يا حضرة الزعيم..
لست انت من يقرّر ، لست انت من يصنع القرار، لست انت من يمنع إفلاس دولة ولا انت بحام للسلم الأهلي وبمانع للفتنة.
الاميركي هو من يقرّر، وانت من يترجم قراره للغة العربية لانك تتقن الاسلوب وتَحبُك قواعد لعبة الإعداد ومخارج الحروف ،هي تعليمات المخابرات معطوفة على نصائح السفراء برعاية محركي المال والاقتصاد الحقيقيين من تصنع القرار، وليس بضعة مستشارين هواة من حولك وبضعة كوادر في مكتب سياسي او شورى لا وقت لديهم للتخطيط لانهماكهم في دفن ورثاء الموتى.
وحدها الجغرافيا يا حضرة الزعيم انقذت سابقا وتنقذ اليوم الدولة من الإفلاس والانهيا،ر وليس حنكة ودهاء و الحاكم بأمر المال في المصرف الكبير، ولا علوم وتدبر حال وشطارة الوزير ولا تسريحة شعر وذكاء مستشار لا يُعرف عنه الا صلاة الاستسقاء ورفع الدعاء للمؤتمرات. وحدها حدود فلسطين تمنع إفلاس البلاد و حالة الفوضى الاقتصادية في بلدك. فلو كانت اليونان عند حدود فلسطين لما كانت بحاجة لأحلام اليسار ولفاشية اليمين ولما انهارت ابداً.
الأميركي يقرّر وانت تترجم وانتم قراء جيدون لانكم وحدكم من يدفع الثمن.
وحده الاميركيّ القلق على اسرائيل قرّر ان لا يتقاتل جهابذة السنة والشيعة في عزّ الخصام والشحن المذهبي والتنافس السني-الشيعي على لقب المتخلف الأكبر. ففي السنوات الأخيرة قام السنة بجهد كبير ومشكورين في اللحاق بالشيعة فنجحوا احيانا في الفوز واحيانا فشلوا في اثبات أحقية خليفة على خليفة ،ومن يموت ومن يقيم المآتم ومن يدفن ما تبقى من جثة الاخلاق بشكل أبرع.
يبدو ليس وجود اسرائيل بشرّ مطلق يا سيدي الامام ، فأحيانا لاسرائيل منفعة كبرى، اذ كانت في السابق توحد السنة والشيعة على عدوّ أخطر وتمنع انهيار اقتصاد دول مفلسة وغير منتجة تعيش عند حافة الجوع والمساعدات والفقر، وربما ما نجهله في الكواليس أكثر و اكثر…
لا يا حضرة الزعيم،
لست انت من يقرّر وليس المعارضون والممانعون من يخطّ للاميركي لونا احمر هنا ولوناً أخضر هناك، بل تسويات وتوزيع حصص امام روسي حائر وجائع وصيني متضخم واوروبي مربك على رفاهيته، منزعج وخائف. فالكلّ يريد يا حضرة الزعيم حصّته من نفط هنا لست بقادر ان تستخرجه انت قبل تسوية مع مدّ انابيب اسرائيل ، ومع روسي يهمه ألا يهاجر غاز بلادك نحو اوروبا ، ليبقى وحده العنوان والتاجر او ماشابه النفط والغاز من ثروات معلومة او مجهولة عن علماء العرب والفرس والاتراك.
لست انت من يقرّر، نحن نعلم وانت تدري والكل إمّا زائل و إمّا مهاجر، والدول الحليفة لنا لا تحبنا كرمى عيوننا، انما تتقرب من وحش اميركي كاسر ليس لتحاربه من اجلنا ، نحن المنسيين ،بل لعلها تقتات من بعض لحمنا ودمنا وثرواتنا كنصيب لها من حفلة دم لا يجف ولن يجف طالما نحن ما زلنا على افكارنا العتيقة عن النجاسة والطهارة ، مكفر بعضنا البعض وكلنا كفار، نكذب و نخدع ، لا نتواضع بل نكابر …
هنيئاً لاميركي راسمالي، ذكي ،متسلبط، فظ، وقح، يفرض عقوبات بسخاء وينشر الحروب بكرم، ينقضّ على ثروات الشعوب ليقامر ، اميركي أجمل ما فيه انه صريح ومنافق و سارق ، و رغم ذلك فهو باق باق باق..