مؤشرات ترجّح تولي الحريري رئاسة الحكومة المقبلة في لبنان
د .جواد الهنداوي *
من بين المؤشرات قرار المحكمة الدولية الخاصة في لبنان، والذي صدرَ في لاهاي بتاريخ ٢٠٢٠/٨/١٨ .
فاجأت المحكمة الجميع بقرار متواضع ، و محل نقاش واعتراض قانوني وسياسي،ويتلخص في إدانة مواطن لبناني، هو الحاج سليم عياش.
كان القرار مُخالفاً لحسابات البعض، ومُخيباً لآمالهم ، وهذا البعض من الداخل ومن الخارج.وحرّرَ القرار الشعب اللبناني من فتنة طائفية، وحرّرَ نجل الشهيد، السيد سعد الحريري ، من أعباء وهموم وتداعيات وقوع الفتنة. اصبحَ الآن اتهام حزب الله والدولة السورية في ارتكاب الجريمة من الماضي، بل ومن اخطاء الماضي، وأصبح المتربصون لتوظيف القرار حائرين ، الامر الذي يوّسعُ باب التواصل بين الحريري و مَنْ بقى معه من تياره ، مع حزب الله وحلفائهِ .
ستترسّخ ثقة الحريري بخصوم الامس ، وسيتذكّر الحريري مواقف حزب الله ، وخاصة جهود الأمين العام للحزب ،سماحة السيد حسن نصر الله ، في نُصرته و دفاعه عنه حين طالت اقامته في المملكة العربية السعودية في عام ٢٠١٧ .
سيبدأ الحريري مشواره السياسي برغبة و بارادة بعد ما أُسدلَ الستار على فصل المحكمة الدولية . لن يتردد الحريري من الاعتماد على دعم قوى ٨ أذار عند سعيه لترأس الحكومة الجديدة .
لقاءات الرئيس ماكرون ،عند زيارته لبيروت ، مع السيد محمد رعد ، رئيس كتلة الوفاء في مجلس النواب، والرسائل الإيجابية التي بعثها الرئيس ماكرون لقيادة حزب الله عوامل تطمئن السيد الحريري في مسعاه نحو الاعتماد على دعم قوى ٨ آذار في قبول ترأسه الحكومة .
فرنسا و كذلك قوى الثامن من آذار يسعون الى حكومة وحدة وطنية ،الى حكومة تضّمُ الجميع وتمثل اوسع مساحة سياسية في لبنان ، و ذلك ممكن إنْ حظي المكوّن السني في لبنان بمرشح بأسمهم ويمثلهم ، و اعتقد السيد الحريري هو الذي يحظى بمقبولية وتمثيل المكوّن .
لن تمانع ،كما اعتقد ، الإدارة الامريكية من ان يكون الحريري رئيساً للوزراء ،رغم استياءها منه ، و ابدت الإدارة الامريكية مرونة في مواقفها تجاه لبنان لثلاثة اسباب: كارثة المرفأ وتداعياتها، ورضا و قناعة الإدارة الامريكية بدورها في العراق وبرئاسة الحكومة في العراق ، وهذا الامر يُريح كثيراً الولايات المتحدة الامريكية ويغمرها بشعور الكاسب و المنتصر ، وحياديّة ايران و مواقفها تجاه التغيير الحكومي في لبنان كما في العراق .
لن ترضى المملكة العربية السعودية بأنْ يكون الحريري على رأس الحكومة المقبلة، ولكن لا تملك اليوم تأثير الامس في المسرح السياسي اللبناني، لقيام المنافس التركي بالاستحواذ على قسم من الانصار ، وخاصة في طرابلس ، ولتذمّر "المملكة" من قيادي قوى ١٤ آذار ، بالإضافة الى انشغال "المملكة" بحرب اليمن وبالمشهد السعودي والإقليمي والدولي بعد الانتخابات الامريكية ، واحتمال خسارة الرئيس ترامب .
سيكون الحريري ممثلاً للمكوّن السني ، وليس بالضرورة ممثلاً لقوى ١٤ آذار او مدعوماً من جميعها .
سيحظى بدعم المكوّن السني وبدعم قوى ٨ آذار و بتوافق دولي ( فرنسي امريكي ).
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل