إقتصاد

وثيقة من العام 1994:هكذا أُغرِق لبنان بالديون وسقط في الهاوية

كتب محمد هاني شقير:

بتاريخ ٢٩ ايلول ١٩٩٤ ورد في صحيفة “السفير” ما يمكن اعتباره وثيقة تاريخية يضع في خلالها الرئيس حسين الحسيني يده على الأسباب الحقيقية التي أفضت الى الهاوية الاقتصادية التي وصل لبنان إليها، حيث يحدد فيها بدقة، كيف كانت الطبقة السياسية الحاكمة بالتكافل والتضامن مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تأخذ بيمينها ما تقترضه بيسارها بطريق ملتو  ومشبوه.

فمن جهةٍ يستدين لبنان القروض بفوائد تفوق العشرة بالمئة بينما الفوائد العالمية أقل من ٦ بالمئة، يجري هذا في حين أن المصرف المركزي يديّن المصارف بفوائد ٣ بالمئة من كتلة نقدية تفوق المليارين ونصف مليار دولار اميركي! وتكتمل فصول الفضيحة عندما يؤكد الحسيني أن هذا القرض يجري تمويله من أموال شركة “سوليدير” المحولة الى الخارج! ويعلق الحسيني متسائلاً: “هل هناك اوضح من هذا، من أن الغاية انما هي اغراق لبنان في الديون، وتكبيله ومنعه من الحراك اثناء تحويل اللبنانيين الى شعب من الجياع والفقراء، وفي مقابلهم واحد وحيد من الاغنياء يا للهول؟ بل يا للعار ».

وتنهي الوثيقة المرفقة بسؤال يطرحه النائب حبيب صادق عبر مجلس النواب، يطلب فيه ان تجيب الحكومة بدقة عن حجم الدين العام وجميع مترتباته، بغية أن يعرف الشعب اللبناني حقيقة وضع بلده الاقتصادي.

فماذا جاء في الوثيقة/الإدانة؟

ارتفع حجم اصدار السندات بالدولار الأميركي الى 400 مليون دولار بعد أن كان مقررا أن يكون 150 مليون دولار ، الى أن فاجأ الرئيس رفيق الحريري الصحافيين باعلانه رفع الاصدار أمس الى 300 مليون دولار ،ولكن مؤسسة “ميريل لينش” اعلنت أمس رفعه الى 400 مليون دولار نظرا الى ضخامة الطلب عليه. وقد اعلن حاكم مصرف لبنان ریاض سلامة انه حتى مع زيادة الاصدار لم تتم تلبية اكثر من 60 في المائة من الطلب. وهناك علامات استفهام في الاسواق المالية في لندن عن قانونية زيادة هذا الإصدار، اذ أن القوانين المالية تجبر المدين على التصريح عن غرض استعمال القرض ،وقد أشارت مؤسسة ميريل لينش ومصرف لبنان في الكتيب الخاص بالاصدار الى أن صرف قيمة الاصدار ستكون حسب ما اقره المجلس النيابي في المرسوم ٢٦٤ الصادر في ١٢ تموز ۱۹۹۳ والمنشور في الجريدة الرسمية عدد ۲۸ الصادرة في ١٥ تموز ۱۹۹۳. وينص المرسوم على استعمال الأموال التي حددت بحد اقصى ١٥ في المائة من مليار وتسعمائة مليون دولار للبنية التحتية والطرق الدائرية وانماء الضواحي. ويكون الحد الاقصى حسب المرسوم تحت سقف 300 ملیون دولار. وقد رفع مصرف لبنان حجم الاصدار الى 400 مليون دولار من غير الرجوع الى مجلس النواب لاخذ الصلاحية ،ومن المعتقد حسب رأي بعض الخبراء أن الحكومة ستعلل الـ ١٠٠ مليون دولار الاضافية بانها لتمويل صندوق المهجرين الذي سمحت لنفسها باستقراض ٥٥٦ مليون دولار من أجله .وهناك انتقاد من بعض الخبراء المحليين بان نسبة الفائدة العالية المتمثلة 10%   على ۳ سنوات قد تكون سابقة للبنان يتعود عليها المستثمرون كتوقع عائد على الاستثمار اللبناني، وقد يكون من الصعب على لبنان القدوم الى الأسواق في وقت لاحق بفائدة اقل.

الحسيني

وكان الرئيس حسين الحسيني وصف الاكتتاب بسندات الخزينة بالدولار الأميركي بانه فضيحة الفضائح، واعتبر ان اغراق لبنان واللبنانيين بالديون قد قطع شوطا کبیرًا.

قال الرئيس الحسيني في تصريح له  حول موضوع الاكتتاب بسندات الخزينة بالدولار الاميركي وزيارة الرئيس رفيق الحريري الى لندن: « هذه فضيحة الفضائح. هذه فضيحة فضائح هذا الشخص. فالاستتباع الشخصي لمراكز الإدارة العامة، بدأت نتائجه على كل صعيد. واغراق لبنان واللبنانيين في الديون، قطع شوطا كبيرا في هذه الفضيحة. يذهب الشخص بالامس الى الـ “ميريل لنش” ، ليستدين باسم لبنان ۳۰۰ مليون دولار أميركي نقدا وعدا وبفائدة  عشر ة  في المئة، وكدين خارجي. وبرفقة من؟ برفقة حاکم مصرف لبنان حاليا «وعميل الميريل لنش» سابقا، وقبل استقدامه واستتباعه للشخص بصفة حاكم مصرف لبنان، وطبعا مع كامل الجوقة. وتزداد الدهشة عندما نعلم بان الفائدة العالمية لا تتجاوز ال ٦ في المئة.

اضاف بالقول: وتتحول الدهشة الى صراخ من الاعماق لدى اللبنانيين عندما يتضح ان مصرف لبنان يملك من المال بالعملة الأجنبية ما يفوق المليارين وخمسمائة مليون دولار اميركي، يودعها في المصارف المحلية بفائدة تقل عن ٣ في المئة . وتكتمل حلقات الفضيحة عندما يعلم الجميع ان اموال اللبنانيين في الاكتتاب النقدي في “سوليدير” هي التي يتم تحويلها الى الخارج ، وتوظيفها في هذا الدين الخارجي ، فهل هناك اوضح من هذا ، من أن الغاية انما هي اغراق لبنان في الديون ، وتكبيله ومنعه من الحراك اثناء تحويل اللبنانيين الى شعب من الجياع والفقراء، وفي مقابلهم واحد وحيد من الاغنياء يا للهول؟ بل يا للعار ».

صادق

 من جهة ثانية، وجه النائب حبيب صادق سؤالا الى الحكومة بواسطة رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن حجم الدين الخارجي بدقة .

وهنا نص السؤال: في الوقت الذي تتكاثر فيه اسئلة الناس والمعنيين حول الدين الخارجي تتضارب فيه اقوال بعض المسؤولين حول حجم هذا الدين.

فدفعا لأي التباس، ورغبة في الوقوف على حقيقة الأمر، وتمكينا لنا في الإجابة الصحيحة على اسئلة المواطنين، نتقدم من الحكومة بالسؤال التالي:

ما هو حجم الدين الخارجي بدقة؟ على رجاء أن يأتي الجواب مفصلا التحديد وفقا للترتيب التالي؛

1) عدد عقود الاقتراض التي ابرمت لتاريخه مع تعيين الأطراف المقرضة.

۲) سقوف الالتزامات الناجمة عن هذه العقود.

٣) اغراض الاقتراض المختلفة.

٤) ما تم سحبه من قبل لبنان الى آخر تاریخ.

٥) مهل الدفع ونسب الفوائد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى