الإغتراب على خطي المواجهة بين بعبدا وبكركي
الحوارنيوز – خاص
بين بعبدا وبكركي مسافة لا تتجاوز 23 كلم كخط سير طبيعي، لكنها على ما يبدو تجاوزات السنوات الضوئية، مرورا بعوالم الإغتراب حيث احتشد اليوم في “القصرين” رموز لمؤسسات إغترابية ليست بعيدة، في شكلها ومضمونها، عن سائر المؤسسات التمثيلية من حيث حجم ونوع التمثيل الإغترابي، وحولها ينقسم الإغتراب، حالها حال بكركي وبعبدا!
إلى قصر بعبدا حضرت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم برئاسة عباس فواز، وإلى بكركي زحفت “المؤسسة المارونية للانتشار” برئاسة المهندس شارل الحاج.
وإذا كانت زيارة الجامعة الثقافية الى بعبدا أمرا طبيعيا، وهي المؤسسة الإغترابية التي تقدم نفسها كإطار وطني إغترابي جامع، إلا أن زيارة بكركي لا تخلو من تحشيد طائفي يسهم بمزيد من سوداوية المشهد اللبناني لدى المغتربين.
المغتربون كما المقيمون لا هم لهم غير تأليف حكومة جامعة من أصحاب الإختصاص والكف النظيف المشهود لهم بعملهم وخبرتهم ووطنيتهم، أما الإصطفاف وراء هذا الطرف أو ذاك فلا يعنيهم ولا يظنن أحد أن خبر الزيارتين سيكون موضع إهتمام الإغتراب الذي يبحث عن أمواله المهدورة في أقبية الفساد الداخلي، وقبل ذلك فالإغتراب يرى في المشهد اللبناني سبباً يزيد من غربته ووحدته ويبعد المسافة بينه وبين الوطن.
وفد بعبدا سمع كلاما جميلا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن “السعي “لتأليف حكومة ليتمكن لبنان من خلالها التفاوض مع المؤسسات المالية التي أبدت رغبتها بمساعدته”، معتبرا ان “بإمكان اللبنانيين المنتشرين مساعدة وطنهم عبر انشاء مؤسسات فيه وخلق فرص عمل لشبابه للحد من رغبتهم بالهجرة نتيجة الأوضاع الراهنة”.
كلام تعوزه الإرادة والمبادرة لفتح باب الحلول المستعصية.
وفد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ضم الى جانب فواز: النائب الأول له جهاد الهاشم، ونواب الرئيس ايرين البرخت شامي، علي النسر، جميل راجح ومحمد الجوزو، والأمين العام المساعد بسام حداد والمستشار القانوني فرانسوا العلم.
وحضر اللقاء وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتورأنطوان شقير والمستشاران رفيق شلالا واسامة خشاب.
وبعد كلمة لفواز، رد الرئيس عون مرحبا بالوفد، ولفت الى ان “الأزمات التي يمر بها لبنان متراكمة منذ ثلاثين عاما”، مشددا بشكل خاص على “الازمة الحكومية والازمة المالية الكبيرة التي تضرر بنتيجتها المقيمون كما أبناء الجالية في الاغتراب”، مشيرا الى ان “تأثر الازمة المالية بنتائج الحرب على سوريا بعد اغلاق معابر لبنان الحدودية وقطع تواصله مع الدول العربية، فضلا عن نزوح حوالى مليون و850 الف سوري ما شكل عبئا كبيرا على لبنان”.
وقال: “اضيف الى كل هذه الازمات جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت. ونحن نسعى حاليا لتأليف حكومة لنتمكن من خلالها من التفاوض مع المؤسسات المالية المستعدة للمساعدة، لا سيما وان لبنان بأمس الحاجة لهذه المساعدة من قبل هذه المؤسسات ومن قبل أبنائه المغتربين الذين بإستطاعتهم انشاء مؤسسات وخلق فرص عمل للشباب اللبناني للحد من رغبتهم بالهجرة نتيجة الأوضاع الراهنة. واملنا كبير في ان يبادر لبنانيو الاغتراب الى المساعدة، ما يزيد ارتباط المقيمين بارضهم. كما نحاول إعادة البناء وتنمية القطاعات قدر الإمكان، وقد تمكنا من تنمية القطاع الزراعي أخيرا ما ضاعف انتاجه”.
وشدد رئيس الجمهورية على “أهمية العمل على تعزيز وحدة الجامعة”، آملا في ان “تتمكن الحكومة المقبلة ووزارة الخارجية من زيادة التعاون بين اللبنانيين المنتشرين”، مؤكدا “ضرورة المحافظة على هذا الوطن الكوني لوجود الطاقات اللبنانية على امتداد القارات”.
وإذ أكد حرصه على “تمثيل الطاقات الاغترابية في المجلس النيابي، وهذا ما سعينا لاجله”، تمنى على أعضاء الوفد “زيارة لبنان دوريا ما يعزز الارتباط بين اللبنانيين المنتشرين والوطن الام”.
وعلى المقلب الآخر استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي وفدا من “المؤسسة المارونية للانتشار” برئاسة المهندس شارل الحاج الذي نقل إلى البطريرك الراعي اتصالات التأييد لمواقفه الواردة الى مقر المؤسسة في بيروت، من ابناء الجاليات اللبنانية في مختلف عواصم العالم، المعربة عن ثقتها بخياراته التي تطلب في الوقت نفسه التزود بتوجيهاته لكي يحملوا قضية لبنان كما يراها الى جميع المحافل الدولية التي ينشطون فيها.
الحاج
وقال الحاج بعد اللقاء: “لعلها مجرد صدفة أو هو تدبير من العناية الإلهية التي لم تتركنا طوال تاريخنا، أن يتزامن عيد مار يوحنا مارون مع انتفاضتكم السلمية الإنسانية على واقعنا الصعب وتحدياتنا الهائلة. لكأن على كل بطريرك، الأب والرئيس، أن يواجه في زمنه المخاطر الماثلة المهددة للحرية وللإيمان بالله على طريقتنا”.
أضاف: “لقد كان يوم السبت في السابع والعشرين من شباط يوما مفصليا ستؤرخ بدءا منه الأحداث والتواريخ والمنعطفات الرامية إلى إنقاذ لبنان من سبعة عشر خطرا ومشكلة وتحديا طلبتم من اللبنانيين ألا يسكتوا عنها بعد اليوم، وستتذكره الأجيال على أنه الحدث-المؤسس لانطلاق مسار تحرر لبنان من قيود الماضي وأزمات الحاضر، وإعادته إلى مكانه الطبيعي في قلب العالم المعاصر والمتحضر والمنافس على تقديم أفضل نوعية حياة لسكانه وزواره”.
وتابع: “أشعلت مواقفكم قلوب اللبنانيين في الداخل والخارج وتفاعلت كلماتكم في وجدانهم، فانبروا يسألون عما يجدر القيام به لمواكبة رؤيتكم. الزملاء في لبنان، وفي مكاتب المؤسسة المارونية للانتشار السبعة عشر الحاضرة في جهات العالم الأربع، وبخاصة في عواصم القرار، اتصلوا واضعين أنفسهم بتصرف غبطتكم، وجميعهم من الحريصين على أن تبلغ السفينة بقيادتكم شاطئ الآمان، ومتسائلين عما تريدون منهم، غبطتكم.
وختم: “طلب منا البطريرك نشر المبادرة التي اطلقها السبت الماضي بين صفوف المنتشرين في الخارج”، داعيا إلى “الالتفاف حولها لأنها بمثابة انتفاضة سلمية ستحررنا من قيود الماضي وازمات الحاضر”.