٤ ملاحظات كبيرة على القمة النائمة في المنامة (علي يوسف)
كتب علي يوسف:
كان يمكن عدم التعليق على ما يسمى مؤتمر القمة النائمة في المنامة ، كونه لزوم ما لا يلزم وكون القمة ونتائجها ستكون منسية بعد يومين على الأكثر كما حصل لمؤتمر القمة الاسلامية العربية الذي ضم ٥٦ دولة والذي انعقد في السعودية ولم يخرج سوى ببعض المطالب الخجولة، ليقدمها الى المعلم الاميركي من باب إبراء الذمة المفقودة ….
الا انه يجب التوقف عند ٤ ملاحظات اساسية لا يجب تجاوزها من باب الذكر وللتاريخ على الأقل :
١- ان من يُسمّون قمة عربية لأنظمة لا تجمعها الا اللغة، مصرون على الخضوع والاستذلال من دون الاخذ في الاعتبار لأي تحولات .. ومستعدون للسقوط تحت سقوف الانصياع للعدو مهما تراجع وتساقط دورهذا العدو،فحين كان العدو “الشرطي الذي لا يُقهر ” كانوا ينصاعون بداعي العجز ويقدمون العروض السخية على شكل مبادرات لتبريرالاعتراف بهذا العدو ..وحين بات العدو بفعل طوفان الاقصى وضربات المقاومة على مختلف جبهات المساندة بمثابة “كلب حراسة” مؤذ ومجرم وسفاح، ولكنه يحتاج الى الرعاية والاطعام والحماية من مشغليه، تحوّل معظم الانظمة العربية الى من يحتاج الى كلب الحراسة …
وهكذا كالعادة تصدر بيانات القمم الشكلية لتطالب المعلم شكلا بتحقيق آمال شعوبها من باب ابراء الذمة،ثم تنام لتعود للاجتماع ودائما في المنامة حتى لو كان اسم العاصمة مختلفا ….
ولا ينسى هؤلاء ان تتضمن بياناتهم التبرؤ من المقاومة التي هي “غير شرعية وتعمل لأجندات خارجية ” لإبراء ذمتهم منها امام المعلمين الاسرائيلي والأميركي …
٢- خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المفاجىء والخارج عن كل منطق وبكل المعايير والذي اتهم فيه المقاومة الفلسطينية بالتسبب في العدوان عبر اعطاء الحجة لاسرائيل بالقيام به، بما يشكل تبريرا للعدوان وخدمة للكيان الصهيوني، يخجل حتى العملاء من تقديمها أزاء الواقع الذي نعيشه …؟؟!!!
غريب كيف نسي عباس كل العدوان الصهيوني اليومي في الضفة الغربية ، استيطانا وقتلا وتدميرا واعتقالا ، وبات العدوان الصهيوني على غزة ناتجا عن فعل المقاومة ؟!
غريب كيف نسي عباس العدوان اليومي على الأقصى وعلى الكنائس ونسي اذلال الفلسطينيين على المعابر، ونسي إجباره على تنفيذ تنسيق أمني لمصلحة العدو ونسي ان الكيان الصهيوني يضعه تحت رحمته وجودا واقتصادا ومجتمعا، ويقضم يوميا اراضي ما يسمى بالسلطة ؟!
واذا كان يتم التغاضي واعطاء التبريرات لكل التشوهات التي يشهدها مشروع ما يُسمى بالسلطة بسبب الحصار العربي قبل الصهيوني للفلسطينيين، فإن كل هذه التبريرات تسقط حين تتحول السلطة الى جزء من الحصار العربي على الفلسطينيين والقضية الفلسطينية ،وعلى المقاومة الفلسطينية التي يعترف العالم جميعا انها بما فعلته بعملية طوفان الاقصى ومن ثم الصمود في حرب غزة واتساع المقاومة في الضفة اعادت القضية الفلسطينية لتكون القضية الاولى في العالم، وحققت تحولا كبيرا في الرأي العام الدولي، وخصوصا في الغرب بما يحمل آفاق يكثر الحديث عنها وليس مجال ذكرها الآن …!!
وليس مقبولا هنا اي تبرير يتعلق بضغوطات عربية، لأننا امام مرحلة مصيرية لا تحتمل تكتيكات، ولأن التضحيات التي قدمت لا تسمح لأي كان بالتهاون فيها واجهاض احتمالات تداعياتها ونتائجها مهما كان موقعه ووضعه ..!!
٣- ما جاء في كلمة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي حول القرار ١٧٠١ يصعب تفسيره على انه هفوة او قلة معرفة، لانه اذا كان كذلك فهو مصيبة، واذا كان مقصود المعاني فالمصيبة اعظم …!!
صحيح ان الرئيس ميقاتي حمّل الكيان الصهيوني مسؤولية عدم تنفيذ القرار ١٧٠١ بسبب استمرار اعتداءاته الجوية والبحرية والبرية، ولكنه استخدم ذلك كمقدمة لطرح مشروع لتنفيذ ال ١٧٠١ يحوّله من اتفاق لوقف الحرب الى مشروع اتفاق نهائي بين دولتين: لبنان واسرائيل ..!! ؟؟؟ فهو طرح مشروعا يقوم على تحويل ال ١٧٠١ الى سلة متكاملة لم يتحدث عن بنودها، وارفق ذلك بأن تكون هذه السلة ب “ضمانات دولية”، بما يجعل الاتفاق اتفاقا حدوديا نهائيا مضمونا دوليا، اي بما يفصل لبنان عن القضية الفلسطينية، ولو من دون اعتراف وتطبيع مع العدو الذي يعرف انه مستحيل ..
ان مثل هذا الفصل ليس هدفه تأمين استقرار لبنان، بل هدفه إراحة الكيان الصهيوني من خطر وقوة المقاومة اللبنانية، ومن وحدة الساحات المرتبطة بالأمن القومي والسماح له باستفراد الساحات واحدة تلو الأخرى، واستبدال الامن القومي بالامن الحدودي مؤقتا في انتظار استكمال عدته لاستعادة دور الشرطي كون ما يُسمى الضمانات الدولية تأتي دائما لخدمته وليس لتفرض عليه كما هو الحال بالنسبة للآخرين، كون الضامن لهذه الضمانات هو مُشغّله الاميركي …..
ان مشروع التذاكي الذي طرحه ميقاتي هو الاخطر استراتيجيا ويتناسب ويتوازى مع مشاريع الموفد الصهيوني الاميركي هوكشتاين والاعيبه السحرية المعتادة ..!!
٤-طبيعة مشاركة الرئيس السوري في القمة والتي وُصفت بالمشاركة الصامتة تأكيدا لمقولة ان الصمت قد يكون ابلغ الكلام .. فأخذ من القمة ما اراد، وخرج تاركا لهذا الجسم المريض تأوهاته واسترحاماته واستبراءات الذمم …