إغتراب

مؤتمر الجامعة اللبنانية – الثقافية والتحديات المصيرية

 


الحوارنيوز – خاص
تنطلق أعمال المؤتمر 18 للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم في صباح غد الخميس في بيروت، وسط تحديات مصيرية، منها ما هو موضوعي يتصل بعالم الإغتراب والتحولات التي طرأت عليه كبنية إغترابية وكفئات إجتماعية، ومنها ما هو ذاتي ناتج عن تراجع الحضور المؤسسي للجامعة وليس الفردي.
ويمكن تلخيص التحديات على هذا النحو:
من الناحية الموضوعية:
1- كثرة المؤسسات الإغترابية وتفريخها المتعمّد على أسس مناطقية وطائفية ومذهبية وتراجع الهيئات القطاعية والمهنية والوطنية للمغتربين، ولعل مرد ذلك يعود الى عدم قيام "الجامعة" بالدور الذي رسمته لنفسها في نظامها الأساسي.
2- هجمة الأحزاب الطائفية على الإغتراب والعمل على إثارة النزعة المذهبية لدى كل فئة وإستقطاب دعمها المالي والسياسي والجماهيري، فكان لكل حزب إطاره الإغترابي ولكل طائفة مؤسستها الإغترابية.
3- إن إقرار قانون إنتخابي لحظ مقاعد للمغتربين على أساس مذهبي، فتح شهية المتمولين الكبار ورفع من منسوب التحريض المذهبي، وبدلا من نقل التجربة الإنسانية الإغترابية في العالم لاسيما في بعدها القانوني والمواطني، بدأت اللعنة الطائفية اللبنانية تنتقل الى الإغتراب وتلوثه، كما لو ان بلاد الإنتشار تحولت الى حارات في قرى يتنازع على زعامتها مختار من هنا ورئيس بلدية من هناك.
من الناحية الذاتية:
1- لم تتمكن الإدارة الحالية للجامعة من المحافظة على إرث غني جامع، ولعل ذلك ناتج عن ظروف قاهرة أقوى من النوايا الطيبة للمعنيين.
2- لقد تركت ولاية الرئيس السابق أحمد ناصر، صاحب التجربة الغنية والمصداقية والمعروف في إدارته وتعامله الدقيق مع قضايا الجامعة إن لناحية تجديد شباب الجامعة وفتح فروع جديدة أم لناحية تثبيت هويتها الإغترابية الوطنية، تركت أساسا صالحا للبناء عليه، أكملته الولاية التي تسلمت منه ممثلة بالرئيس بيتر الأشقر والأمين العام محمد هاشم، واعتبرت هذه الولاية إمتدادا طبيعيا لحقبة ناصر وتعاملت بكثير من الجدية مع الملفات، غير أنها وجدت نفسها وحيدة مع تنامي نزعة "الإنعزال الإغترابي" داخل الجامعة وخارجها!
3- لا يضير الجامعة كثرة المؤسسات الإغترابية الناشئة طالما أنها تقدم نفسها كونها المؤسسة الأكثر إنتشارا بين مختلف مكونات الإغتراب اللبناني وتنوعه، وكونها مؤسسة غير طائفية وغير سياسية، وعليها أن تمارس هذه الدور من موقع الواثق والمبادر وألا تترك فراغا تملأه المؤسسات الطائفية أو المتلحفين أثواب الطوائف لإعتبارات سياسية أو مالية أو زعاماتية.
4- إن محاولة بعض ممثلي الأحزاب الطائفية، لاسيما الأحزاب المسيحية، إنتحال صفة "الجامعة" لهو دليل على نجاح هذه المنبر ودليل على الحاجة اليه، كمنبر وطني – اغترابي بإمتياز.
5- إن عدم وضع رؤية واضحة مستمدة من النظام الأساسي والأهداف، نتج عنه بصورة طبيعية عدم وجود استراتجية وبرامج عمل مفصلة.
6- لا زال ترشح رئيس المجلس القاري عباس فواز لرئاسة الجامعة، موضع نقاش إغترابي على خلفية عدم جواز مخالفة العرف الذي يعطي الحق للرئاسة في الدورة المقبلة لمغترب من الطوائف المسيحية، في حين أن فواز يستند في ترشحه الى حقه القانوني بإعتبار أن المؤسسة غير طائفية، فكيف تكون المناصب والمواقع خاضعة لقاعدة تتنافى مع طبيعتها؟
7- إن الحاجة لتعديل النظام الداخلي ماسة وضرورية، من أجل منح المجالس القارية صلاحيات إضافية وجعلهم شركاء حقيقيين في إدارة المؤسسة على المستوى المركزي، ولناحية تفعيل الحضور الإغترابي المهني وزيادة علاقات التعاون بين لبنان وبلاد الإنتشار وتبادل الخبرات.
8- إن أزمة الجامعة مع نفسها فاقمتها سياسة الحصار السياسي على خلفيات مذهبية قادها وزير الخارجية جبران باسيل، فبدلا من دعمها ورفع منسوب التعاون والإستفادة من تجربة الجامعة وحضورها العالمي، بادر الى تأسيس جمعيات بديلة ودعم مؤسسات تنتحل صفة الجامعة والدخول في لعبة مقايضة رخيصة.
9- إن حضور الجامعة يوازي بأهميته الحضور الدبلوماسي للجمهورية اللبنانية، فكم من حادثة ساهم بحلها الإغتراب وكان للجامعة دور حاسم فيها، لاسيما عند الأحداث الكبرى أو الكوارث الطبيعية، وكان حري  بالخارجية التنويه بهذه التجربة بدلا من ملاحقة الجامعة من أجل طردها من غرف قليلة تشغلها في مبنى تابع لوزارة الخارجية منذ التأسيس والى اليوم؟
إن مجمل هذه التحديات تجعل من المؤتمر 18، مؤتمرا تأسيسيا، فإما أن ينهض بالجامعة وإما أن تنتهي مسيرة غنية من العمل الإغترابي، فيطلق أبناء الجامعة رصاصة الرحمة على مؤسستهم الغالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى