استقبل مركز دورس للأم والطفل التابع لمؤسسة عامل الدولية، بالتعاون مع “فونداسيون ميريو” وبلدية دورس ومحافظة بعلبك الهرمل ووزارة الصحة، يوم 17 أيلول، وفد لجنة “كي لا ننسى صبرا وشاتيلا” الأوروبي، الذي حضر هذا العام إلى لبنان لإحياء ذكرى المجزرة، متحدياً كل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، ومصراً على إبقاء شعلة المقاومة الإنسانية متقدة. الزيارة إلى مركز “عامل” كانت جزءًا من برنامج أُعلن عنه في ملتقى السفير الأسبوع الماضي، والذي لا يهدف فقط لإحياء ذكرى المجزرة، بل أيضاً لرفع صوت الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية في غزة.
استقبل الوفد الذي ضم عشرات الناشطين الأوروبيين الدكتور كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية، ورئيس بلدية دورس إيلي غصين ونائبه شوقي الطفيلي، والدكتور قاسم عينا رئيس جمعية بيت أطفال الصمود، ومسؤولة المركز دارين الأحمر والفريق الإداري والطبي والتمريضي في المركز ومنسقة المشروع ملاك خيامي. وتهدف هذه الزيارة للاطلاع على مراكز المؤسسة المنتشرة في لبنان، ضمن رؤية تربط بين العمل التنموي والمقاومة الإنسانية. مؤسسة عامل، الملتزمة بقضية فلسطين، تحضر حالياً بالتعاون مع جمعية بيت أطفال الصمود ولجنة “كي لا ننسى صبرا وشاتيلا” وبلدية الغبيري وفعاليات ثقافية وإنسانية، لإقامة مركز ثقافي ومتحف على أرض المقبرة الجماعية، من تصميم المهندس المبدع الدكتور غازي مكداشي. هذا المركز سيحافظ على الذاكرة التاريخية للمجزرة ويسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني عبر الأجيال.
وفي كلمته الترحيبية، أشاد مهنا بالتزام وشجاعة لجنة “كي لا ننسر صبرا وشاتيلا وحق العودة” التي جاءت لبنان في أصعب اللحظات، وقررت المشاركة بالعديد من الأنشطة التضامنية، كجزء من دورها الكبير في إحياء القضية الفلسطينية على صعيد أوروبا، وسعيها لايصال الصوت الفلسطيني لكل أنحاء العالم، خصوصاً في ظل الإبادة الجماعية التي تقوم بها “اسرائيل” ضد أبناء غزة على مرأى ومسمع الغرب الذي لطالما نادى بشعارات حقوق الإنسان والعدالة، ولكنه يشيح بوجهه عن ما يحصل في فلسطين، إرضاء لمصالح سياسية واقتصادية لا تمت للإنسانية بصلة.
واعتبر أن الالتزام بقضايا الشعوب المحقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية هو المعيار الحقيقي للعمل الإنساني، مشيراً إلى أن “عامل” التي تحمل لواء الكرامة الإنسانية منذ عقود هي حركة نهضة اجتماعية لن تتنازل عن دورها النضال وسعيها إلى تحرير العمل الإنساني من الهيمنة والعقلية الاستعمارية، وقد ترجمت ذلك من خلال انضمامها لجهود إحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، ونضالها من أجل تعزيز إنسانية الإنسان والمطالبة بحقوقه وصون كرامته بمعزل عن انتماءه. “إن عامل تؤمن بامكانية بناء عالم أكثر عدالة وأكثر إنسانية تكون فيه فلسطين وكل شعوب العالم حرة ومستقلة وسيدة على نفسها، وإنهاء الاستعمار هي عملية تراكمية لا سباق شعارات وبيع أوهام وخطب عشوائية”.
من جهته أكد ممثل لجنة صبرا وشاتيلا أن وجود اللجنة في لبنان اليوم، له معان كثيرة، أن هؤلاء الناشطين لن يتخلوا عن التزامهم اتجاه الضحايا والناجين من المجزرة في لبنان، ولن يتوانوا عن الوقوف مع لبنان وفلسطين في مواجهة الاستعمار وكل أشكال العدوان. وأكد أن اللجنة لن تتخلى عن التزامها أمام الشعب الفلسطيني وأهالي الضحايا والشهداء في المجزرة وستظل تعمل من أجلهم في كل المحافل الدولية، معتبراً أن الشراكة مع جمعية بيت أطفال الصمود بقيادة المناضل الفلسطيني الفذ الدكتور قاسم عينا، ومؤسسة عامل الجمعية الملتزمة بقضية فلسطين قولاً وفعلاً، هي فرصة لتعزيز الجهود من أجل تحريك الضمير العالمي وحشد التأييد للقضية الفلسطينية ونضال شعبها، وبث الوعي والالتزام في الجيل الجديد القادر على استلام دفة النضال بعد أن أثبت أنه قادر على تمييز الحق والوقوف إلى جانب المظلومين وملئ ساحات العالم تحركات احتجاجية من أجل فلسطين.
بدوره رئيس بلدية دورس السيد إيلي غصين رحب بالوفد وقال:” أرحب بالوفد الذي زارنا هنا ونعتبر زيارته لنا هنا كأنها حصلت في الجنوب، لأنه في البقاع والجنوب شعب واحد يقاوم الإحتلال الإسرائيلي الذي يرتكب نفس المجازر التي ارتكبها في صبرا وشاتيلا يرتكبها الآن في غزة، ونطلب منكم كوفد أجنبي بالضغط على الدول الأوروبية لوقف هذه المجازر، ونشكر الدكتور مهنا على جهوده التي تصب في مصلحة المنطقة والقضية”.
وكانت كلمة للدكتور قاسم عينا تحدث فيها عن خصوصية هذا العام بالنسبة لمجزرة صبرا وشاتيلا، إذ يشاهد العالم إبادة جماعية في غزة، تعيد إلى الأذهان بشاعة الصورة في صبرا وشاتيلا، وتبيّن مدى وحشية الاحتلال واعتماده على منطق الترهيب والإبادة عبر التاريخ من جهة، وعزيمة الشعب الفلسطيني واصراره على الحرية من الجهة الأخرى. واعتبر أن ما يحدث اليوم في غزة هو استمرار لمجزرة صبرا وشاتيلا التي لم تشهد عدالة، وقد أدى التهاون مع “اسرائيل” إلى الوضع الذي وصلنا إليه اليوم وهو الاعتداء على القوانين الدولية والإنسانية من دون حشاب، وهو ما إن استمر قد يضع العالم تحت رحمة شريعة الغاب.
وأضاف:” تتسم هذه الزيارة بأهمية خاصة لأنها في ظل ظروف الإعتداءات الصهيونية على لبنان وارتكابها مجازر إبادة وتمييز عنصري ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وما يجمع لبنان وفلسطين أكثر بكثير مما هو متعارف عليه، فهناك دم يجمعهم، فمنذ العام 48 الشعب اللبناني كان إلى جانب فلسطين وسيبقى إلى جانب الحق لأن فلسطين فهي قضية إنسانية وقضية عدل وإنسانية، والنصر للمقاومة”.
بعدها جال الوفد على أقسام المركز وتعرف على برامجه وتقديماته التي تطال كل شرائح المجتمع على اختلاف انتماءاته وجنسياته.