سياسةمحليات لبنانية

٤ أشهر على انفجار ٤ آب: جريمة بحق بيروت وجرائم بحق الوطن

 

ماري ناصيف – الدبس / الحوارنيوز
أربعة أشهر مرّت على ذلك اليوم المشؤوم الذي أودى بحياة بيروت وحوّل مرفأها وأحياءها إلى ركام، وفتك بعدد من أبنائها وقاطنيها وزائريها دونما تمييز بين طفل وشيخ أو رجل وامرأة.
أربعة أشهر على رصيف الانتظار الذي قيل لنا أننا سنغادره بعد "خمسة أيام فقط"، لأن السلطات السياسية والأمنية والقضائية ستعمل المستحيل للكشف عن مسببي تلك الجريمة الموصفة وإعلان أسمائهم أمام الملء.
وكالعادة، دارت الأيام ونسي المسؤولون وعودهم في خضم الصراع على مائدة السلطة وما تحتويه من أطايب نهبت من عرق الشعب ودماء أبنائه… ولم يرفّ لأحدهم جفن واحد وهم يلقون الأكاذيب من هنا وهناك، تارة باسم الاهتمام بصحتنا وكيفية حمايتنا من جائحة كورونا، وطورا̋ باسم العفة والتعفف المرفقة بدعوات التدقيق في تبخّر الأموال العامة… وبين هذه التارة وذاك الطور، نسمع بين الحين والآخر صوتا خافتا يردد الصدى حديثه عن دعوة – حوّلت إلى البرلمان اللبناني – لإجراء تحقيق يتعلّق بوزراء الأشغال والمال والعدل في حكومة تصريف الأعمال والحكومات التي سبقتها.
أين هي المساعدات التي قيل أنها ستقدّم للذين أصبحوا بلا مأوى؟ وماذا عن إنجاز إعادة بناء أو حتى ترميم  المساكن في العديد من أحياء العاصمة؟ بل ماذا عن الفضائح المتتالية المتعلقة بمساعدات قدّمت ولم تلبث أن اختفت لتظهر في الحوانيت؟ بل ماذا عن فضيحة الطحين؟ وأين ذهبت الهبة العراقية؟ وماذا حلّ بالأربعمئة ألف ليرة التي يقال أنها وزّعت، مثنا وثلاث، إلى بضعة مئات الآلاف من العائلات؟
أسئلة كثيرة لا زالت بدون أجوبة… ويمكن أن تبقى كذلك، لأن الوقت اليوم – بالنسبة للقابضين على القرار – هو وقت إعادة توزيع الحصص، وليس وقت التفكير بحل مشاكل الذين قتلوا في جريمة المرفأ الموصوفة، أو بمن فقد بيته وعمله نتيجة تلك الجريمة، أو حتى بكيفية تأمين الأموال اللازمة لدعم السلّة الغذائية التي أصبح وجودها ملحّا̋ بعد أن فقد ما يقارب ثلثي اللبنانيين المنتجين، كلّيا̋ أو جزئيا̋، مصدر رزقهم ونزلوا إلى ما دون حافة الفقر المدقع.
نعم. هذه الأسئلة تدور في الفراغ ويمكن أن تبقى كذلك، ليس فقط لأن الطغمة المالية المسيطرة مباشرة أو بشكل غير مباشر على مؤسسات الدولة تمتنع عن الاجابة وتستمر في سياساتها المدعومة من أطراف دولية وإقليمية فاعلة، بل لأن لا معارضة حقيقية تواجه تلك السياسات… فالصراخ ليس مواجهة، بل إنه لم يكن كذلك في يوم من الأيام، وكذلك الشعارات الرنّانة التي سرعان ما تتحوّل إلى مجموعة كلمات جوفاء فاقدة المعنى والمحتوى؛ والحديث عن التغيير لا يمكن أن يكون جدّيا̋ إن لم يقترن بخطة وأشكال تنظيمية ورموز ذات مصداقية.
فلنفكر في الأمر قبل أن يأكلنا النسيان على رصيف الانتظار…

*عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني- عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى