7 تحديات تواجه السلطة الجديدة في ليبيا فما هي وهل تستفيد من التجربة اللبنانية الفاشلة؟
الحوارنيوز – وكالات
عديدة هي أوجه الشبة بين لبنان وليبيا في مرحلة ما بعد وقف الاحتراب الأهلي ووضع مشروع إطار للحل السياسي والانتقال الى مرحلة بناء دولة.
في لبنان كانت وثيقة الوفاق الوطني (الطائف) التي جرى تنفيذها إنتقائيا وبصورة مشوهة فعم الفساد حال البلاد ومنذ 13 عما لم تتمكن القوى الطائفية والأحزاب التي تقاسمت السلطة وخيرات البلاد من بناء دولة أو حل إشكالية من إشكاليات ما بعد الحرب الأهلية أكانت سياسيا أو على صعيد التنمية والنمو الاقتصادي.
ولعل تعيين يان كوبيش كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وهو المنتقل الى مهمته الجديدة من بيروت الى طرابلس الغرب، قد يسهم في تجاوز نقاط الضعف خلال المرحلة الانتقالية حتى لا يكون على الليبين انتظار نحو 13 عاما ليعلنوا بعدها إفلاس دولتهم وفساد حكامها.
وفي ليبيا يواجه المجلس الرئاسي الليبي تحديات هي أقرب لما واجهه لبنان فهل يستفيد المجلس من التجربة اللبنانية فيتجاوز الكثير من العقبات فيبني دولة حيث فشل اللبنانيين؟
ولا يملك المجلس الرئاسي الليبي الجديد وحكومة الوحدة الوطنية سوى 8 أشهر لمواجهة مشاكل وتحديات صعبة وبعضها مستعجلة لا تقبل التأجيل.
وتبرز 7 تحديات رئيسية أمام السلطة التنفيذية الجديدة لتحقيقها خلال هذه الفترة المحدودة.
1- انتخابات 24 كانون الأول
تشكل انتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، المهمة الرئيسية للسلطة التنفيذية الجديدة، المكلفة بإنجازها.
ولا تبدو هذه المهلة كافية بالنظر إلى عدة إشكاليات تنتظرها، أهمها تنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور، والتي لم يصادق عليها مجلس النواب بعد.
كما أن مجلس النواب لم يصدر بعد قانون الانتخابات، التي على أساسه تجرى الانتخابات.
وكل هذه الاستحقاقات تضغط على موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لذلك لا يتوقع رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، إجراء الانتخابات في موعدها سواء تم إجراء الاستفتاء أم لم يتم.
لذلك فإن أي تأخر لمجلس النواب في اعتماد النصوص القانونية التي على أساسها ستجرى الانتخابات، سيؤثر تلقائيا على التزام الحكومة بإجرائها في موعدها.
وعدم إجراء حكومة الوحدة للانتخابات في موعدها سيحولها إلى حكومة تصريف أعمال، بحسب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لذلك فأمام رئيس الحكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة ووزرائه تحدي حقيقي للنجاح في أهم مهمة أوكلت له.
2- مكافحة كورونا
أول ملف فتحه الدبيبة عقب حصوله على ثقة البرلمان في 10 مارس/آذار الماضي، جائحة كورونا، دون أن يخفي استياءه “من التقارير التي اطلع عليها بخصوص الميزانيات التي تم إنفاقها بدعوى التعامل مع الجائحة دون وجود نتائج فعلية على الأرض“.
وقال الدبيبة في مناسبة أخرى: “لم نفعل شيئا لمواجهة الوباء.. الجهود كثيرة، والنتائج صفر، وصرفنا مبالغ كبيرة“.
وتُسجل ليبيا معدلات مرتفعة في نسب الإصابة بفيروس كورونا، حيث تحتل المرتبة 72 عالميا من حيث عدد الإصابات (نحو 150 ألف إصابة) بمعدل يفوق ألف إصابة يوميا، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 7 ملايين نسمة.
وأول قرار اتخذه الدبيبة، قبل أدائه القسم، حل “اللجنة المكلفة بمكافحة جائحة كورونا”، التي شكلتها حكومة الوفاق.
وتعهد بأن يكون توفير اللقاح ضد فيروس كورونا لجميع المواطنين والمقيمين في البلاد بأسرع وقت ممكن، أهم أولوياته.
وفي 12 مارس الجاري، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، فتح باب التسجيل في منظومة التطعيم ضد الفيروس، إذ من المتوقع أن تصل جرعات بسيطة في 28 مارس الجاري، بحسب رئيس اللجنة الاستشارية العليا لمواجهة جائحة كورونا خليفة البكوش.
3- توحيد المؤسسات
يمثل توحيد المؤسسات خاصة السيادية منها مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط مهمة أصبحت في متناول حكومة الوحدة، بعدما قطع هذا المسار عدة أشواط من المباحثات بين هيئات شرق البلاد وغربها.
حيث نجح البنك المركزي بشقيه في توحيد سعر الصرف، كما أن مؤسسة النفط أنهت احتجاز عائدات تصدير الخام الذي استمر لأكثر من أربعة أشهر، وقررت إعادة تحويلها إلى المصرف المركزي، بعد تشكيل حكومة الوحدة.
ومن المتوقع بحسب بيانات مؤسسة النفط أن تتضاعف مداخيل البلاد من 15 إلى 30 مليار دولار نهاية العام، بمتوسط إنتاج متوقع يتراوح بين 1.3 مليون برميل يومياً إلى 1.5 مليون برميل، وصولا إلى مليوني برميل في 2023.
ومن شأن ارتفاع مداخيل النفط، مع تحسن الأسعار وزيادة الإنتاج، أن يساهم في حل أزمة السيولة لدى البنوك، وتمويل عدة مشاريع مستعجلة للمواطنين.
4- التأسيس للمصالحة
“تأسيس نواة للمصالحة”، أهم ما ركز عليه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في كلمته أثناء أداء حكومة الوحدة اليمين الدستورية، في 15 مارس بمدينة طبرق.
لكن المنفي، اعترف أن “المصالحة النهائية لا يمكننا بلوغها نهاية العام”، واضعا هدفنا معقولا يمكن تحقيقه قائلا: “إذا استطعنا أن نكون نواة لهذه المصالحة فسنصل جميعا إلى الانتخابات“.
وفي مناسبة أخرى أوضح أن “الجهد الأكبر سينصب لتأسيس عملية مصالحة وطنية من خلال بناء هياكلها وتوفير متطلباتها عبر ترسيخ قيم العفو والصفح والتسامح“.
فالهدف من تحقيق حد أدنى من التوافق والتصالح، الوصول إلى تنظيم انتخابات 24 ديسمبر، إذ لا يمكن إجراؤها بدون حد أدنى من التصالح والقبول بالآخر.
فمنذ 2011، انقسم الليبيون بين مؤيد لنظام معمر القذافي ومناصر لثورة 17 فبراير، وأخذ هذا الانقسام طابعا سياسيا وحتى اجتماعيا، إذ تمسكت عدة قبائل بدعم نظام القذافي حتى بعد سقوطه.
وتعمق هذا الانقسام بعد إطلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر “عملية الكرامة” في مايو/أيار 2014، وتمكنه من السيطرة على الشرق الليبي والجنوب.
لذلك فتحقيق حد أدنى من المصالحة، سيسمح لوزراء حكومة الوحدة بالتحرك في كامل أرجاء البلاد، وتقديم خدماتهم للمواطنين دون تمييز.
ومن أوجه المصالحة التي يطالب بها فئات من الليبيين عودة المهجرين إلى بيوتهم على غرار مهجري مدينة بنغازي (شرق)، وبلدة تاورغاء (غرب)، بالإضافة إلى النازحين من الأحياء الجنوبية للعاصمة طرابلس.
وأيضا تبادل الأسرى بين مليشيات حفتر والقوات الحكومية، كما يطالب أنصار نظام القذافي بإطلاق معتقليهم في إطار المصالحة، خصوصا أولئك الذين تمت تبرئتهم.
5- توحيد الجيش
يمثل توحيد الجيش إحدى المهمات الرئيسية للمجلس الرئاسي الجديد باعتباره القائد الأعلى للجيش، وأيضا لرئيس حكومة الوحدة بصفته وزيرا للدفاع.
