جريمة خلدة والخوف من امتدادها(حيدر شومان)
بقلم حيدر شومان
لا شك أن الجريمة التي وقعت في خلدة بالأمس كان يمكن أن تخرج عن السيطرة وتمتد إلى مناطق أخرى ويسقط ضحايا أكثر وينهار الوضع بشكل أسوأ ،ولكن الحكمة في المعالجة وكظم الغيظ وترك سبل الحل بعهدة الجيش والأجهزة الأمنية حالت دون ذلك… والمراقب بعين الحذر لم يبدُ منه كبير استغراب لما حدث، فما يجري في لبنان منذ حوالي السنتين يؤشر إلى حوادث أمنية لا بد أن تقع، وذلك كانعكاس أو ردود أفعال للانهيار الحاصل في كل الصعد والتي جعلت من الكثيرين، عن حق أو باطل، قنابل موقوتة تترقب اللحظة المناسبة لتنفجر، وما أكثر اللحظات المناسبة التي يعيشها المواطن اللبناني مع كل يوم جديد… وأن تقع جريمة ثأر (أو أي عنوان آخر) لهو أمر لم يعد مستهجناً في بلد يرزح فوق فوهة بركانية اجتماعياً واقتصادياً ومالياً وما إلى ذلك، لكن المستهجن ألا يرافق التشييع مواكب أمنية في منطقة ساخنة وبتوقيت معروف لدى الجميع. فهل المطلوب أن تشتعل المنطقة وتمتد تردداتها إلى مناطق ساخنة أخرى (وما أكثرها) لتستيقظ الفتنة المذهبية التي سعى الكثيرون لتركها نائمة في مهدها؟ وهل الحوادث الأمنية سبيل يراد لإكمال المخطط المتبع وهو إغراق اللبنانيين بحرب تسقط كل إرادة الصبر التي ما يزالون يتحلون بها مع جسامة الأوضاع من حولهم؟
وما يقلق في هذا المأزق الحاصل قيام بعض السياسيين عديمي الخبرة والوعي (النائبة رولا طبش مثلاً) بتصريحات غبية غريبة مستفزة وكأنها تحرك الجمر من تحت الرماد أو كأن الضحايا الذين سقطوا لا ينتمون إلى هذا الوطن ومجتمعه.
من السهل إيقاظ الفتنة السنية الشيعية (كما أية فتنة أخرى) في لبنان، لأننا شعب غارق في الشعبوية والطائفية والمذهبية والمناطقية، وما حدث بالأمس من الممكن حدوثه في أية منطقة أخرى، وخصوصاً كل الطرق المؤدية إلى الجنوب، والتي يعمل بعض المندسين على إقفالها بمزاجية في أكثر الأحيان لعلمهم بمدى أهميتها وحساسيتها، ونستغرب كيف أن القوى الأمنية لا تسعى لحل لهذه المعضلة التي طال أمدها.
لا شك أننا في ظروف استثنائية قاسية على جميع الصعد، والمطلوب تحرك استثنائي من الأجهزة الأمنية كافة، فإن المتربصين كثر سواءً في الداخل أو الخارج، وأي قصور أو تقصير سوف يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. كما على السياسيين الذين لم يكفهم نهباً وتدميراً للبلد وخيراته ألا يشعلوا صدور الناس بتصريحات ساخنة تحريضية، إذ ليست المرحلة الراهنة وسيلة لكسب أوراق سياسية من هنا وهناك، ولا دعايات انتخابية توظف لما سيأتي.