وداعا “ابو فراس” حارس الصحافة الرياضية (سليم عواضة)
كتب سليم عواضة
يوم بدأت مزاولة مهنة الصحافة، قيل لي إن هناك مدرستين: الاولى تعتبر ان مساعدة “الصغير” تريح “الكبير” ،والثانية تعرقل مسيرة “الصغير” كي لا يأخذ مكان “الكبير “.
بإختصار، الكبير يوسف برجاوي ابو فراس هو من المدرسة الاولى بكل تفاصيلها.
كان لي شرف العمل معه والتعلم منه طويلا في كل يوم حتى لفظ انفاسه الاخيرة.
يوم السادس والعشرين من تموز التقيته للمرة الاخيرة برفقة الزميلين باسم رواس واحمد محيي الدين وايقنت انه قد يكون اللقاء الاخير.
بعد ايام قال لي نجله الاصغر علي (زميلي في قناة الميادين) ان زيارتنا كانت اخر خروج له من غرفة النوم.
برحيل ابو فراس يودع الاعلام الرياضي العربي جزءا من تاريخه. لم يكن عميدنا يستحق هذا الالم في ختام مسيرة لا نعتقد ان احدا سيبلغها في المدى المنظور.
الموت حق ولا اعتراض على حكم رب العالمين.
ابو فراس قدم الكثير لغالبية ابناء جيلنا، واتصف بالوفاء والاخلاص والاحتضان، وكان يقول يوميا انه لا يخشى الموت لأنه يعتبر نفسه “مات” فعليا يوم اقفلت جريدة السفير.
بقي حتى اشهر قليلة ماضية يحرص على زيارة مبنى الجريدة ويطمئن الى صحة “كبيرها وكبيرنا” الاستاذ طلال سلمان، اطال الله في عمره، ويعرج بطبيعة الحال على المتحف الرياضي ،اي مكتب القسم الرياضي في السفير الذي سيبقى بالنسبة لنا المكان الاحب الى قلوبنا ،لكن بغياب “ابو فراس” بات الدخول اليه محزنا.
لا مجال للتحدث هنا عن السيرة الذاتية ليوسف برجاوي لأن المساحة لا تكفي، وسيغفل علينا تفصيل هنا وانجاز هناك، حتى كتابه الاخير “علم وقلم” لم يتحدث عن كل شيء.
الثابت اليوم ان الرياضة اللبنانية المعذبة جدا هذه الايام تلقت واحدة من اكبر خساراتها الاعلامية.
كان ابو فراس يمارس الرياضة عمليا،قبل ان يصبح حارسها صحافيا. انتقل من حراسة المرمى،الى حراسة الزملاء الذين أحبوه بكل ما فيه.
تعازينا الحارة الى الفاضلة ام فراس، والسند فراس، والجبل علي، والحنونة زينة. هؤلاء جميعا فعلوا المستحيل ليبقى الكبير صامدا وتحدوا معه المرض الخبيث، الا ان لا احد يقوى على ارادة الخالق.
رحل ابو فراس مطمئنا وضميره مرتاحا لأنه لم يؤذ احدا، ولأن ابناءه برّوا به عملا بقول الله تعالى” وبالوالدين احسانا “.
رحمه الله واسكنه فسيح جناته.وانا لله وانا اليه راجعون.