فليبيا تعاني منذ 2011، صعوبات في إعادة بناء جيش نظامي محترف، بسبب انتشار السلاح، والمليشيات غير المنضبطة، وأزّم الوضع إطلاق حفتر “عملية الكرامة”، حيث تسبب بتقسيم الجيش الوليد، وانضمت إليه العديد من المليشيات.
ونظرا لحساسة هذا الملف، اجتمع الدبيبة، في مدينة سرت (وسط)، بأعضاء لجنة “5+5” العسكرية المشتركة (5 ضباط من الجيش الحكومي+ 5 قيادات من مليشيات حفتر)، في نفس اليوم الذي أدى فيه اليمين.
وبحث الاجتماع دعم “اللجنة بكل ما يلزم لدعم مسار توحيد الجيش الليبي”، وفق بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الحكومة.
ويحتاج توحيد الجيش لخطوات لبناء الثقة أولا، وعلى رأسها فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وتبادل الأسرى، ونزع الألغام خاصة من المنطقة الوسطى الممتدة من سرت إلى محافظة الجفرة (جنوب سرت).
كما أن تفكيك المليشيات وإعادة إدماج عناصرها في المؤسستين العسكرية والأمنية، إحدى الخطوات المهمة لتوحيد الجيش وإعادة بنائه.
6- إخراج المرتزقة
يُعد إخراج المرتزقة خاصة شركة “فاغنر” والجنجويد، من ليبيا إحدى التحديات الحاسمة التي تطرق لها الدبيبة، خلال جلسات منح الثقة للحكومة بسرت.
وحينها دعا الدبيبة، المرتزقة والمقاتلين الأجانب المتواجدين في ليبيا إلى المغادرة، قائلا: “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولابد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم“.
ولا يبدو مرتزقة “فاغنر” آبهين بهذه الدعوة للخروج من البلاد، حيث ذكرت قناة “سي آن آن” الأمريكية، أن فاغنر تقوم بحفر خندق وإنشاء تحصينات لتأمين مواقعها في سرت والجفرة.
وأخطر ما في الأمر أن يخرج مرتزقة فاغنر عن سيطرة مليشيات حفتر، مما يجعل إخراجهم من البلاد أمرا معقدا.
وبحسب صحيفة “فورميكا” الإيطالية، فإن تدخل مرتزقة “فاغنر” الروس في ليبيا تحول من دعم حفتر إلى إنشاء بؤرة استيطانية في المنطقة الشرقية.
وذكرت الصحيفة أن عناصر فاغنر حفروا مؤخرًا نظامًا من الخنادق المحصنة بطول نحو 70 كلم بين قاعدة الجفرة الجوية وسرت.
7- أزمة الكهرباء
إحدى أبرز المشكلات التي أخرجت الليبيين للاحتجاج في الشارع سواء في طرابلس أو مدن الشرق الليبي، انقطاعات الكهرباء خاصة في فصل الصيف.
وأحد أسباب تلك الانقطاعات ضعف شبكة الكهرباء إجمالا، وتعرضها للتدمير والتخريب خلال المعارك التي جرت بعدة مدن سواء طرابلس أو بنغازي أو درنة (شرق).
وإغلاق مليشيات حفتر لحقول وموانئ النفط والغاز في 17 يناير/كانون الثاني 2020، تسبب في مضاعفة أزمة الكهرباء.
وأمام الدبيبة بضعة أشهر لإصلاح شبكة الكهرباء قبل وصول فصل الصيف، الذي عادةً ما يشهد ذروة استهلاك الكهرباء بسبب الحرارة.
ففي 18 مارس، اجتمع الدبيبة مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وئام العبدلي، واستعرض معه “الخطة الفنية العملية قصيرة وطويلة الأمد لإنهاء انقطاع التيار الكهربائي“.
كما تعهد رئيس المجلس الرئاسي في كلمته أمام النواب بطبرق، بـ”إيجاد حل لأزمة الكهرباء“.
ونجاح المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة في تحقيق هذه التحديات السبعة ينجز لهم جميعا، لكن ذلك مرتبط بمدى تسهيل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ومليشيات حفتر والمجتمع الدولي في تحقيق هذه الأهداف.