د. جواد الهنداوي *
السفير جيمس جيفري من كبار الدبلوماسيين الأميركين والمتخصصين في الشرق الأوسط، وخاصة تركيا وإيران والعراق، وشغلَ منصب المبعوث الخاص لشؤون سوريا والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش. عملَ جيفري ،قبل انخراطه في السلك الدبلوماسي ،ضابطاً في سلاح المشاة الأميركي ، وقد خدمَ في فيتنام وألمانيا بين عامين ١٩٦٩-١٩٧٦.
في الخلاصة عنه ،اعلاه ، وردَ انه شغلَ منصب " مبعوث التحالف الدولي لهزيمة داعش"، ولكن ما كشفَ عنه في تصريحاته، قبل أيام وخلال الشهر الجاري لصحيفة " تايمز أوف اسرائيل"، يدّلُ على أنه كان مبعوثاً ليس لهزيمة داعش وانما لدعم داعش!
قالها الرجل صراحة بأن الدور الأميركي في سوريا هو دعم الجماعات المسلحة و منع " الاسد " ،حسب قوله، من مسك الأرض ! و أضاف ايضاً عن التنسيق الأميركي – الاسرائيلي – التركي في سوريا ، وعن التنسيق الأميركي – الاسرائيلي تجاه ايران و تجاه حركات المقاومة في العراق،وفي لبنان، وفي اليمن.
لا أحدَ من المتابعين للوضع في الشرق الأوسط يجهل توظيف امريكا للجماعات المسلحة والإرهابية في المنطقة، وتمويلها وتزويدها بمعلومات، من اجل نصب كمائن ضد قوات الجيش العربي السوري، الجميع، من المتابعين، يعي التعاون والتنسيق بين امريكا واسرائيل وتركيا وبعض الدول الخليجية، وبهدف تدمير دولة سوريا والتحكم بالقرار السياسي في العراق ولبنان واستمرار حرب اليمن. امريكا – ترامب نفّذت اجندة نتنياهو في المنطقة .
الجديد في ما نشرة السفير جيفري في مجلة "فورن أڤير " هو اعتراف آخر وصريح من مسؤول امريكي بدور امريكا في المنطقة، وعلاقة امريكا بالجماعات المسلحة وبقوات سوريا الديمقراطية ( قسد )، والجديد ايضاً هو اعتراف صريح بأكذوبة الإدارة الأميركية عن الديمقراطية في سوريا وفي المنطقة ، الدور الأميركي في سوريا وفي المنطقة هو لحساب اسرائيل ولحساب الصهيونية ، وهذا ما قلناه وكتبنا عنه منذ ٢٠١٠ . .
جاءت تصريحات جيفري قبيل مغادرة ترامب للبيت الأبيض ، وفي الامر رسالة ودعوة واضحة الى الرئيس القادم بايدن بالاستمرار في " عربدة ترامب " في المنطقة، ومن اجل ،كما يقولها جيفري بصريح العبارة، تحقيق الأهداف التالية: الحفاظ على توازن الأدوار بين روسيا وامريكا ، و الاستمرار في الضغط على ايران سواء بالعقوبات وبالاغتيالات، عليها وعلى حلفائها ،سواء بسياسة الاستنزاف في سوريا، وعلى غرار، سياسة استنزاف الاتحاد السوفييتي التي مارستها امريكا تجاه الاتحاد السوفيتي، أبان سبعينيات القرن الماضي، وكذلك من اجل تحقيق هدف هيمنة اسرائيل على المنطقة ومنع ايران من أن يكون لها تواجد عسكري في سوريا .
من دلالات حديث و تصريحات السيد جيفري، والواجب أخذها بعين الاعتبار من اجل أمن وسياسة العراق هو كشفهِ علناً عن التنسيق التركي الأميركي الاسرائيلي في صناعة الدور السياسي والعسكري والاستخباراتي التركي في سوريا و في العراق . لم يعُدْ سّراً امر التعاون الوثيق بين الأطراف الثلاثة المذكورة (امريكا، تركيا، اسرائيل) من اجل توزيع الأدوار بينهم ولحماية مصالحهم ولإدارة أمن المنطقة و توظيف حلفائهم وأدواتهم، ومن بين هذه الأدوات قوات سوريا الديمقراطية والجماعات المسلحة الاخرى وعصابات داعش الإرهابية. و قرار ترامب الأخير و القاضي بضم اسرائيل الى غرفة القيادة العسكرية المركزية لمنطقة الشرق الأوسط خطوة نحو تعزيز دور اسرائيل العسكري في المنطقة .
لم نعدْ نسمع من تصريحات جيفري و غيره خطابا عن رسالة ودور امريكا في المنطقة بنشر الديمقراطية وحقوق الانسان والحرص على تنمية قدرات شعوب المنطقة ، والتي زعمت بأنها مبررات لوجودها و تدخلها في المنطقة .
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل