أنيس النقاش الذي لم يسقط حيث كان يريد..
لم يسقط أنيس النقاش حيث كان يجب وحيث كان يريد ،شهيدا على جبهة من جبهات النضال التي كرّس حياته لها.
المناضل العنيد الذي نذر حياته لقضايا لبنان والعروبة وفلسطين والإسلام والعدالة ،والمفكر السياسي الذي ملأت شهرته الآفاق لأكثر من أربعة عقود ،قهرته الكورونا ،فرحل في عاصمته الثانية دمشق التي أحبها كما أحب بيروت وطهران.
رحم الله أنيس النقاش ،سوف يفتقده الكثيرون الكثيرون ،محبين وأصدقاء ورفاق درب،وسوف يفتقده المشاهدون والمستمعون والقراء عبر الشاشات وأثير الإذاعات وصفحات الكتب والصحف والمواقع الألكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ،وقد ملأها ضجيجا بحماسه وصراحته وشفافيته التي لم توفر ظالما أو مغتصبا لحق.وحدها “إسرائيل” وحلفاؤها الإقليميون والدوليون سوف يسعدهم غياب أنيس النقاش،وفي ذلك شهادة نظيفة يحملها الى آخرته هذا المناضل الشريف.
لقد خسرت بيروت إبنها أنيس النقاش المحلل السياسي والمفكر والمناضل ومنسّق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الإستراتيجية،وهو ولد في العاصمة اللبنانية عام 1951، والتحق بصفوف حركة فتح عام 1968 ،وتسلم فيها مناصب عدة.
انضم إلى العمل الطلابي والعمل التنظيمي اللبناني. تولى بعض المسؤوليات الأمنية، في الأرض المحتلة ولبنان وأوروبا، وكان له دور هام في التنسيق بين قيادة الثورة الفلسطينية وقيادة الثورة الإيرانية ،وكان أحد مؤسسي الحرس الثوري الإيراني.
وفي هذا المجال كتب أنيس قبل أيام يقول: “ كان لي الشرف أن أساهم في كتابة مشروع إنشاء الحرس الثوري. أهداف المشروع كانت مواجهة أيّة محاولة انقلاب على الثورة ولحماية الشخصيات القيادية فيها. لذلك حُددت مهام الحرس بحماية المؤسسات الاستراتيجية وحماية الشخصيات القيادية والوجود في داخل الثكنات الإستراتيجية التابعة للجيش، تعمل كمهام الشرطة العسكرية لمنع أيّ تحرّك مضاد للثورة.”
ويضيف:”يوم أنشئ الحرس الثوري، لم يكن من مهماته دعم حركات التحرير عبر العالم، ولكن سرعان ما أُضيفت له هذه المهمة، وكانت أولاها دعم المقاومة في لبنان، وكان أن خُصّص تشكيل خاص في داخل جسم الحرس، سُمي بـ«قوة القدس»، مهمّته العمل من أجل تحرير القدس، أي فلسطين، إضافة إلى دعم كلّ حركات التحرير في العالم.“
كان أنيس النقاش أول من أطلق تشكيلات المقاومة في جنوب لبنان بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1978، وعاصر أسرار وخفايا الحرب الأهلية اللبنانية وكشف الكثير منها.
سُجن عشر سنوات في فرنسا بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء الإيراني الأسبق شهبور بختيار في باريس وأفرج عنه عام 1990
كان رحيل أنيس النقاش مفاجئا هذا الصباح للكثير من الأصدقاء الذين تهاتفوا معه قبل أيام واطمأنوا الى حالته في المستشفى في دمشق،وهو نشر مقالة في جريدة “الأخبار” الخميس الماضي في 18 الجاري في ذكرى الثورة الإيرانية بعنوان “إنها ثورة فلسطين بامتياز”.لكن الكورونا كما يبدو “غدّارة” حيث ساءت حالته أمس ،وقضى الى جوار ربه هذا الصباح.
*يُنقل جثمان أنيس النقاش غدا الثلاثاء الى بيروت ليوارى في الثرى في ترابها.