كتب د.أحمد عياش:
طفح الكيل مع الرئيس الروسي.فنّد اسس الخلاف الاساسي في أوكرانيا.ليست مسألة مضايقة الاوكران من اصل روسي ولا حملة منظمة ضد اللغة الروسية، انما اتهام واضح لظهور ميل اوكراني قومي متشدد يكن العداء والثأر لروسيا الاتحادية.
قالها وبوضوح: “السلطة الاوكرانية الغارقة بالفساد تحاول تغطية صفقاتها اللاوطنية بتعاملها المشبوه مع السفارة الاميركية في كييف، والقوميون المتشددون ليسوا الا رأس حربة خطيرة وجديدة للناتو، ذلك الحلف العسكري الذي بقي بعد ان انهى حلف وارسو مهماته على امل وعود شفهية مشبوهة لغوربتشوف ببيت اوروبي جديد”.
شرح الرئيس الروسي اخطاء السوفيات الاخيرة بالسماح للدول بالخروج من الاتحاد السوفياتي، بعدما اوضح عمق الأخوة التاريخية مع الشعب الاوكراني،بعد ان ذكّر بالتضحيات المالية الروسية تجاه الدولة الشقيقة والتي فاقت ال150مليار دولار منذ سنة 1991 لغاية سنة 2014 تاريخ الانقلاب على حلفاء روسيا في اوكرانيا.
لم يلم الحزب الشيوعي السوفياتي، انما بكلامه هذا اتهم غوربتشوف بالخيانة العظمى.
اوضح بوتين انه لن يسمح بأن تكون موسكو على بعد دقائق اربعة من صواريخ اوكرانية ناتوية(ناتو) غامزا من قناة مقدرة اوكرانيا على تطوير اسلحة نووية خطيرة بمساعدة غربية.
ركل بوتين بقدمه كل طاولات الغربيين واستخف بعقوباتهم المحتملة والتي ليست بحاجة لأية حجة لتقع ضد روسيا…
اعاد العالم الى الصراع الحقيقي بين شرق يدافع عن نفسه بعقل سوفياتي الهوى يشجع ما تبقى من القطاع العام ،وبين غرب راسمالي جشع بعقل استعماري التوجه بكلام معسول عن الديمقراطيات والحريات.
من المفيد ان نذكر لمن لا يعرف ان روسيا لا تبعد عن الولايات المتحدة نفسها غير اربع كيلومترات فقط بين ألاسكا وسيبيريا عبر مضيق بيرينغ التي تتوسطة جزيرة ديوميد ،وان هذه المسافة تفصلها مياه المحيط الهادىء التي تتجمد خلال الشتاء ما يجعل الانتقال من الولايات المتحدة الى روسيا سهلا وسيرا على الاقدام، اذ ما زال للروس هناك اقارب يعيشون في ألاسكا التي باعها القيصر الكسندر الثاني سنة 1867 بمبلغ7,2مليون دولار بعد حرب القرم.
فكرة جميلة ان يقرر بوتين اعادة ضم الاسكا لروسيا.
لماذا لا ينصب الناتو صواريخه هناك ؟
لماذا يقحم الدول الاوروبية في نزاعات مباشرة مع روسيا؟
ليقاتل الاميركي وجها لوجه من ارضه من حدوده الغربية بدل تحدي الروس من شرق اوروبا ؟
اعتراف بوتين في جملته الاخيرة بجمهوريتي دونسك ولوغنسك، اعلان حرب لمن يجرؤ على خوضها.
لن يجرؤ احد.
حتى الدولة الاوكرانية ستجد نفسها محرجة امام شعبها لأنها رفعت شعارات قومية متشددة ليست على مستواها الفعلي كقوة نارية…
احتمالات الانقلاب العسكري في اوكرانيا واردة.
اعاد بوتين رسم الحدود بين الناتو وبين وارسو جديد سيظهر قريبا ،وما حصل اليوم فهمته كل الدول الهاربة من الاتحاد السوفياتي ان لا مزاح مع موسكو وان موسكو مستاءة من غدر من كانت معهم كريمة .
كما اعلنت واشنطن بعد حادثة تدمير البرجين في نيويورك ان من حقها غزو افغانستان لقتال من يهدد امنها، وكما فعلت واشنطن يوم غزت بغداد بحجة اسلحة دمار شامل غير موجود، وكما فعلت دول غربية بارسال طائراتها لقصف قوات الرئيس معمر القذافي واغتياله، تحضر موسكو في المشهد العالمي لتقول انها سيدة نفسها وانها لن تسمح بتهديد عمقها الأمني من اوكرانيا او حتى من دمشق….
ركل بوتين طاولات الغرب وقلبها ،وصرخ بوجههم انه يعلم انهم يكرهون روسيا ،وليس منذ الآن، انما قبل ان يولد فلاديمير ايليتش اوليانوف…
من حظ ايران في فيينا ما يحصل في دونباس، لأن الأميركي سيسعى لانجاح الإتفاق النووي بعد صفعة بوتين.
المهم ألا يستغل العدو الاصيل الفوضى السياسية وربما الأمنية العالمية ليقصف مشروع طهران النووي.