الحوار نيوز – خاص
ثلاثة عناوين أبرزتها صحف اليوم هي الموازنة والانتخابات وزيارة الموفد الأميركي هوكشتاين الذي يسعى لترسيم الحدود البحرية ،لكن أيا من هذه المواضيع بدت آفاقها ضبابية بفعل الارتباك السياسي القائم
-
تحت عنوان ” الموازنة بلا كهرباء ولبنان يتهيأ لجولة هوكشتاين” كتبت صحيفة النهار تقول: في زمن بدء العد العكسي للانتخابات النيابية التي من المقرر ان تجرى في الخامس عشر من أيار المقبل ما لم يطرأ ما يحول دون اجرائها، يبدو واضحا ان اللبنانيين بدأوا يشهدون نماذج من مخاضات سياسية واقتصادية ومالية لدى اركان السلطة والطبقة السياسية في معظمها مختلفة عما حفلت به الحقبة السابقة. ففيما تنتظر البلاد ما ستسفر عنه الجلسات الماراتونية ل#مجلس الوزراء في السرايا المخصصة لدرس الموازنة على ان تقر في صيغتها النهائية في جلسة أخيرة في قصر بعبدا الخميس المقبل، فاجأ رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الرأي العام الداخلي صباح امس بقرار الفصل الحاسم بين الموازنة كلا، ومسألة بل أم المعضلات الكهرباء التي يبدو انها ستخصص بخطة منفصلة بما يعني موازنة رديفة منفصلة لئلا تتضخم نسبة العجز في الموازنة بما يزيد عن عشرة في المئة. وعكس موقف رئيس الحكومة ضمنا المعطيات التي تشير الى مناهضة وزارية واسعة جدا للاتجاهات التي كان وزير الطاقة يزمع المضي فيها للاكتفاء بالحصول على سلفة تقليدية للكهرباء من دون ربطها بالخطة الإصلاحية الجذرية الموعودة للكهرباء.
وبصرف النظر عن سقوط الثقة العامة محليا وخارجيا بكل الخطط الموضوعة سابقا ولاحقا للكهرباء التي تعتبر المسبب الأول والاكبر للمديونية المخيفة في لبنان وفضيحة الفضائح في الفساد المتجسد بعدم انشاء معمل كهربائي واحد جديد منذ انفجار الحلقة الأولى للانهيار التاريخي الذي يضرب لبنان، فان الاتجاه الى اسقاط اعتماد السلفات المتعاقبة لمؤسسة كهرباء لبنان والإصرار على انجاز خطة منفصلة للكهرباء لا تقترن بمشروع قانون الموازنة وتكون مستقلة يوحي بان للامر صلة مباشرة بالمفاوضات الأولية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي باعتبار انه ليس سرا ان المجتمع الدولي بأسره، بات يدرك الخطورة الأساسية لملف الكهرباء على مجمل الواقع الاقتصادي القاتم في لبنان. ولكن المعلومات التي توافرت لـ”النهار” اشارت الى ان اعلان ميقاتي من بعبدا امس الفصل بين الموازنة وملف الكهرباء سبقته أجواء سادت الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء في السرايا وأظهرت رفضا واسعا لاي استسهال بعد الان في معالجة كارثة الكهرباء بالسلف المالية علما ان بعضهم لم يأل عن توجيه انتقادات لاذعة الى وزير الطاقة والمياه وليد فياض من خلال القول بان “ما نسمعه اليوم عن الكهرباء لا يختلف في شيء عما كنا نسمعه عام2011 ” بما يضمر ذلك من غمز من قناة وزراء “التيار الوطني الحر” المتعاقبين على وزارة الطاقة منذ ذلك التاريخ والنتائج التي افضت اليها سياساتهم. وبدا ان الاتجاه الجديد النهائي هو الى انجاز خطة مرحلية او بعيدة المدى تمول نفسها بنفسها للكهرباء ولا تحتاج الا الى دعم محدود قبل بدء وضعها موضع التنفيذ، وبعد وضعها منفصلة عن الموازنة تحال على مجلس الوزراء لاقرارها. وفهم ان الاجتماع الذي عقده ميقاتي عصر امس مع وزير الطاقة والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك خصص للبحث في هذه الخطة.
وغداة الجلسة الأخيرة في السرايا لمجلس الوزراء لدرس مشروع موازنة 2022 وترك مسألة سلفة الكهرباء خارجها ، زار ميقاتي قصر بعبدا للبحث في ملفي الموازنة والكهرباء مع رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد ان كانا اتفقا امس على جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل في بعبدا لاقرار الموازنة في صيغته النهائية.
