المفكر حسين مروّة في رسالة غير منشورة: ثقة دائمة بالمستقبل والشباب
الحوارنيوز -خاص
في أجواء الذكرى السنوية لإغتيال المفكر الدكتور حسين مروّة والذي يصادف في ١٧ شباط ١٩٨٧، تنشر “الحوارنيوز” رسالة كان قد أرسلها المفكر والباحث والمجدد في التراث العربي الإسلامي، بتاريخ ٦-١٢-١٩٧٠ الى ابن شقيقته القنصل حكمت ناصر.
ونظراً لما تتضمنه الرسالة من إيمان بالحياة وبدور الشباب في صناعة المستقبل، وتكريما للشهيد الكبير، تنشر الحوارنيوز هذه الرسالة، مع الإشارة الى تضمنها بعض الخصوصية العائلية، إلا أننا نحاول أن نلقي الضوء على الجانب الانساني المشرق للمفكر مروّة الذي غادرنا بجسده تاركاً لنا إرثاً غنياً ودعوة للبحث الدائم عن الحقيقة وعن المتغير في حياتنا والمتحوّل نحو أفق جديد..
سنترك للقنصل حكمت ناصر تقديم رسالة “خاله”:
“لم أرِدْ ان أحتفظ بخصوصيّة هذه الرسالة بعد الآن وها قد مرّ عليها خمسون سنة.
هذه الرسالة تفيض بالعواطف المرهفة وتشع منها حرارة الإيمان بالأجيال القادمة، يشجعها أبا نزار ويزرع فيها روح المرح والتفاؤل والقوّة وعدم اليأس أو التخاذل حتى في أحلك الظروف والمصاعب.
الشهيد حسين مروة، رجل الفكر والأدب والعِلم والمعرفة. حامل راية الوطن والشجاعة والفداء.
كتب هذه الرسالة الى ابن أخته الذي كان في براعم الشباب وقد فاضت بين خصوصيّات سطورها مشاعر الحب الأبويّ والدعم الأخويّ وروح الوطنيّة والكفاح في سبيل مستقبل الأجيال وحرّية الإنسان وكرامته. هكذا كان أبا نزار، تلميذاً ومعلّماً في مدرسة الحياة”.
الرسالة –الوثيقة:
عزيزي حكمت،
قبلة طويلة عريضة عنيفة بحرارتها: حرارة الشوق، وحرارة الايمان بالجيل الذي تقف انت اليوم بين طلائعه وقفة رائعة.
أكيد أنني لا أقيس علاقات الموَّدة والاخلاص بمقياس الرسائل، ولكنني فرحت فرحاً لا يوصف برسالتك. فان العواطف الصافية الصادقة التي تنبض بها كلماتك أثارت بي عواطف كثيرة، و هاجت بي عواصف الحنين الى الأهل جميعاً الى اللقاء الذي أعدُّ له الأيام بلهفة عميقة.
انني فخور بك يا حكمت ، فأخبارك الممتعة تصلني باستمرار فتزيدني ثقة بك و بالمسيرة الظافرة لدراستك ورجولتك ووعيك قدر المسؤولية التي تحملها في أسرتنا الحبيبة.
ما أشوقني الى جلساتكم المرحة، وأنا أنتظر مطالع الصيف القادم بفارغ الصبر سنعيد هذه الجلسات ببهجة جديدة، وليس بإمكان الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا في هذه المرحلة أن تنتزع منا روح المرح و التفاؤل، و لا أن تُدخل ظلام اليأس والضعف والتخاذل الى نفوسنا. فليس الأمل والتفاؤل فينا طبيعة ًو مزاجاً و حسب، بل هما أيضاً ينبعان من وعينا العلمي لمكاننا في الحياة و التاريخ، و من رؤيتنا العلمية الواضحة الواثقة للوجهة التي نسير فيها وللمصاعب التي لا بدَّ ان تعترض هذه الوجهة. لن تفاجئنا المصاعب هذه، فنحن نراها من قريب و من بعيد، و نحن -لذلك – لا نتخاذل، لا نيأس، لا نتشاءم، لا نضعف حين تقف في طريقنا. انتظر يا عزيزي أيام اللقاء فسنضحك ونمرح ونمزح حتى في أشد لحظات المحن.
يهمني يا حكمت أن أعرف أين صارت العزيزة أسما في دراستها، كيف حالها، و كذلك العزيزة محاسن. أما غسان فأعرف عنه بعض الشيئ. هل أطمع برسالة أخرى؟
طيب الى اللقاء
خالك : حسين مروة.
-تحياتي ومحبتي وشوقي الى صديقك “محمد”
مع السؤال: فين الوعد فين ؟…