“يوم القدس” يلبس السواد مُثخَناً بالجراح (نسيب حطيط)

بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يحتفل المقاومون في العالم الاسلامي بالذكرى السادسة والأربعين ليوم القدس العالمي الذي أعلنه الإمام الخميني في السابع من آب عام 1979 لنصرة القدس وجعل القضية الفلسطينية قضية إسلامية، لا تنحصر بالشعب الفلسطيني فقط ولا ضمن الصراع العربي الإسرائيلي، وانما ضمن الصراع الإسلامي-الإسرائيلي، واعلانه انتقال إيران من موقع الحليف لإسرائيل بقيادة ” الشاه”، الى موقع العدو لإسرائيل بقيادة الإمام الخميني والشراكة في تحرير القدس ودعم حركات المقاومة .
يطل يوم القدس هذا العام متشّحاً بالسواد، مُثخناً بالجراح، يُحاصره الاعداء ويطاردون حاملي رايته، وسيغيب عن منبر القدس أمينه العام “السيد الشهيد” يرافقه 25,000 شهيد وجريح لبناني حتى الآن ويغيب قادة المقاومة في غزه مع 160 الف شهيد وجريح حتى الآن، ويغيب عن منابره وميادينه قادة من المقاومة العراقية ومن الحرس الثوري ومن اليمن وسوريا في أكبر مقتلة يتعرّض لها محور المقاومة منذ 40 عاما ،لأنهم الوحيدون الذين ما زالوا يحملون راية تحرير القدس وعدم التطبيع مع العدو وضد صفقة القرن ،بعدما رفع العرب والمسلمون الرايات البيض إستسلاماً، وشهروا سيوفهم لقطع رؤوس المقاومين الذين يسبّبون لهم الإحراج ويكشفون عوراتهم.
يعود يوم القدس هذا العام حزيناً يلبس كفنه ويجول في غزة المدمّرة والمُستباحة، ويتنقل في قرى الجنوب المدمّرة ويضع الورد على قبور الشهداء، وما يزال الجنوب يمسك بندقيته ضد العدو، لكنه مضطر ان ينظر الى الخلف لينجو من طعنات الأمة المستسلمة والمتآمرة والمطبّعة .
في الذكرى 46 ليوم القدس القريبة من الذكرى 77 لاغتصاب فلسطين ،يقف الكفاح المسلح الفلسطيني على مقصلة الإعدام في ساحته الأخيرة في غزة بعد المجزرة المستمرة منذ أكثر من عام ،فتخرج تظاهرات في غزة تحت وطأة الجوع والعطش والحصار والقتل وانعدام الحياة ،يحركها بعض المتآمرين، لتطالب بخروج المقاومة وتسليم سلاحها وأن تعلن “حماس” استعدادها للتنازل عن حكم غزة(ما سيفرض تسليم السلاح) … وتقف القضية الفلسطينية على مفرق طرق يتجه نحو إنهائها وتهجير غزة والغاء الدولة الفلسطينية وقيام اسرائيل الكبرى!
تحتفل المقاومة في لبنان بيوم القدس وهي تجمع أشلاء شهدائها ويطارد العدو مقاوميها ويغتالهم في سياراتهم المدنية ويحاصرها الأعداء في “شعاب لبنان” ، ويطالبون بنزع سلاحها ويمنعون إعادة إعمار ما دمّره العدو، لإجبارها على الإستسلام او يمكن أن يحرّك البعض تظاهرات ضدها كما خرجت تظاهرات “غزة” . وإذا لم يكن متاحاً خروج “تظاهرات شيعية” ضد المقاومة ،فسيحرّكون تظاهرات أخرى تضاف الى أسلحة الحصار المتعددة التي تحاول خنق المقاومة واهلها ، مالياً وأمنياً ومعنوياً.
سقطت سوريا بأيدي التكفيريين والأتراك والإسرائيليين والأميركيين ولن يظهر “يوم القدس” في دمشق، بل تم نزع سلاح الفلسطينيين في مخيماتهم مع الإقامة الجبرية السياسية والأمنية وتم اقفال بوابة دمشق أمام القضية الفلسطينية!
يحاصر “الكافرون” بالقضية الفلسطينية و “الكافرون” بالمقاومة المسلحة، كل من لا يزال يحمل السلاح للدفاع، وستزداد المعركة سخونة وتوحشاً، ونحن امام مفترق طرق يمكن ان يشكل نقطة تحول في مسار القضية الفلسطينية والصراع مع العدو ،حيث تعتقد أميركا وحلفاؤها انهم يقتربون من إنجاز تهويد الوطن العربي بعد تهويد فلسطين وولادة “إسرائيل الكبرى” و “الديانة الإبراهيمية”.
الأوضاع صعبة ومقلقة والحصار يزداد، لكن الإنتصار ليس مستحيلاً، والمطلوب الصمود والصبر والعقلانية والحكمة وعدم الإستسلام وحفظ “خميرة” المقاومة لليوم الذي سيأتي بإذن الله، لتعود أوراق المقاومة للإخضرار وإن لم نستطع تحقيق النصر الآن، فلا يجوز أن نعلن إستسلامنا او هزيمتنا، وعلينا إعتبار ما جرى معركة من سلسلة المعارك المستمرة ،فإن لم نربح هذه المعركة يمكننا ربح المعارك القادمة من بوابة الصبر الشجاع والإستعداد العاقل والمُحترف الصادق والإيمان الثابت بالنصر، مهما كانت التضحيات، وإن لم نستطع تحقيق الأهداف الآن ، فلا يجوز لنا ان نقيّد الأجيال القادمة ،بإتفاقيات التنازل والتطبيع والإستسلام ، فربما يستطيعون إنجاز ما قاتلنا من اجله او تنجزه الأجيال بعدهم،لأن الوعد الإلهي للمؤمنين ،بأنهم سيرثون الأرض وسينتصرون في المعركة النهائية .