واعلن ميقاتي على الأثر انه ” ستكون مبدئيا سلفة الكهرباء خارج الموازنة المرسلة الى مجلس النواب. ويجب ان نعتمد اما وجود الكهرباء بشكل دائم ام لا، فالحل المجتزأ واعطاء سلفة في كل مرة على غرار ما كان يحصل خلال السنوات الثلاثين الماضية، هو امر يعارضه الوزراء، نحن نحتاج الى خطة كاملة وواضحة للكهرباء نعلم من خلالها متى ستتوافر 24 ساعة في اليوم، وما هو وضعنا في الوقت الراهن. لقد اتفقنا على ارسال الموازنة الى مجلس النواب من دون مسألة الكهرباء، على ان يتم درس هذا الموضوع في مجلس الوزراء ويرسل من خلال مشروع قانون منفصل الى المجلس النيابي”.
هذه الأجواء “الكهربائية” لم تحجب التحضيرات لجلسة “عادية” دعي اليها مجلس الوزراء الثلثاء المقبل في السرايا وأدرجت على جدول اعمالها ٧٦ بنداً بدا لافتا فيها انها تتناول مختلف الشؤون العامة ولا تنحصر في الاطار المالي والاقتصادي فقط . واكتسب هذا الامر دلالة لجهة انه عكس “تحرر” رئاسة الحكومة من الشرط الذي وضعه الثنائي “امل” –”حزب الله ” لدى عودته عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء بحصر المواضيع التي يبحثها المجلس بملف الموازنة والشؤون ذات الصلة بخطة التعافي الاقتصادي . وهو الامر الذي اثار تساؤلات عما اذا كان الثنائي صار في مرحلة تجاوز شرطه ولاي دوافع وأسباب .
الرسالة الى الأمم المتحدة
في سياق اخر وقبل أيام من وصول الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل ايموس هوكشتاين الى لبنان الثلثاء المقبل حاملا مقاربة جديدة للمفاوضات أرسلت وزارة الخارجية قبل ايام برسالة إلى الأمم المتحدة رفعتها مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة امال مدلي وهي الأولى من نوعها منذ عام 2011 بناء على توجيهات من رئاسة الجمهورية وتمثّل إعلاناً رسمياً صريحاً بنقل التفاوض بشأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخطّ 29، مع الإحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حلّ عادل.
وشددت الرسالة اللبنانية على أنه “رداً على الادعاءات الإسرائيلية، بشأن دورة التراخيص الأخيرة التي أطلقتها الحكومة اللبنانية، لمنح ترخيص للاستكشاف في عرض البحر، والادعاء بأنها تقع في أماكن بحرية اسرائيلية، يؤكد لبنان أن جميع الأعمال المشار إليها تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، وغير القابلة للتنازل عنها”. وأشارت إلى أن ” لبنان يذكر بالحجج القانونية والميدانية الثابتة التي سبق وعرضها، على طاولة المفاوضات غير المباشرة والتي تسمح له بتوسيع نشاطاته الاقتصادية جنوباً”.وأكدت أنه “احترامًا لمبدأ “الخط التفاوضي” الذي لم تتوصل إليه بعد المفاوضات غير المباشرة، لا يمكن الادعاء بأن هناك منطقة اقتصادية اسرائيلية خالصة مثبتة، بعكس ما ادعى الجانب الاسرائيلي بشأن ما يسميه “حقل كاريش”، مما دفع لبنان إلى الاعتراض الرسمي بموجب الرسالة رقم 1120-أ/2021 المؤرخة 18/09/2021 المتضمنة في الوثيقة (812/2021/S–351/76/A) على أي أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها تجنباً لخطوات قد تشكل تهديداً للسلم والامن الدوليين”.
واضافت أن “لبنان يدعو مجلس الأمن إلى مطالبة الجانب الاسرائيلي وجوب الالتزام بما سبق أن طالب به في رسالته المتضمنة في الوثيقة رقم 1085/2021/S المؤرخة 27 كانون الأول 2021، والامتناع عن أي نشاط في المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك منح حقوق لأي طرف ثالث، والقيام بأنشطة استكشافية أو بأعمال حفر او بالمفاوضات غير المباشرة، وتركيز الجهود على الدفع قدماً بالمفاوضات غير المباشرة، كما يدعو جميع الاطراف الثالثة المعنية إلى احترام موقف لبنان المشروع”. وأكدت أن “لبنان ما زال يعول على نجاح مساعي الوساطة التي يقوم بها الوسيط الأميركي، ويؤكد الالتزام بالتوصل إلى حل تفاوضي لمسألة الحدود البحرية، برعاية الامم المتحدة، ما يعني معاودة المفاوضات من حيث توقفت بمعزل عن أي شروط مسبقة سوى الالتزام بالقوانين الدولية المرعية الاجراء. في هذا السياق، نذكر أنه لحينه لم يقم لبنان بأية خطوات إضافية احتراماً لمبدأ الوساطة . كما يحتفظ لبنان بكامل حقوقه، في رفع أية مطالب لاحقة ومراجعة حدود منطقته الاقتصادية الخالصة، كما تنص المادة الثالثة من المرسوم رقم 6433 تاريخ 1 تشرين الاول 2011، إذا فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق التسوية التفاوضية” .
يشار في هذا السياق الى ان مجلس الامن الدولي عقد جلسة تم خلالها البحث في القرارات الدولية بشأن لبنان، وأبدى موقفاً إيجابياً تجاه استئناف عمل مجلس الوزراء اللبناني، وشدد المجلس على ضرورة التحقيق بحوادث الاعتداء على قوات اليونيفيل. ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع الأطراف اللبنانية إلى تنفيذ سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن أي صراعات خارجية، على النحو المنصوص عليه في الاعلانات السابقة، ولا سيما إعلان بعبدا 2012.
-
وكتبت “الجمهورية” تحت عنوان” الداخل بين الصدمات والعصابات.. الانتخابـــات تشعل توترات.. بري لحماية الإنجازات”:المنطق الحكومي الذي يقدّم الإنتهاء من إعداد موازنة السنة الحالية كإنجاز حققته الحكومة في غضون أيام قليلة، لا يحجب حقيقة وجود منطق آخر يغطي المساحة الأوسع من المشهد الداخلي، ولا يتوهّم لحظة في أن هذه الموازنة بمضمونها الرقمي المفتقد لأي وجهة إصلاحية او إنقاذية جدية، ستحرف الأزمة الداخلية عن واقعها المرير، وستملأ بطون الجائعين وسترد اموال المودعين وستسدّ ولو سنتيمترات قليلة في الهوّة الكارثية التي يقبع البلد في أسفلها.
وعلى ما تَشي الوقائع المرتبطة بهذه الموازنة، فإنها ستسلك الاسبوع المقبل طريقها من مجلس الوزراء الى مجلس النواب، لتعهد الى لجنة المال والموازنة، وتنطلق معها في رحلة نقاش وتشريح ودرس تنطلق اعتباراً من النصف الثاني من الشهر الجاري، وتمتد في أقرب تقدير حتى نهاية آذار المقبل، على ان تقرّ في الهيئة العامة للمجلس النيابي خلال النصف الاول من نيسان، أي على بعد نحو شهر من موعد الانتخابات النيابية المقرر في 15 أيار.
ومع إحالة الموازنة الى المجلس النيابي، تعود الحكومة تلقائياً الى استئناف إدارتها للأزمة بالامكانات المحدودة التي تمتلكها، علماً ان اجندة العمل الحكومي محصورة في هذه الفترة باستكمال التحضير لبدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفق مندرجات خطة التعافي المالي التي لم تنجز بعد، وبحسب الوعد الحكومي قد توضع في صيغتها النهائية في غضون أيام قليلة.
مثلّث رعب!
ولكن في موازاة ذلك، يعود المشهد الداخلي العام الى التموضع في ما يمكن تسميته «مثلث رعب»؛ في ضلعه الاول تتبدّى حال من الارتجاج المريب في سوق الصرف، أفضت الى حال من انعدام التوازن المالي والنقدي، أخضع الواقع الاقتصادي المسموم للعبة دولار بمجموعة أسعار تستنزف المواطن اللبناني، ما بين السعر الرسمي، وسعر منصة صيرفة، وسعر البنوك، والسوق السوداء.. وكلها تقود الى مكان واحد، وهو «تشليح» المواطن اللبناني النذر القليل من المدّخرات المتبقية لديه.
وفي موازاة هذا اللغز المحيّر بالاسعار المتعددة للدولار، وعدم تقديم تفسير او توضيح للناس حول حقيقة ما يجري؟ ولماذا هذه الفوضى؟ والى أين يُقاد البلد في ظلّها؟ تتبدّى الجريمة الكبرى والمتمادية التي ترتكب بحق المواطن الذي بات يُسابق لقمة عيشه، ويتعرض لأبشع عملية ابتزاز لم يسبق لأي دولة أن شهدت مثل وساختها، تقوم بها عصابات لا رادع أخلاقياً او انسانياً لها، دأبت منذ بداية الازمة على احتكار الأساسيات ورفع اسعار السلع الغذائية والاستهلاكية الى مستويات جنونية، فيما السلطة التي يفترض أنها حامية لاستقرار المواطن وساهرة على أمنه الاجتماعي، لم تقدّم ولو من باب حفظ ماء الوجه، أي اجراء جدّي يوحي بأنّ الدولة موجودة، وينفّس الغضب المتراكم في صدور المواطنين، ويردع تلك العصابات ويكبح تفلّتها ويزجّها في السجون، ويدفّعها الثمن الباهظ على سياسة الدمار الشامل التي تنتهجها بحق اللبنانيين.
إجتياح وبائي
وفي الضّلع الثاني لمثلث الرّعب، يتحصّن الوباء الكوروني، الذي بلغ ذروة مخيفة جدا في تفشّيه. وأمام حال الاستلشاء والتراخي السائدة في اوساط الناس، يضاف اليه الضعف المفجع في اجراءات الدولة الحمائيّة والوقائيّة، بات هذا الوباء يهدّد باجتياح المجتمع اللبناني بأسره وينذر بكارثة صحيّة يصعب احتواؤها. والمريع في الأمر هو الخفّة في التعامل الرسمي مع هذا الوباء، والهروب من الواقع الى كلام يطمئن بأن الوباء تحت السيطرة، يكتفي بتقديم النّصح للمواطنين، فيما اعداد الاصابات صارت بالآلاف واكبر كثير من ارقام الاصابات التي يتم الاعلان عنها. وهو ما تؤكده مصادر صحيّة لـ«الجمهورية» حيث تقول «ان الوضع الوبائي مأساوي، لا تنفع معه سياسة التسكين التي تمارسها الجهات الرسمية، في الماضي كانت الاعداد تحصى بالمئات، اما في هذه الفترة فالاعداد بالآلاف، والبلد مقبل مع هذا الوضع على بلوغ ارقام مخيفة جدا في عدد الاصابات، حيث لن يطول الوقت حتى تتعالى صرخات المستشفيات وعدم قدرتها على استيعاب الاعداد الهائلة من الحالات المصابة، وهو الأمر الذي يضع الحكومة امام واجب اعلان حالة طوارىء صحيّة مقرونة بخطوات واجراءات بالغة الشدة لِتدارك الأسوأ.
القانون الحالي: أي تغيير؟
أمّا في الضّلع الثالث لمثلث الرّعب، فتتبدّى جبهة سياسية مشتعلة بانقساماتها وتناقضاتها، وتحضّر البلد لصراع انتخابي مرير.
ما هو جليّ في هذا المشهد، هو انّ المكوّنات السياسية على اختلافها باتت متأهبة لخوض الاستحقاق الانتخابي، وأغرب ما في هذه الصورة هو أنّ غالبيّة هذه المكونات المتصارعة تمارس لعبة اكبر منها وتفوق احجامها الطبيعية، وتورّم نفسها الى حد تتوهّم هي، وتوهم الناس، بأنّها الفاعلة والمؤثّرة في لعبة التوازنات الداخلية، والقادرة على إحداث انقلاب يقلب الواقع النيابي رأساً على عقب. فهذه المبالغة في الثقة الزائدة بالنفس، تبدو أقرب الى شيك بلا رصيد، امام قانون انتخابي (القانون الانتخابي الحالي القائم على الصوت التفضيلي، ونسبية محدودة في بعض الدوائر) يفتقد الى الحدّ الادنى من القدرة على تغيير الواقع الحالي، بل لا يستفيد منه سوى القوى التي أعدّت هذا القانون ما يُلغي كل مطلب جدي بالتغيير، وهذه النتيجة المسبقة تؤكّدها كلّ مراكز الأبحاث والدراسات والإحصاءات الإنتخابية الداخلية او تلك التي استعانت بها بعثات ديبلوماسية، حيث التقت جميعها على أن التغيير إن كان سيحصل، فسيكون في أضيق حدوده، وفي دوائر محدودة جدا، بما يسقط كلّ رهان على تغيير جدي او جذري.
