الجامعة اللبنانية امام تحدي الفراغ الأكاديمي:هجرة أدمغة وإهمال رسمي(محمد هاني شقير)
محمد هاني شقير – الحوارنيوز خاص
تمر الجامعة الوطنية اللبنانية بواحدة من أشد المراحل صعوبة وتعقيدًا، وتتجاذبها عدة مشاكل منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي. ويدفع الثمن بلا أدنى شك الطالب أولاً والأستاذ ثانيًا وبطبيعة الحال المجتمع اللبناني والمقيمون.
ومن ضمن تلك الصعوبات تبرز قضية تفرغ الأساتذة العاملين بالساعة وهي قضية رئيسة أصبح لزاماً على المعنيين وضع حد نهائي لها من خلال إيجاد حلول تلبي المطالب المحقة للأساتذة بغية الاستفادة من جهودهم العلمية والأكاديمية لصقل وتطوير معارف ومهارات الطلاب العلمية.
وفي هذا السياق نظمت اللجنة التمثيلية في الجامعة اللبنانية للأساتذة المتعاقدين بالساعة، لقاءً مع الإعلاميين حول التفرغ عبر منصة Teams Microsoft ظهر اليوم الاثنين، تحت عنوان “التفرغ طريق النهوض بالجامعة والوطن”،حيث قدم كل من الأساتذة:
_ د. جينيفر ليون
_ د. عبدالله محي الدين
_ د. هشام الفلو
_ د. علي غصن
_ د. أيمن أبوحمدان
_ د. رفيق مرهج
رؤيتهم للدور الوطني العلمي الذي يقومون به لأجل المحافظة على هذا الصرح الأكاديمي واستمراريته محافظًا على المستوى الذي يتمتع به منذ نشأته والمخاطر التي تتهدده في هذا الظرف الدقيق للغاية الذي تمر به البلاد.
وأشاروا، في اللقاء الذي شاركت فيه الحوارنيوز، بإسهاب حول كل ما يتهدد الجامعة اللبنانية، وأخطر ما أشارت إليه تلك المداخلات هي أن الجامعة اللبنانية في مسار انحداري، وتنزف هجرة كبيرة من الأساتذة الذين يلتحقون بجامعات في أوروبا ودول الخليج العربي واميركا. وأن بعض هؤلاء ما زالوا يقومون بواجباتهم تجاه الطلبة من خلال الأنترنت ،ولكن لحظة العودة للتعليم الحضوري سيكتشف الجميع كم أن النقص في الكوادر التعليمية كبير، وحينها سيجد الطلاب أنفسهم أمام أساتذة من غير اختصاصاتهم.
وأكدوا أن التعليم الجامعي ليس مجرد محاضرات في القاعات، إنّه ورش عمل بحثية يقودها الاستاذ ويشارك فيها طلابه، وهذا ما يُفضي إلى صقل قدراتهم المعرفية والعلمية،فيخرجون إلى سوق العمل مؤهلين بالمعرفة العلمية والمهارات البحثية.
إن مسلسل إفراغ الجامعة من كادرها التعليمي، وتحديدا الأساتذة المتعاقدين (خصوصًا في كلية العلوم) تحت غطاء التعليم عن بعد الذي بدأ في ظرف إستثنائي في ظل استمرار الجائحة، لتغطية إنهيار الكادر التعليمي للجامعة. هناك جيل من الطلاب قد يتخرج السنة من دون التعلم حضوريًا، وطوال ثلاث سنوات لم يعرفوا يومًا أستاذا ولا زميل دارسة، لا حياة جامعية ولا ذكريات داخل حرم الجامعات اللبنانية كانت وما زالت غير مستعدة لتقديم التعلم الجامعي! في المقابل، جميعنا يعلم أن كل ما يحصل عن بعد بالطريقة الاحترافية المطلوبة نتيجة غياب البنية التحتية اللازمة وتكلفتها الباهظة جدا يعكس قرارًا على صعيد السياسة التربوية بتدمير الجامعة اللبنانية عبر تفريغها من الكادر التعليمي.
وأجمع الأساتذة على أن الاضراب للمطالبة بالتفرغ، ليس مطلباً ذاتياً للاستاذ فقط، بل هو مطلبٌ يصب في مصلحة الجامعة وارتقائها، واول المستفيدين هم الطلاب، حيث سيتوفر لهم التعليم بجودة لا تنافس الجامعات الخاصة فقط، بل تجعلها تلهث خلف الجامعة اللبنانية، إضافة إلى انها تمكّن طلابها من الدخول إلى سوق العمل بكفاءة وقدرة على المنافسة. وتمنوا أن يتمكن رئيس الجامعة من حل هذه المشكلة عن طريق تقديم الملف الى الحكومة لتضع حدًا له بما يخدم الجامعة وطلابها والمجتمع ككل.
وختامًا جرى نقاش مسؤول ومستفيض بين الأساتذة والاعلاميين المشاركين باللقاء أجمعوا كلهم على ضرورة حصول الأساتذة المتعاقدين بالجامعة الوطنية على حقوقهم بغية استمرار هذا الصرح الأكاديمي بتقديم التعليم الأجود للطلاب، وصون حقوق الأساتذة الذين بدونها سيضطرون إما للهجرة أو للبحث عن سبل حياة كريمة غير هذه التي يتخبطون فيها.