إقتصاد
الدعم مؤامرة استنزفت الخزينة واحتياط مصرف لبنان وأفلست البلد
كتب د.عماد عكوش
بدأت سياسة الدعم منذ العام 1991 يوم أرتضت الدولة اللبنانية ومؤسسة كهرباء لبنان تحصيل فواتير الكهرباء وفقا لشطور تبدأ من 35 ليرة لبنانية للشطر الأول ، 55 ليرة لبنانية للشطر الثاني ومن ثم زيادة الشطور بشكل نسبي حتى الشطر الخامس .
ماذا يعني التسعير على سعر 35 ليرة للشطر الأول ؟
أن كلفة الكيلواط الواحد وفقا لأخر تقديرات من قبل وزارة الكهرباء وبشكل متوسط يبلغ حوالي 14 سنت، أي ما يعادل على سعر الصرف الرسمي 210 ليرة لبنانية ، ما يعني دعما بما قيمته 175 ليرة لبنانية لكل كيلواط وهو يعادل ما نسبته 500 بالمئة ، أما اليوم وعلى سعر صرف السوق السوداء فتبلغ كلفة الكيلواط حوالي 1400 ليرة لبنانية، أي أن الدعم لكل كيلواط يبلغ حوالي 1365 ليرة لبنانية ، أي ما نسبته حوالي 3900 بالمئة .
بلغ حجم الدعم لمؤسسة كهرباء لبنان منذ العام 1991 حوالي 40 مليار دولار مع الفوائد، وهو يعادل حوالي نصف الدين العام اللبناني تقريبا ، أما من يستفيد من هذا الدعم فسنأتي على ذكره لاحقا .
في بداية الأزمة المصرفية في نهاية العام 2019 وارتفاع سعر الصرف للدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية ،عمد حاكم مصرف لبنان الى تثبيت سعر صرف الدولار الرسمي على سعر صرف 1515 ليرة لبنانية وتمويل مستوردي السلع الأساسية ولا سيما المحروقات ، الطحين ، الأدوية والتجهيزات الطبية على سعر الصرف الرسمي ، فيما موّل مستوردي السلة الغذائية على سعر المنصة البالغ 3900 ليرة لبنانية ، وقد بلغت كلفة هذه السلع حوالي 600 مليون دولار أميركي شهريا وبشكل وسطي ، وهذا يعني كلفة سنوية حوالي 7.2 مليار دولار ، أي ما يعادل فرق أسعار على الليرة اللبنانية حوالي 61.2 ألف مليار ليرة لبنانية ، وهي كلفة باهظة تحملتها الدولة اللبنانية عن كل المقيمين على الأرض اللبنانية سواء اللبنانيين أو غير اللبنانيين ، وكانت نسبة أستفادة غير اللبنانيين حوالي 20 بالمئة تقريبا رغم أن نسبتهم كأعداد تبلغ حوالي 35 بالمئة من أجمالي المقيمين، ولكن نظرا لطبيعة سكنهم ومعيشتهم فهم أقل أستهلاكا” .
من الذي أتخذ قرار الدعم ؟
عام 1996 وبعد قدوم رفيق الحريري أصر على دعم الكهرباء رغم أن الظروف في وقتها كانت تسمح له برفع الأسعار على الشطور الثلاثة الأعلى لوقف العجز في المؤسسة، لكن يبدو أن هناك من كان يخطط لأفلاس المؤسسة لوضع اليد عليها كمؤسسة مفلسة، وبالتالي شراؤها بأبخس الأسعار ، واستمر الدعم لغاية اليوم لهذه المؤسسة مع فشل كل من تعاقب عليها من وزراء ومديرين عامين في تأمين التوازن فيها أو من رفع السعر لتأمين هذا التوازن تحت ضغط السلطة التي لم تكن تريد ذلك ،وقد استفاد من هذا الدعم وبشكل كبير وأساسي الفئات التالية :
– المدن التي كانت تتزود بالكهرباء 24/24 .
– القرى التي صنفت سياحية والتي كان يتم تزويدها بالكهرباء 24/24 .
– معامل الأسمنت والتي من المعروف أنها تحتاج لكميات من الكهرباء كبيرة .
– المنتجعات ، الفنادق ، والمطاعم ، المصارف ، شركات التأمين ، الشركات والمعامل المختلفة ، والقصور والمنازل الفخمة .
– المخيمات الفلسطينية التي لا تدفع إلا القليل منذ أكثر من عشر سنوات .
– مخيمات النازحين السوريين .
أما قرار دعم السلع الأساسية فكان من قبل حاكم مصرف لبنان، لكن هل لنا أن نصدق أن مثل هكذا قرار أستراتيجي يمكن أن يصدر فقط عن الحاكم ، وأين دور الحكومة والمجلس النيابي في ذلك ، وهل الدول الكبرى والأمم المتحدة بعيدة عن هذا القرار والذي له مخاطر كبيرة على وجود النازحين واللاجئين على الأراضي اللبنانية والتي بلغت كلفتهم من الدعم حوالي 12.24 ألف مليار ليرة لبنانية فقط من دعم السلع الأساسية والسلة الغذائية خلال العام 2020 ، تضاف أليها طبعا كلفة الكهرباء والبنية التحتية والتي تكلف لبنان حوالي 2 مليار دولار سنويا ، ثم اليوم يقوم بعض الساسة اللبنانيين بتقديم رشوات، ساعة للعائلات الأكثر فقرا ، ساعة للسائقين العموميين ، ساعة لأهالي طلاب المدارس الرسمية ، واليوم للعسكريين وذلك للحفاظ على ولائهم ، هل هكذا قرار كان يمكن أن يمر لولا القبول الدولي ولربما الضغط الدولي على حاكم مصرف لبنان للقيام بهذه الخطوة والتي أدت الى أفلاس البلد واستنفاذ أحتياطات مصرف لبنان من العملة الصعبة ، فيما كان يمكن دعم العائلات اللبنانية بكلفة صفر تقريبا ، فهل وصل المخططون الى مبتغاهم ؟
عماد عكوش