الصورة الانتخابية العامة تَشي بمعركة حامية على انتخابات لن تحمل التغيير المنشود. وكلّ الاطراف تشحذ اسلحتها لهذه المعركة. وكل الوقائع المتصلة بهذا الاستحقاق تشي بدورها بأن البلد مقبل خلال فترة الاشهر الثلاثة الفاصلة يوم الانتخابات في 15 أيار، على مزيد من رفع منسوب التوتّر السياسي، خصوصا ان اطراف الانقسام الداخلي باتت على جهوزية تامة للاستثمار على أي عنوان، او اي حدث او تطور داخلي او خارجي وتسخيره في الاتجاه الذي يخدم معركتها الانتخابية.
لا تأجيل.. الا اذا
على أنّ هذه الصورة تتجاذبها فرضية مسلّم بها في مختلف الأوساط الداخلية، بأنّ الفترة الممتدة من الآن وحتى الانتخابات قد تخبّىء الكثير من المفاجآت والوقائع التي قد تفرض نفسها على مسار الإستحقاق الانتخابي ومصيره.
الساحة السنية
وفي هذا السياق، فإنّ النقاش في الأوساط السياسية، وكذلك الاوساط السنية، ما زال يحاول رسم معالم الصورة السنيّة في المرحلة المقبلة، ومن سيملأ الفراغ الذي أحدثه اعلان الرئيس سعد الحريري انسحابه وتيار المستقبل من الحياة السياسية. وبحسب مصادر موثوقة، فإن الساحة السنيّة لم تهضم بعد قرار الحريري، كما انها لم تحتضن بعض الوجوه الجديدة (في اشارة الى بهاء الحريري)، التي عرضت نفسها لتحل مكان سعد وترث تياره السياسي. وبالتالي، فإنّ الساحة السنية ستبقى مفتوحة على شتى الإحتمالات، الى ان يجري تثبيت المرجعية السياسية او الدينية التي ستتصدر المشهد السني في المرحلة المقبلة، من دون ان تغفل المصادر احتمال ان يوكل هذا الدور بصورة رئيسية الى دار الفتوى بقيادة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
إتهامات بالتعطيل؟
واللافت للانتباه في هذه الأجواء، الاتّهامات المتبادلة بتعطيل الاستحقاق الانتخابي، حيث لم يخفِ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اتهامه «حزب الله» بالسعي الى تطيير الانتخابات، ويشاركه في ذلك العديد من القوى السياسية المنخرطة في الخط السيادي. حيث يتّهم الحزب وحلفاؤه بالهروب من الانتخابات خوفاً من الخسارات التي سيُمنى بها هو وفريقه. ذلك أن هدف الحزب هو احباط أي تغيير محتمل للواقع في لبنان، والابقاء على الواقع الحالي الذي يتحكّم به ويسيطر على قرار الدولة، ويبقي لبنان مرهونا لسياساته واجندته الايرانية، وفي عزلة عن العالم، وخصوصا عن أشقائه العرب.
وفي المقابل، يؤكد ثلاثي حركة «أمل» و«حزب الله» والتيار الوطني الحر على اجراء الانتخابات في موعدها، وهو ما سبق ان شَدّد عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبالامس كان رئيس مجلس النواب نبيه بري واضحا في تأكيده على إتمام هذا الاستحقاق في موعده رافضاً التمديد للمجلس النيابي الحالي ولو لدقيقة واحدة.
وشددت مصادر «الثنائي» لـ«الجمهورية» على ما سمّته «بطلان أيّ اتّهام بالتعطيل، فهذا الاتهام محض خيال ولا يستقيم مع الواقع، هدفه فقط الشحن والتوتير السياسي»، مبدية في الوقت ذاته خشيتها من ان اتهامنا بالتعطيل قد يُخفي سعياً الى التعطيل من ذاك الفريق، بعدما تيقن ان الانتخابات ستكشف الاحجام الحقيقية لكل المكونات بعيدا عن اي مبالغات، كما انها لن تحقق له أياً من الشعارات الكبيرة التي طرحها منذ 17 تشرين الاول 2019، واستثمر فيها على اوجاع الناس».
