د. نظير جاهل* – الحوارنيوز خاص
لقد ثبت أن الغرب لن يصدّر لنا نموذجه “الديمقراطي” السلطوي لأنه يقوم بالاصل على تفكيك خارجه واستتباعه، وتبيّن زيف الدعوات الاورومركزية وماركسية “النمط الآسيوي ” وعالمية أدبيات التنمية وحقوق الإنسان وكذلك هشاشة فكر النهضة ..
وكما دار الصراع المسلح ضد المستعمر خلال مئات الأعوام من الجزائر إلى أفغانستان على أرض الاسلام ، لن يُواجه الاستبداد المحلي المغطّى بإنحراف طلائع الاسلام السياسي الا على أرض الاسلام نفسه، وذلك بنفض تراثه السلطوي وبلورة معايير الجماعة القائمة على أساليب التآلف بالنصيحة والإرشاد والتضامن القرابي..
والمواجهة بين هاتين الوجهتين قائمة اليوم فعلاً في الحقل السياسي الإسلامي :
فكما أن مسألة الاستبداد ودور الشعب والفقيه في الولاية وموقف الإسلام من الخروج على حقل التوازنات السلطوية العالمية ومن استقلالية الدول والاوطان وتنوع الاقوام مطروحة بحدة على أرض التشيع بين السلطة في إيران على ارضية ولاية الفقيه و بيت المرجعية الإسلامية العليا في النجف الاشرف ،
فإن الحدث الأفغاني الذي أكد عجز النموذج السلطوي الغربي وزيف عالميته من المرجح أن يحرر التسنن من صورة الإرهاب الذي أسقطت عليه وأن يقوده إلى مراجعة نفسه .
وبالفعل فإن استمرار أي حركة إسلامية سياسية بممارسة عنف السلطة الحديثة معكوساً “بالإرهاب” وعنف الاستبداد التراثي في تاريخ الاسلام وعنف المذابح المذهبية واضطهاد أو تهميش الأقليات الدينية بعد تحولها إلى دولة ،سيعني خضوعها لحقل السيطرة الدولية الذي يؤدي حكما إلى استهلاكها وزوالها …
ومن هنا يبدو تصوير ما جرى في افغانستان كمجرد مسرحية إنكاراً للواقع،انكار أن نموذج طلائع المجتمع الدولي والمدني قد انتهى معلقاً بالمروحيات الأميركية وأنه علينا تدبر أمرنا لإعادة صياغة نموذجنا التوحيدي المنفتح المستقل.
*باحث واكاديمي- لبنان