تحية إلى بيروت: أجمل ما في الانفجار، انتِ…
د. أحمد عيّاش -الحوارنيوز
كأني ما عرفتك بعد الانفجار وكأني اتعرف الآن عليك متبرجة بكل هذا الزجاج الملوّن المتساقط عن الشرفات ، الممزوج بالنيترات، المختلط برحيق ازهار الدمار ومساحيق الغبار.
انت الملكة التائهة في ازقة عاصمتي الحُرّة، في أدغال قلبي الاسير.
أضعت عمري أرشدك، احذرك، ارجوك الاّ تعبري والا تسيري وحدك من دون سلاح ومن دون درع طلباً للهجرة عند سفارة وعند مرفأ وقرب مطار …
كل ربّان سفينة في البحر وكل قبطان في الجوّ، ابن عمّ او اخ لقرصان.
اذكرك، رسمتك بقلم رصاص في صفّي الأول في مدرسة الراهبات ولوّنت رسمك في الصف الثاني في المدرسة الرسميةوقصصت الرسم بمقص أمي الفضيّ و اسقطته مع مالي البسيط في عبّها واحيانا في قجتي الفخارية …
غريب أمرنا، نعرف بعضنا رغم مسافات الطوائف،نحب ونعشق لقاءنا رغم ابعاد الانتماءات الا اننا ، بقرار دولي ،مسموح لنا ان نغازل بعضنا ، ان نطلق بعضنا، ان نخون بعضنا انما ممنوع نتفق…
مسموح لنا الطلاق بلا زواج مسبق.
كلّ منا في زمانه وقت ضائع وكلّ منّا في مكانه فراغ، يرسم الآخر ويغنّيه،
يداعب ذكراه، يبكيه ولا يرثيه…
أحبك قبل وبعد الانفجار،
أحبك كما أحبّ سمك عين المريسة الرقص في الماء المتبخر في الاعالي، كما أحبّ الهواء رسم الفطر في الاجواء،فوق العمارات، فوق ناطحات السحاب، فوق المال الحرام، مولولاً على المال الحلال، كما شقّ العصفور بعدل جناحيه غمام انفجارنا اللطيف الممتدّ من وجوه الاحباب الى ملائكة السماء.
يا حبيبتي،نصف الكون المتفجر الغاضب لك ونصف الكون الآخر أهديه إليك كحسنة جارية بلا تعب وبلا مشقة وبلا عناء، اهديه اليك مع نغمة بحر يبكينا وينعي لبنان…
حبيبتي، اجمل ما في الانفجار، انت.