طلال الامام / ستوكهولم
أزعم أن كل من زار موسكو، طالباً للعمل أو سائحاً في سبعينات أو ثمانينات القرن الماضي عرّج على مخزن عالم الاطفال (ديتسكي مير) وسط العاصمة وليس ببعيد عن الساحة الحمراء.
في ذلك المخزن المتعدد الطوابق من الممكن شراء العاب اطفال، احتياجات السباحة، الاحذية، ثياب لمختلف الاعمار بأسعار مناسبة للجميع، بل كانت ألبسة وألعاب الاطفال مدعومة من الدولة السوفياتية ورخيصة جداً مقارنة بأسعار احتياجات الاطفال في البلدان الاخرى. عندها كان من المستحيل أن تجد في هذا المخزن أو سواه لعبة حربية (بندقية، دبابة، طائرة أو سفينة حربية أو البسة عسكرية حتى للعب) .
كانت المعروضات مخصصة لتنمية القدرات الذهنية للطفل أو لتمضية أو قات الفراغ أو للألعاب الرياضية وغيرها.
الاسعار كما ذكرت رخيصة للغاية وبمتناول الجميع.
لكن لماذا أقول ذلك الان؟
مررت اليوم صدفة قرب احد المخازن الكبيرة في ستوكهولم، وشاهدت في واجهاته وبشكل يجذب المارين دعاية لشركة ليغو الدانماركية التي تأسست عام 1932 واسمها مشتق من الكلمة الدانماركية lego godt /العب جيداً.
الشركة مشهورة عالميا بإنتاج ألعاب لمختلف الاعمار مكونة من قطع بلاستيكية يقوم الطفل بتركيبها ليحصل على اشكال مختلفة: بيوت رافعات، سيارات، حدائق وما الى ذلك.
الملفت في معروضات اليوم الدعاية لسلسلة العاب جديدة تحت مسمى “حرب النجوم” : دبابات، طائرات حربية، ناقلات جنود ومختلف صنوف الاسلحة الخفيفة، المتوسطة والثقيلة وأشكال مخلوقات قميئة (تنمية ثقافة القبح ) ….
تأملت الدعاية ملياً وقفزت للذاكرة صورة مخزن العاب الاطفال في موسكو والفارق بينهما. العاب مدروسة تربوياً تحاكي عقل الاطفال وتنمي قدراته الذهنية …. لا تشجع على استخدام السلاح أو تربيته على العنف بإستخدام العاب حربية. نعم ثمة عالمان بغض النظرعن المسميات واحد يربي الطفل على حب السلام والطبيعة والابداع ،وآخر يربيه على العنف، الحرب مستخدما أسلحة متنوعة حتى وإن كانت على شكل العاب! ومازال البعض يتساءل عن الدافع لدى بعض الشباب الامريكي / الاوروبي للذهاب بعيداً عن بلاده للقتال، وليس بين بلاده وتلك البلدان نزاع على أرض أو احتلال؟
انها تربية ايها السادة… تربية أجيال ومنذ الصغر على الحرب، العنف واستخدام السلاح ضد عدو وهمي هم أوجدوه وتم تمريره لهم على شكل ألعاب تحاكي الغرائز وليس العقل.
تُباً لمشعلي الحروب تحت اية يافطة جاءت.
زر الذهاب إلى الأعلى