لا تعطيل ولا تمديد
وفي هذا السياق، اكد مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» انه لا يعير اي كلام عن تعطيل للانتخابات اي اهتمام، وأياً كان مصدر هذا الكلام فهو كلام بلا اي معنى، وليس مبنيا على نظرة واقعية للوقائع الداخلية وخصوصا تلك المرتبطة بالاستحقاق الانتخابي، التي تؤكد انّ هذه الانتخابات اقوى من اي محاولة لتعطيلها من أي طرف كان، وستجري في موعدها. والحالة الوحيدة التي يمكن ان تتعطل فيها هي حدوث زلزال. وهذا ما اكدناه لكلّ السفراء والموفدين الى لبنان، الذين قالوا انهم يعانون تشوّشاً في الرؤية جراء تقارير يتلقونها من بعض الجهات الداخلية.
وردّا على سؤال عما يحكى عن ان الانتخابات قد لا تبدل في واقع الحال النيابي الحالي شيئا يذكر، قال المرجع: اصل المشكلة في القانون الانتخابي الحالي الذي تنعدم فيه اي خطوة في اتجاه التغيير والتطوير، وهذا لا يتم الا من خلال قانون انتخابي جديد يحقق فعلا سلامة التمثيل. اما في حالتنا الراهنة، فبمعزل عن النتائج المحتملة لانتخابات ايار، اخشى ان اقول انّ البعض في قرارة نفسه يتمنّى حدوث زلزال يعطل الانتخابات، لإخفاء خسارته، وليُبقي نفسه عائماً في المشهد الداخلي.
اللقاء الديموقراطي
وبرز في هذا السياق ايضاً، تأكيد كتلة اللقاء الديموقراطي بعد اجتماعها برئاسة النائب تيمور جنبلاط امس، على «أهمية إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده من دون أي تأخير او إبطاء وبعيداً عن محاولات عرقلته او تطييره من خلال محاولة إدخال تعديلات على قانون الإنتخاب فيما خص تصويت المغتربين، مؤكدة حق الناس في التصويت لاختيار ممثليهم إلى الندوة البرلمانية بما يحفظ مسار تجديد المؤسسات الدستورية على طريق النضال للحفاظ على الكيان برمّته».
الموقف العربي
وفي وقت ينتظر فيه لبنان الرد الخليجي على الأجوبة اللبنانية على الورقة الخليجية، لا تتوقع مصادر مسؤولة هذا الرد في المدى المنظور. وخلافاً لكل ما قيل فإن المصادر عينها لا تشارك من ذهب الى افتراضات ايجابية قوبلت بها الورقة اللبنانية. وقالت لـ«الجمهورية»: لو انّ هذه الايجابية موجودة بالفعل لكان الرد الخليجي صدر فوراً بالترحيب والبناء عليه بإيجابيات ملموسة على صعيد العلاقات الثنائية بين لبنان ودول الخليج.
واشارت المصادر الى انه على الرغم من انّ مضمون الاجوبة اللبنانية واضح، جاء الموقف الخليجي ليقول انها ستخضع للدرس، وهذا امر يستبطن سلبية، بدأ التعبير عنها في بعض وسائل الاعلام الخليجية، والتي اخذت تتحدث عن انّ اجوبة لبنان ليست بالمستوى المطلوب ولا تستجيب الى مضمون الورقة الخليجية، خصوصاً لتجاهلها القرار 1559 والموقف من «حزب الله» وسلاحه وتدخّلاته في شؤون الدول العربية والاعتداء عليها.
ابو الغيط الى ذلك، قال الامين العام لجامعة الدول العربيّة احمد ابو الغيط «ان لبنان ليس منسيّاً»، الا انه أعرب عن تحفظه «على ما يُثار حول تدخلات عربية جماعية، لأن مثل هذه التدخلّات قد تلحق أذى بأطراف أخرى لبنانية»، إلا انه شدد على الحاجة إلى التحدث مع قيادات لبنان، وكذلك على ضرورة ترك اللبنانيين لإصلاح اوضاعهم الداخلية بأنفسهم.
وعن دور الجامعة العربية، قال ابو الغيط: «إن دورها يقوم على تحقيق التوافق مع ما تطلبه لبنان بما يحقق لها الاستقرار، سواء في ما يتعلق بتقديم الدعم الاقتصادي او غيره.
ورداً على سؤال، أعرب ابو الغيط «عن اسفه الشديد إثر قرار رئيس الوزراء اللبناني الاسبق سعد الحريري اعتزال الحياة السياسية، إلا أنه أكد أن المكوّن السني لديه قوة وتأثير».
-
اللواء عنونت: إصرار باسيل على سلفة الكهرباء يهدّد بتجاذب يعيق إقرار الموازنة..