ويل لوطن محكوم بثورة بلا هوية وسلطة متمسكة بامتيازاتها
حكمت عبيد -الحوارنيوز خاص
عندما اقتربت الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة الزعيم الوطني كمال جنبلاط من تحقيق أهدافها المتمثلة بإسقاط نظام "الامتيازات الطائفية" المعروف آنذاك بحكم "المارونية السياسية"، أشعل اليمين اللبناني بقيادة الاحزاب المسيحية، شرارة "حرب السنتين" والتي امتدت منذ العام ١٩٧٥ حتى العام ١٩٩٠، وانتهت نظريا بعقد سياسي جديد سُمّي ب"وثيقة الوفاق الوطني" (اتفاق الطائف).
وها نحن اليوم نشهد سيناريو شبيها اختلطت فيه بيارق الثورة الديمقراطية المشروعة مع بيارق أحزاب اليمين المسيحي المغامر نفسه في مواجهة سلطة تحاول الدفاع عن امتيازاتها.
نحن أمام شوارع تحركها أهداف متعددة، محكومة بتناقضات داخلية بيّنة ستؤدي حكما إلى إنفجار داخل هذه الشوراع قبل أن تتواجه مباشرة بشوارع أخرى، لم تنزل إلى الساحات بعد، لكنها تستعد وتنتظر ساعة الصفر!
أي مغامرة يقودها بعض الذين فشلوا في قيادة البلاد لعقود، وها هم يركبون على أكتاف بعض الشباب الثوري ويحاولون حرف اهدافه نحو هاوية الإحتراب الأهلي مرة ثانية.
ماذا يعني أن يستقيلوا الآن من مجلس النواب دون أفق ودون رؤية ودون مسار واضح لقيام سلطة بديلة، انطلاقا من قانون انتخاب وطني خارج القيد الطائفي يشكل بذاته مدخلا للاصلاحات السياسية المنشودة.
ماذا يعني تعميم هذاالمستوى من الفوضى وتقسيم بيروت الى مربعات "شوارعية" وامنية وتعطيل كل مؤسسات الدولة، دون ضمان اي شكل من الاشكال المراحل الانتقالية، كطرح فكرة حكومة جديدة بصلاحيات تشريعية استثنائية تؤهلها بأن تكون شريكا قويا للمجلس النيابي في عملية التغيير.
عندما طرح الرئيس الفرنسي على الكتل النيابية التي استقبلها في قصر الصنوبر مؤخرا، قيام عهد سياسي جديد او ميثاق سياسي جديد كان يحذر، ضمنا، الأحزاب الطائفية والشوارع غير الطائفية من مغبة دخول لبنان في نفق الثورات غير الناضجة ذاتيا و موضوعيا.
ما نشهده اليوم له أسبابه الداخلية، لكن في الوقت عينه لا شك انه جزء من صراع بين محورين، اميركي من جهة وفرنسي من جهة اخرى.
…ولأنه كذلك ويلٌ لوطن محكوم بثورة بلا هوية و سلطة متمسكة بإمتيازاتها.