغرائز المميتة وتأليب الأخ على أخيه. بالنسبة لهم لا ضير اذا دمر البلد طالما انهم يحققون اهدافهم الخبيثة وتكديس ثرواتهم على حساب الشعوب الفقيرة.
وفي مقالة للزميل علي مراد عن "دراسة مطوَّلة تزيد على 270 صفحة صادرة عام 2012 عن مؤسسة "راند" الأميركية حملت عنوان "الفهم والتأثير على الدعم الشعبي للتمرد والإرهاب"، يدرس الباحثون الأميركيون فيها العوامل التي تضمن التأييد الشعبي لحركات التمرّد و"الإرهاب" (بعباراتهم)، للخروج بتوصيات لمؤسسات الأمن القومي الأميركي لوضع استراتيجيات مناسبة لضرب هذا التأييد وإفقاد التنظيمات الركائز التي يقوم عليها وجودها.
يستعمل الباحثون ما تسمى "نظرية الحركة الاجتماعية" لتحليل عوامل التأييد، ويعرضون حالات دراسة على تنظيمات كـ "القاعدة" وحزب العمال الكردستاني وطالبان والماويين في نيبال. لا تتطرّق الدراسة إلى حزب الله، لكنها تأتي على ذكره مع حركة حماس في معرض الاستشهاد بعامل الفعالية للتنظيم. في هذا المقال ستجري محاولة إسقاط العوامل قيد الدراسة على حالة المقاومة الإسلامية في لبنان، لمحاولة تفسير الاستراتيجية الأميركية لمحاولة إضعاف التأييد الشعبي لحزب الله في بيئته.
ليس بالضرورة ان تكون هذه الدراسة الصادرة عام 2012 هي المرجع الأكيد الذي يفسّر استراتيجية واشنطن الحالية التي تستهدف بيئة حزب الله في لبنان، لكن المؤشرات التي باتت تظهر منذ العام الماضي تشي بأنّ مؤسسات الأمن القومي الأميركية لا تنفّذ استراتيجية عمياء، هي نتاج قرار مزاجي صادر عن دونالد ترامب يصبّ في مصلحة حملته الانتخابية.
الأمر أعقد من أن يكون مؤقتاً أو مرحلياً مرتبطاً بحسابات ساكن البيت الأبيض الشخصية، فتحدي كسر ظاهرة حزب الله عبر إبعاد بيئته وحاضنته عنه بالأدوات الناعمة والذكية يُعتَبَر حالياً الهدف المركزي الأول لواشنطن و"تل أبيب" والملحقين بهما من عرب الخليج، بعد فشل كل محاولات الاستهداف الصلب عبر الحروب المباشرة".
وما حصل في جريمتي مقتل رفيق الحريري وتفجير المرفأ والجرائم التي ما قبلها والكذب والتضليل وشهود الزور والملفات المفبركة والتحقيق واعتقال الناس ،كان هدفه فقط تضليل الوعي الجمعي لدى الناس وايهامهم بما يجعلهم يرون الأبيض أسود والعكس.
وهنا على المعنيين والمستهدفين بشكل مباشر او غير مباشر العمل على كشف ملابسات تفجير المرفأ بكل تفاصيله (ولا أستبعد أن يكون "قاتل الحريري ومفجّر المرفأ جهة واحدة بأساليب مختلفة") وعدم الاكتفاء بالتحقيقات الروتينية العادية ،لأنه بحسب التجارب السابقة لم ولن تصل الى نتيجة، وقد يأتيك بالآخر من يقول "الحق على الطليان".