الحوارنيوز – سيدني خاص
أصدرالإتحاد العربي الأسترالي برئاسة أدي زنانيري تقريراً مفصلاً أعد من قبل لجنة ضمت إختصاصيين في القانون الدولي، وتناول أشكال التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني في المجالات المختلفة.
وهذا نص التقرير:
إنّ عشرات السنين من التمييز العنصري ضدّ الشعب الفلسطيني تجعل هذا البيان ضرورياً. يتجلّى هذا التمييز العنصري حاليّاً في الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وفي محاصرة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في المخيّمات، وفي الهجمات الإسرائيلية المتكرّرة على أرواح الشعب الفلسطيني وممتلكاته.
ويتّضح التعصّب السافر أيضاً عندما يتمّ تصوير الفلسطينيين كإرهابيين، ويوصمون بصفات سلبية بسبب هويتهم الدينية أو القوميّة، ويعاملون كشعب قليل القيمة، مع أنهم إنّما يُطالبون بحقوقهم الوطنية بالطرق السلمية. كما أنّ التعصّب ضدّ الفلسطينيين قد يستهدف العاملين في وسائل الإعلام والمؤسسات والطلبة والأكاديميين (أينما كانوا) إذا انتقدوا إسرائيل أو تعاطفوا مع الشعب الفلسطيني.
المقصود بالعداء ضدّ الفلسطينيين أنماط اللغة والممارسات التي توجّه التعصّب والعنصرية والكراهية والعنف ضدّ الفلسطينيين. قد تكون هذه الإساءة لفظية، صريحة أو ضمنيّة، أو عنيفة. وقد تصل في أسوأ تجلّياتها إلى إنكار وجود الشعب الفلسطيني نفسه. وهذ الإلغاء يسهّل استمرار العنف ضدّ الفلسطينيين ويكرّس إنكار حقّهم بتقرير مصيرهم.
إنّ اتهامات معاداة الساميّة لا ينبغي أن تُستخدم كدرع لحماية إسرائيل من الانتقاد لظلمها للفلسطينيين، وتحدّيها للقانون الدولي.
غالباً ما يكون من أقوى المناصرين لحقوق الفلسطينيين أفراد من اليهود المستنيرين المحبّين للحرية. كتب بيتر راينارت، محرّر تيارات يهودية الصادرة في الولايات المتحدة: “بما أنّ المنظّمات المؤيّدة لإسرائيل في الولايات المتحدة قد جعلت من شبه المستحيل مناقشة قضية إسرائيل-فلسطين دون التركيز على مسائل التعصّب ضدّ اليهود، فمن مسؤولية الأمريكيين من سائر الخلفيات التساؤل: لماذا تمرّ أبشع حالات التعصّب ضدّ الفلسطينيين ولا يكاد يلاحظها أحد؟”
للتصدّي لتفاقم ظاهرة العداء ضدّ الفلسطينيين، فيما يلي ثمانية مبادئ مدعومة بأمثلة لا يمكن دحضها.
التصدّي للتعصّب ضدّ الفلسطينيين
المبدأ الأوّل
يظهر التمييز العنصري ضدّ الفلسطينيين عندما لا يُعترف بحقوقهم التي يضمنها الإعلان العالمي للحقوق الإنسانية وسائر صكوك القانون الدولي، بما فيها قرارات الأمم المتحدة.
المبدأ الثاني
للشعب الفلسطيني الحقّ في أن تكون له دولة. فوجود دولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي ومع قرارات الأمم المتحدة، ومع أكثر من ثلاثين سنة من المفاوضات الدولية. ويتجلّى هذا في اعتراف 139 دولة من أعضاء الأمم المتحدة بدولة فلسطين. يصبح التمييز العنصري ضدّ الفلسطينيين سافراً حين يُهضَم هذا الحقّ عن طريق إنشاء المستوطنات وضمّ الأراضي، وكلاهما إجراء غير شرعي في نظر القانون الدولي.
المبدأ الثالث
يحقّ للفلسطينيين، في سعيهم غير العنيف لإقامة دولتهم الوطنية، أن يمارسوا كل الوسائل المشروعة للاحتجاج والدفاع عن حقوقهم. كما أنّ الزعماء الفلسطينيين يستحقّون الاحترام والتفاعل معهم لا عزلهم ومقاطعتهم.
المبدأ الرابع
للشعب الفلسطيني، كجزء من المجتمع الدولي، كامل الحقّ بعضوية المنظّمات الدولية بما ينسجم مع القوانين الداخلية لهذه المنظّمات، كالمحكمة الجنائية الدولية واليونسكو والإنتربول ومحكمة العدل الدولية على سبيل المثال لا الحصر.
المبدأ الخامس
وفقاً للقانون الدولي، يحقّ للفلسطينيين الانخراط في المقاومة ضدّ سياسات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وممارساته غير المشروعة. ويحقّ لهم أن يعرضوا قضيّتهم على العالم، مدعومة بالأدلّة والحجج القانونية التي تبيِّن أنّ السلطات الإسرائيلية قد جرّدت الفلسطينيين من ممتلكاتهم وحاصرتهم وفرّقتهم بشكل تعسّفي، وطردتهم من بيوتهم، وما زالت تقهرهم تحت الاحتلال.
المبدأ السادس
بما أنّ قرار الأمم المتحدة الاعتراف بدولة إسرائيل سنة 1949 كان مشروطاً بقبول إسرائيل حقّ العودة للفلسطينيين (قرار 194، المادة 11)، يحقّ للفلسطينيين المطالبة بحقّ العودة كجزء من السلام العادل والدائم بين الطرفين.
المبدأ السابع
للفلسطينيين الحقّ في تاريخهم، بما في ذلك حقّهم في إحياء ذكرى النكبة، ولا ينبغي أبداً إنكار هذا الحقّ بأيّ شكل.
المبدأ الثامن
القانون الدولي يعتبر العقاب الجماعي جريمة حرب. عندما تعتقل السلطات الإسرائيلية أيّ شخص فلسطيني، أو تتّهمه بجناية، فليس هناك أيّ أساس لفرض العقاب الجماعي على غيره.
أمثلة على التعصّب ضدّ الفلسطينيين
التعصّب الأعمى ضدّ الفلسطينيين بشكل صارخ. لكنه قد يكون خفيّاً ومُضمراً كذلك. فيما يلي بعض الأمثلة:
- نمط خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت يعطي أمثلة صارخة على التعصّب العرقي ضدّ الفلسطينيين:
- أثناء نقاش برلماني (2013) حول إطلاق سجناء فلسطينيين، تباهى بينيت بـ “قتل العرب”: “إذا قبضنا على إرهابيين، يجب علينا قتلهم. أنا قتلت الكثيرين من العرب في حياتي، لا مشكلة في ذلك.”
- دعى بينيت إلى إطلاق النار على الفلسطينيين بهدف قتلهم عند قطعهم حدود غزّة (2018). وعندما سئل هل تلك السياسة تشمل الأطفال أجاب: “ليسوا أطفالاً. إنّهم إرهابيّون. نحن نخدع أنفسنا. أنا أرى الصور.”
- في حوار تلفزيوني (2010)، قال بينيت لعضو الكنيست أحمد الطيبي: “حين كنتم تتسلقون الشجر (يعني مثل القرود)، كان عندنا هنا دولة يهودية.”
- في مقابلة مع صحيفة نيو يوركر (2013)، كرّر بينيت معارضته الشديدة لدولة فلسطينية قائلاً: “سأعمل كلّ جهدي، دائماً، لمحاربة قيام دولة فلسطينية في أرض إسرائيل.”
- رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو كان يكرّر دائماً أنّه لن تكون هناك دولة فلسطينيّة أبداً في عهده.
- وزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون قال: “التهديد الفلسطيني ينطوي على خصائص تشبه السرطان ولا بدّ من استئصاله. هناك علاجات عديدة للسرطان. البعض يرى ضرورة بتر الأعضاء، لكنّي حاليّاً أستخدم العلاج الكيميائي.”
- نائب رئيس الوزراء سابقاً إيلي ييشي حثّ الجيش الإسرائيلي على “إرجاع غزّة إلى العصور الوسطى.”
- غولدا مائير، رئيسة الوزراء سابقاً، صرّحت بأنّ هذا الشعب ليس له وجود. قالت: “ليس هناك فلسطينيون، … هؤلاء لا وجود لهم.” كان هذا تبريراً للسيطرة على الأراضي الفلسطينية لفتح الطريق أمام مهاجرين يهود. وقد وثّق الأستاذ إيلان پاپيه من جامعة اكسيتر، هذا “التبرير”، بالتفصيل، في كتابه التطهير العرقي لفلسطين.
- يتّخذ الازدراء العنصري ضدّ الفلسطينيين أحياناً شكل الإنكار الشديد لأبسط حقوقهم، كحقّ الدفاع عن بيوتهم. مثلاً، في حادثة سنة 2017، احتجزت السلطات الإسرائيلية الصبيّة عهد التميمي لأنّها صفعت جنديّاً إسرائيلياً كردّة فعل على اعتدائه على حرمة بيت عائلتها. يومها صرّح عضو الكنيسيت، رئيس الوزراء الحالي، نفتالي بينيت، قائلاً: “إنّها فلسطينية. أريد أن أراها في السجن إلى نهاية عمرها.” وذهب المعلّق الإسرائيلي بن كاسبيت إلى أبعد من ذلك، فقال: “أريد أن أرى تلك الصبية في سجن تحت الأرض، ليجري تعذيبها بطريقة لا يجب أن يشهد عليها أحد.”
- خطاب الكراهية العرقية/الإثنية العنيفة ضدّ الشعب الفلسطيني يظهر في كلام وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة أيليت شكيد، وزيرة الداخلية حاليّاً: “يجب أن تذهب أمّهات (الفلسطينيين) إلى الجحيم، وكذلك بيوتهم القائمة التي يربّون فيها الأفاعي، وإلّا سنرى المزيد من الأفاعي والثعابين الصغيرة تنشأ فيها.”
- العداء للفلسطينيين قد يظهر في الدعوة إلى إبادة جماعية. جاء في منشور للحاخامين إسحاق شابيرا ويوسف إليتزور (2009): “غير اليهود، كالعرب الفلسطينيين، ليس عندهم أيّ عطف بطبعهم، وقد يجب قتلهم للتخلّص من ميولهم الشريرة.”
- في مسيرة ليهود عنصريين متطرفين برعاية الحكومة الإسرائيلية في القدس الشرقية (15 حزيران/يونيو 2021)، ردّد المتظاهرون: “الموت للعرب”، مع عبارات كراهية عنيفة أخرى ضدّ الفلسطينيين. أعقبتها منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تحتفي بالتطهير العرقي وقتل الفلسطينيين.
- أقرّ البرلمان الإسرائيلي بأغلبية صغيرة (19 تموز/يوليو 2018) مشروع قانون “إسرائيل –الدولة القومية للشعب اليهودي.” لهذا القانون تداعيات خطيرة تمسّ آمال الشعب الفلسطيني بالمساواة، إذ يشكّل خارطة طريق لإسرائيل كدولة لليهود دون غيرهم؛ ويكرّس التمييز العنصري رسميّاً ضدّ الفلسطينيين. جاء في البند 1 (ج) من هذا القانون: “حقّ تقرير المصير في دولة إسرائيل ينحصر في الشعب اليهودي.” وجاء في البند 7 من القانون نفسه: “تَعتبر الدولة تطوير المستوطنات من القيم القومية، وستعمل على تشجيع بناء المستوطنات والترويج لتقويتها.”
- “قانون النكبة” الصادر عام 2011 يعطي السلطات الإسرائيلية صلاحية تقليص دعم الدولة لأيّ مؤسّسة تُحيي ذكرى النكبة الذي يصادف “يوم استقلال إسرائيل” أو يوم تأسيس الدولة. هذا اليوم نفسه هو يوم حزن بنظر الفلسطينيين ومن يناصرون قضيّتهم. فهو يوم ذكرى “نكبة فلسطين” التي تسبّبت بالتهجير القسري لأكثر من 700,000 فلسطيني وفلسطينية، وتدمير 500 قرية وبلدة فلسطينية، واستيلاء قوّات يهودية مسلّحة على أكثر من 78% من أراضي فلسطين التاريخية، بهدف تأسيس دولة إسرائيل. “قانون النكبة” يمنع الفلسطينيين من ممارسة حقّهم في تذكُّر تاريخهم.
- يتعرّض الفلسطينيون باستمرار لقيود تحدّ من تنقّلهم، حيث تقيم سلطات الاحتلال عقبات أمام وصولهم إلى أماكن عملهم وحقولهم ومدارسهم ومستشفياتهم. من هذه العقبات، النظام القاسي للتصاريح، والنقاط العسكرية للتفتيش، والحواجز الثابتة والمتنقّلة على الطرق، وجدار الفصل العنصري الإسرائيلي الشهير.
- فرضت إسرائيل على قطاع غزّة عوائق صعبة أمام حركة الناس والبضائع، بما فيها الغذاء والدواء، رغم الأزمة الإنسانية المستمرّة التي يعيشها الناس هناك، حيث أكثر من نصف مليون من السكّان يعيشون تحت خطّ الفقر.
- تعتبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجمّع أكثر من عشرة فلسطينيين غير قانوني. وتعتقل المدنيين بمن فيهم الأطفال، وتزجّ بهم في السجون بدون تهمة، حيث يتعرّضون لسوء المعاملة التي تصل إلى حدّ التعذيب. وهذه انتهاكات فاضحة لاتّفاقية جنيف الرابعة وللقانون الدولي للحقوق الإنسانية.