رأي

وكأنهم يحطّبون الأرز في علم لبنان(نسيم الخوري)

 

د.نسيم الخوري – الحوار نيوز

 

يمكننا طرح أسئلة أراها وكأنها صارت وطناً واحداً أو هي الوطن الذي يتوحّد بدلاً من تلك الأوطان المشتتة المذهبية والطائفية المتشاوفة التي ترفع رؤوسها فوق قمم هذا الوطن الصغير المتعب، وكأنها تتجاوز هذه البقعة بموقعها وقيمها وتاريخها وتتجاوزمعظم اللبنانيين والعرب والجهات العالمية كلّها، سواء الرباعيات منها والخماسيات والسداسيات من الدول ورؤساء الدول واللجان المنبثقة من خارج والوفود المشغولة بنا أكثر من إنشغالها ببلادها:

ألسنا نتلمّس المخاطر المصيرية تدقّ مجدّداً الأبواب والنوافذ والرؤوس من كلّ الجوانب في الداخل والخارج؟

ألا توافقون معي أنّ كثراً يدسّون أياديهم خلسةً الى جيبك وأنتم تُصدقون واقفين متأهبين خائفين على لبنان والنشيد الوطني الذي قال بأنّنا كلّنا للوطن للعلى للعلم؟؟

ألم يقل لكم فؤاد شهاب يوماً بأننا إنتهينا من الإستعمار الخارجي وأمامنا إستعمار أقوى وأشرس هو الإستعمار الداخلي؟

ليطمئن الرئيس شهاب أنّ هذا الإستعمار الداخلي بات بصيغة الجمع الذي لا يمكن تعدادها. يا ما أُحيلى….ما أسمعه في هذا المجال من توقٍ وحنين للماضي ؟؟؟

ألم يدفن شهاب تجربته وأوراقه ووثائقه  رئيساً  للجمهورية في حفرةٍ قرب منزله في جونية كي لا يتذكّر ولا يورّث شيئاً للأجيال؟

نعم الإستعمار الداخلي يتظهّرأقوى بكثير من كلّ الإستعمارات الخارجية، ونحن غارقون في زمن تحوّلات وأجران متغيّرات وتحديات هائلة في بلدان بحيرة المتوسط ونحن الأصغر والأجمل ونبدو الأضعف إذ تشتدّ محاولات تدمير الوفاق وتخريب الوئام وإشاعة الذعر والخرائب؟

 ألسنا نرى جيشنا ينتقل من الدفاع الى الشهادة ومن الحدود الى الأمن والقهر والحيرة تجاه زواريب السياسة والسياسيين؟

أليس الأمن بكلّ معانيه هو ركيزة الدولة اللبنانية المدنية ومطلب الأجيال والأولاد والأحفاد أناثاً وذكوراً  وفي كلّ بقاعات لبنان.

ألا تتحسّس كلّ لبنانية أو لبناني فينا المخاطر التي تحوق بنا من مختلف الإتجاهات والتوجّهات؟

حتّام ننتظر كي يصبح كلّ واحد منّا جندياً أو خفيراً أو حتى عاقلاً في ورشة وطنية جامعة مانعة للدفاع عن لبنان وصيانة بقايا شعبه الواحد الموحّد لا المشتّت وعلى المستويات كلّها؟

ماذا تُضيف أو كيف تُطمئن هذه الإجتماعات الوزارية، بل ما هي الأهمية لها لطالما تتضاعف المخاطر التي تجعل الخلافات لاغية للإستحقاقات المصيرية كلّها؟

هل ننكر المسافات الهائلة المترسخة عندنا بين النصوص والتطبيق، أوبين البيانات الوزارية وطريقة الحكم والإنجازات، أو بين الخطب والمواعظ السياسية والبرامج؟

أليس هو العبث بعينه ألاّ نتحرك ونقول ونتلاقى بعدما تراكمت المهمّات والمخاطر على الجميع جيشاً وشعباً فوق مساحتنا الصغيرة وحسب، بل في وجه المتربّصين الكثر بنا، ّ وخصوم لبنان في الداخل والخارج لا في قتالنا الإجتماعي والوطني والنفسي والطائفي وقتل ظاهرة الخوف والقلق التي تعانيها جغرافيتنا ؟

على إيقاعات هذه الأسئلة وأسئلتكم الكثيرة نبدو وكأننا نخرج من قلب النشيد الوطني وأكثر من ذلك بكثير وأخطر، يبدو اللبنانيون وكأنهم يحتطبون الأرزة في علمهم الوطني، بدلاً من أن يقفوا معاً بكلّ مذاهبهم وأحزابهم وانتماءاتهم وأفكارهم وآرائهم متحصنين بقدسيّة الخروج من جحيمهم الطافح بالجروح والفقر والقهر والإنصراف نحو المثلثات الثابتة المكللة بالوطنية واحترام الذات والعائلات وبالشرف والحوار التضحيات والوفاء، نطلّ بها على التلفزيونات والساحات والمجتمعات في العالم لشدّ أساليب  التلاحم والتلاقي والخلاص، وردم التفسخّات والإنقسامات والفراغات السياسية وألواننا المتعددة التي تهدّد لبناننا الحبيب.

وعلى إيقاعات هذه التجمّعات الوطنية العفوية النظيفة يرفع اللبنانيون مهما أختلفت مذاهبهم وأديانهم ومناطقهم وأصواتهم وخطبهم ووشوشاتهم نحو رفع الأصوات التي تُساهم فعلياً في حماية لبنان بتشظياته، لتصون المباديء والقيم  وتُطين الوحدة الوطنية المشققة التي تتوق إليها الغالبية العظمى من المواطنين في لبنان.

وعلى إيقاعات هذه الأسئلة والأربعة ملايين من الأسئلة المشابهة التي ينطقها ويكظمها، نرفع الرؤوس والنصوص تحية إجلال وتقدير وإحترام لشهدائنا كما لشهداء جيشنا الأبطال وللمؤسّسة الخضراء التي تميل إلى الصمت العسكري البليغ الذي يضمر فصاحةً وطنيةً خالصة.

الغاية الكبرى والمُثلى المنتظرة كي يبقى صوتنا عالياً يصرخ : لبنان الوطن لا وطن الساحات والمذاهب والزوايا لا الوطن بل الأوطان المستوردة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى