القاضي عبود حدد معايير التشكيلات القضائية المقبلة ودعا لرفع السرية المصرفية عن القضاة وعائلاتهم: استقلالية القاضي تنبع من ذاته
الحوارنيوز – خاص
بثقة حاسمة قال رئيس المجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود في مؤتمر اكاديمي أمس "أن استقلالية قضاة أفراد ستتحول إلى استقلالية سلطة قضائية، واعدا بأن المناقلات القضائية لن ترتكز على شرعية قرار التعيين والنقل فحسب، بل على مشروعية اكتسبها وسيكتسبها كل قاض من خلال ثقة المواطنين والمتقاضين".
كلام القاضي عبود جاء خلال فاعليات مؤتمر نظمته كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف مؤتمرا بعنوان "أي استقلال للقضاء؟ تجارب دولية ولبنانية"، في حرم العلوم الاجتماعية، هوفلان، في حضور حشد من المعنيين بالملف القضائي، من قضاة حاليين وسابقين ووزراء عدل سابقين وأكاديميين لبنانيين وأجانب ونقابيين وحقوقيين.
وفي كلمته اعتبر القاضي سهيل عبود أن "كلمات شعب وقانون وقضاء، إن تقاطعت إيجابا نصبح امام حلم بسلطة قضائية مستقلة، أما إذا تباعدت وتجافت فنكون امام استحالة واقعية لتحقيق هذا الحلم، فأين نحن من هذين الإحتمالين"؟
وأردف القاضي عبود:" إن الجواب هو ما تضمنه الكتاب الخاص الذي وجهته الى قاضيات وقضاة لبنان وفيه رؤيتي للقضاء المستقل، وقد ورد فيه أنه ليس بخاف على احد ان القضاء يمر بازمة حقيقية. لذلك خطة النهوض والتطوير أساسها اقتناع كل قاض بان السلطة القضائية هي إحدى السلطات الدستورية الثلاث وبانه ركن من اركان هذه السلطة، وبأننا في مسيرة اصلاح قضائي ووطني لواقع تستر بفساد اجتماعي وبفساد بنيوي وباستقلالية وهيبة منقوصتين وبمعنويات مثقلة وبماديات غير كافية، ما يفترض تعاونا من قبل نقابتي المحامين، بمواكبة اعلامية بناءة وبتأييد من المجتمع المدني".
وتابع عبود: "كما على كل قاض ان يقتنع بأن دوره الجوهري ومهامه الجسام في المجتمع، تتطلب منه شجاعة وتواضعا واخلاقيات سامية وجهودا دؤوبة وتطويرا ذاتيا وتضحية متواصلة، وبأن حريته واستقلاله نابعتان من ذاته، وبأن أداءه موجباته القضائية سيتلاقى مع إعلاء مبدأ الثواب والعقاب، ما يشكل اساسا لمناقلات قضائية تعتمد معايير علمية وموضوعية. كما عليه أن يقتنع بأن أزمة الثقة بالقضاء تستلزم خطوات شفافة ومبادرات استثنائية، أولها المبادرة الى رفع السرية المصرفية عن حساباته وحسابات عائلته".
وأنهى عبود كلمته بوعدين "أولهما، بأن استقلالية قضاة أفراد ستتحول إلى استقلالية سلطة قضائية، وثانيهما، بأن المناقلات القضائية لن ترتكز على شرعية قرار التعيين والنقل فحسب، بل على مشروعية اكتسبها وسيكتسبها كل قاض من خلال ثقة المواطنين والمتقاضين".
وكانت كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف قد نظمت مؤتمرا بعنوان "أي استقلال للقضاء؟ تجارب دولية ولبنانية"، في حرم العلوم الاجتماعية، هوفلان، في حضور حشد من المعنيين بالملف القضائي، من قضاة حاليين وسابقين ووزراء عدل سابقين وأكاديميين لبنانيين وأجانب ونقابيين وحقوقيين.
وكانت كلمة إفتتاحية لعميدة كلية الحقوق البروفسورة لينا غناجة اعتبرت فيها أن "المطالبة بالعدالة المستقلة أصبحت على كل شفة ولسان، كما انها تثير العديد من المناقشات في جميع أنحاء البلاد. هذا الاهتمام المفاجئ بالجهاز القضائي لافت للنظر بكل المقاييس، ويعكس إدراكا مفيدا بأن استقلال العدالة هو حجر الزاوية لأي تفكير في سيادة القانون، لأنه يضمن حياد القاضي وبالتالي المساواة بين الجميع أمام المحاكم".
والقى رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش اليسوعي كلمة رأى فيها أنه "من الهام، خصوصا في بلد مثل لبنان، تتعدد فيه الطوائف والتيارات وبالتالي تتعدد فيه منابع التأثير والتدخلات، أن يتم حصر الصلاحيات المتعلقة بموقع القاضي المهني بالسلطة المتمثلة بمجلس القضاء الأعلى. وكذلك ينبغي إيجاد الضوابط لأجل حماية القاضي في علاقته بالسلطة السياسية بحيث لا يصبح ألعوبة تتقاذفها الأمواج، وكذلك نرجو تفعيل هيئة التفتيش القضائي وجعلها الأداة الصلبة للدفاع عن القضاء والقضاة. وآمل أن يكون الوجه الجديد لسلطة القضاء في لبنان نموذجا حقيقيا لما لا بد أن تكون عليه الإدارة اللبنانية في خدمة المواطن، مستقلة عن السياسيين، وليس كما هي حالها اليوم تابعة ورهينة، مما يزيد الفساد فسادا والانحلال انحلالا".
واختتم اليوم الأول من المؤتمر بمحاضرة لنقيب محامي بيروت ملحم خلف تساءل فيها عن مستوى فصل السلطات داخل الدولة، واعتبر أن "هذا السؤال يطرح لأن هناك معضلة بسبب غموض مفاهيم يجب أن تتوضح". وأشار إلى "أن حقوق الناس هي اولوية لا يمكن أن يتوانى أحد عن حمايتها. بموازاتها نحن ضنينون بقيام الدولة، أي لسنا في وارد التطاول عليها وعلى مؤسساتها. ما نعيشه اليوم هو مخالفة واضحة للدستور عبر عدم احترام مبدأ فصل السلطات. لذلك من المجدي المطالبة بضخ روح الديموقراطية في عمل المؤسسات عبر تشكيل حكومة لا تكون صورة مصغرة عن المجلس النيابي، ولا تخضع لقاعدة "تكبيل" أو ما يعرف بالثلث الضامن، الذي يعطل امكانية اعطاء رؤى استراتيجية. دون هذه الإصلاحات سنظل نرى تغييرا للوجوه فقط".