حسن علوش – الحوارنيوز
رئيس جمهورية تحد في لبنان هو بالضرورة مشروع إنقسام حقيقي في الحياة السياسية وفي الاجتماع اللبناني، والإنقسام يتحول دراماتيكيا إلى إقتتالات داخلية تعززه المحاور الإقليمية والدولية، تماما كما حصل في عهدي الرئيسين كميل شمعون وأحداث العام 1958 ، والحرب الأهلية في العام 1975 خلال ولاية سليمان فرنجية.
العهد الشمعوني انتهى باستقالة شمعون بعد مواجهات خطيرة وتدخل عسكري أميركي مباشر لنصرة الرئيس شمعون وحلفائه.
أما عهد فرنجية فقد شهد بداية حرب أهلية استمرت حتى العام 1989 وانتهت بإقرار “وثيقة الوفاق الوطني” المعروفة ب”إتفاق الطائف” التي تضمنت سلة إصلاحات دستورية جرى تعليقها من قبل من استلم السلطة بعد الطائف مباشرة لحسابات سياسية – توافقية – غنائمية!
بعيداً عن الدخول في تفاصيل تلك المرحلة التي من المفترض أن يكون قد طواها “الطائف” لمصلحة المصالحة والمسامحة وبناء دولة القانون، فإن بعض القوى السياسية – البرلمانية ما زالت عند حدود العام 1989، لا بل عند حدود العام 1975 ، وبعضها ما زال عالقا على شاطئ الأوزارعي حيث عبرت القوات الأميركية في العام 58 من القرن الماضي ومنه غادرت.
جلسة 9 كانون الثاني، لن تكون بالضرورة نهائية وحاسمة كما توحي أجواء عي التينة، وإن كانت هذه الأجواء تعبر عن رغبة حقيقية لدى الرئيس نبيه بري بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
فوفقا لنائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، بعد لقائه الرئيس بري اليوم، فقد “تأكد للمرة الثانية ان الجلسة قائمة في تاريخها، وهي سوف تستمر الى حين تصاعد الدخان الأبيض وينتخب رئيس الجمهورية.”
لكنه عاد وقال اننا “ما زلنا في مرحلة التباحث حول إسم يتوافق عليه الجميع، إسم توافقي كما سبق وأكد الرئيس بري ،أسم يحظى ب 86 صوتا، ويكون عنوانا للتوافق وليس رئيس تحدي يُفرض بطريقة او بأخرى”.
وردا على سؤال حول امكان التوافق أجاب:”التوافق هو العنوان الأساسي، والمرحلة المقبله تتطلب التوافق وتحمل المسؤولية من كافة الافرقاء لكي نمضي نحو تأمين الإستقرار واعادة الثقة بلبنان والبدء في مرحلة إعادة الإعمار. أما في حال لم يتأمن التوصل الى توافق، فالجلسة هي التي سوف تحدد المسار، لكن الافضل الوصول الى توافق بدل أن يكون هناك رئيس ب 65 صوتا، أي أن يكون هناك فريق رابح على فريق آخر بطريقة التحدي”.
كلام بو صعب معطوفاً على كلام مستشار الرئيس الأميركي المنتخب مسعد بولس الذي أرخى شعورا بعدم إستعجال أميركي لإنتخاب رئيس لبناني في الفترة القريبة المقبلة، يؤكد عكس ما استهل به بوصعب تصريحه.. فالرئيس بري قام بما وعد به أمام أكثر من مرجع دولي، خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، وحدد موعد 9 كانون الثاني برغبة صادقة، لكن هل تتحقق الرغبات إذا لم يحصل توافق؟
تشهد الساحة البرلمانية تثبيت الخيارات المحسومة وبعض الكتل يدرس الموقف، في ضوء تمنيات دول خليجية باتت أقرب الى خيار التوافق، لاسيما كتل اللقاء الديمقراطي، والاعتدال الوطني والتغيريين على مواقعهم المختلفة.
وبحسب أجواء اللقاء الديمقراطي فإن “اللقاء” حريص جدا على تعزيز فرص الرئيس التوافقي، لقناعته وقناعة الزعيم وليد جنبلاط بأن التحولات الإقليمية والتحديات الداخلية والانقسامات الخطيرة التي تنهش الجسم اللبناني، تحتاج الى رئيس “يشكل ضمانة لكل اللبنانيين” ولا يشكل بابا لحروب أهلية أو “لشلل دستوري يحول الرئيس الى كرسي تجلس على كرسي”.
وإنطلاقا من ذلك فإن أي زيارة للقاء الديمقراطي سيقوم بها خلال الأيام القليلة المقبلة “ستشكل إستكمالا لما قام به عضو اللقاء النائب وائل أبو فاعور وليس بطبيعتها مبادرة جديدة”، ما يعني أنها ليست بعيدة عن القواعد المشتركة التي أرساها لقاء بري – جنبلاط في وقت سابق.
المعطيات الحالية الداخلية والإقليمية لا تشجع على الإقتناع بأن جلسة 9 كانون الثاني ستكون حاسمة، فالبعض بدأ يراهن على سقوط النظام السوري قبل موعد الجلسة، ما سينعكس تشددا من قبل الكتل المتماهية مع المحور الأميركي!
وإلى ذلك الحين يبدو حتى الآن أن بورصة المرشحين ما زالت هي هي : قائد الجيش العماد جوزاف عون، النائب السابق سليمان فرنجية، يليهما اسمان بديلان يسعى لتسويقهما بعض الكتل المستقلة أو الوسطية، كمدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والعميد المتقاعد جورج خوري.
لكن الأسئلة التي ما زالت تبحث عن أجوبة:
1- ما هو الموقف الحقيقي للقوات اللبنانية من قائد الجيش الحالي، ولماذا تعطي إشارات متناقضة من مبدأ ترشيحه؟
2- ماذا سيكون عليه موقف حزب الله من ترشيح العماد عون، وكيف سيتبلور موقف كتلة الوفاء للمقاومة، من هنا حتى الموعد المقرر في ضوء أداء المؤسسة العسكرية في سياق تنفيذ القرار 1701؟
3- هل سيقترب التيار الوطني الحر من القوى البرلمانية الراغبة برئيس توافقي، وهل سيستكمل رئيس التيار حركته الايجابية مع الرئيس بري أم أنه سيتحول، إسوة بمحطات أخرى؟
بإنتظار بلورة لأجوبة على اللبنانيين الصلاة لعودة بعض القوى السياسية إلى رشدها وخروجها من مسلسل الرهانات الخاطئة والتي تغلب العوامل الإقليمية على العناصر الداخلية وعلى المصالح الوطنية.