21 شباط: اليوم العالمي للغة الأم(محمد قجة)
محمد قجة – الحوارنيوز
عام 1999 تقدمت دولة بنغلادش باقتراح الى منظمة اليونسكو حول اعتماد يوم عالمي للغة الأم ، وذلك لحماية اللغات المختلفة في العالم من هجمة اللغات الكبرى .
وقد اقرت منظمة اليونسكو هذا الاقتراح ، واعتمدته الامم المتحدة عام 2000 ، ليكون يوم 21-2 من كل عام يوما للغة الام .
فما المقصود باللغة الام .
لابد من التفريق بين المصطلحات الثلاثة التالية:
1 – اللغة الأم : ويقصد بها اللغة التي يتعلمها الطفل في بدايات نشأته في الأسرة والحي والمجتمع الصغير حوله .. بما فيها من مفردات وجمل وأمثال وأهازيج واغنيات ونكات وطرائف … ما يشكل ذاكرته الأولى ويكيف أسلوب تفكيره وردات فعله .
2 – اللغة الوطنية : وهي لغة المجتمع المعتمدة رسميا في الدوائر والتعامل والإعلام والتعليم وسائر أشكال الحياة . وهي بذلك تلتقي غالبا مع اللغة الأم التي تكون اللغة الوطنية في الوقت نفسه .
ولكننا يجب أن نميز هنا بين هذين المفهومين … فالمجتمعات البشرية قد لا تكون لغتها الأم واحدة … فهناك القوميات المتباينة والجماعات والأقليات التي لكل منها لغته الأم في أسرته ونشأته … ولكنه حينما يخرج إلى المجتمع تكون اللغة الوطنية المعتمدة هي لغته الرسمية . مع بقاء لغته الأم في حياته الخاصة .
ولعل المجتمع الأمريكي أوضح مثال على ذلك … فاللغة الوطنية السائدة هي الإنكليزية، مع وجود جماعات بشرية من شعوب العالم تقيم في المجتمع الأمريكي وتحافظ في حياتها الخاصة على لغتها الأم .
وهذا ينطبق على مجتمعنا العربي الذي تعتبر اللغة العربية فيه لغة وطنية ، مع احتفاظ المكونات البشرية الأخرى بلغتها الأم في حياتها الخاصة … مثل الكرد والتركمان والارمن والشركس والسريان ….. وسواهم من تجمعات بشرية مماثلة .
3 – لغة التعليم : ولا ريب أن اللغة الوطنية يجب أن تكون لغة التعليم الأساسية ،وبخاصة في العلوم الإنسانية من آداب وتاريخ وجغرافية وفلسفة وتربية واجتماع … إلى جانب العلوم البحتة والتطبيقية التي تدرس باللغة الوطنية مع الاستعانة بلغة أجنبية عالمية بغرض المصطلحات والمخترعات والتقنية المعاصرة . واللغة الأجنبية المختارة يجب ألا تكون على حساب اللغة الوطنية .. ويتم اختيار هذه اللغة الأجنبية حسب مقدرة انتشارها وحيويتها وضرورة اعتمادها في بعض مناهج التعليم . ويكون ذلك بعيدا عن المجاملات السياسية الموقتة والمصالح الضيقة .
هذه رؤية موجزة لمفهوم اللغة في مجالاتها الثلاثة .
*مؤرخ وباحث – سورية