يا علي ..
يا عليّ..
لم تمض ذكرى الرابع عشر من آب ،من دون ان تخلف غصة خانقة في صدور الجنوبيين ودمعة حرّى في عيون اللبنانيين.
الطفل علي عباس معتوق ابن الثماني سنوات من بلدة تول الجنوبية ،اغتالته قنبلة عنقودية من مخلفات ذلك الزمن الغادر الذي أمطر فيه العدو الاسرائيلي أرضنا بعشرات الآلاف من هذه الغدّارة المحرمة دوليا،أمام أعين العالم الذي عميت أبصاره عن رؤية أطفالنا يسقطون بلا ذنب ولا رحمة .
فيا عليّ..
يا شهيد الطفولة وشهيد الجنوب وكل لبنان،سنذكرك كل صباح مع كل طفل يحمل محفظة كتبه ذاهبا الى المدرسة.
سنذكرك كل مساء مع كل أم تحنو على ولدها وهي تلقنه ألف باء العلم.
سنذكرك في يوم العطلة المدرسية مع كل طفل يتعمشق شجرة التين ليقطف كوزا من فاكهة الجنوب.
سنذكرك يا علي في الليل والنهار، ومع شروق الشمس وطلوع القمر.
لن نبكيك يا علي ..لا تؤاخذنا،لقد جفت الدموع في مآقينا .لكننا لن ننسى ولن نسامح قتلة الاطفال.
لن نبكيك يا علي ،لأن الشهداء أمثالك فوق مجرى الدمع.. هم تيجان فوق الرؤوس.
في يومك يا علي نهديك قصيدة نظمها الزميل الصديق عباس بيضون كتبها لعليّ سبقك الى الشهادة.. بل كتبها لكل شهيد مضى من قبلك،ولكل شهيد سيأتي من بعدك:
يا علي .. يا علي ….يا علي
نحن أهل الجنوب
حفاة المدن نروي سيرتك
على أصفى البرك والأودية
إن حطام ابنائنا واسلحتهم
يغطي السفوح
ونحن نرى ذلك بصمت
بصمت … بصمت
تسقط كل صبيحة…. بندقية على الجبل
ونحن نرى ذلك بصمت
بصمت … بصمت
لكننا ذات يوم سنوجه سكك محراثنا
إلى قلوبهم السمينة الفاجرة
قاومت لتحرر دمك من عنابر الزيت
وفـــــمك من مخازن الســـــكر
وعظامك من مقاعد البكوات وأمراء الدواوين
لكن يا علي يا علي
أين تجد هنا أرضاً لرأس طليق ويدين حرتين
من ينسى آه ينسى
عيون الأطفال الفارغة في أرض موطني
من ينسى آه ينسى
كيف يغوص الفلاحون في تربة ارضهم كالخلد
من ينسى آه ينسى
يا قامة الوعر المنتصبة
والجرد الذي يختزن الصواعق
والقلب الذي يترقرق بماء الوطن
لقد أخرجتك دموع الأمهات قبل الأوان
إلى نهايتك المبكرة
يا علي .. يا علي ….يا علي
قلبي طينة جنوبية وطبل جنوبي
وأنا مثلك يوماً ما
على أرض أقل مجداً
سيقتلني حبي سيقتلني حزني
يا علي .. يا علي ….يا علي
الى جنان الخلد يا علي..
واصف عواضة