وسيم منصوري: كفؤ وآدمي..ولكن!)واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
لا أحد حتى الآن (وأقول حتى الآن) رمى وسيم منصوري، الحاكم الجديد بالوكالة لمصرف لبنان المركزي، بحجر،إلا ما ندر..يُجمع القوم على خلاف توجهاتهم، بأن الرجل كفؤ و”آدمي” وليس في سجله أي علامات سود.
ولكن هل يكفي ذلك لإدارة مؤسسة كالبنك المركزي اللبناني في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها لبنان،ومع التركة الثقيلة التي خلّفها سلفه الحاكم الأصيل رياض سلامة الذي عاد إلى منزله آخر الشهر الماضي محمّلا بألف تهمة وألف سؤال؟
تسلم وسيم منصوري منصب النائب الأول لحاكم مصرف لبنان في 11 حزيران 2020،أي بعد أن “وقع الفاس بالراس” وبدأت الليرة اللبنانية زحفها السريع نحو الإنهيار.
هو أستاذ جامعي خريج الجامعات الفرنسية. حاصل على دكتوراه في القانون العام، تخصص القانون الدستوري من جامعة مونبيليه -1 في فرنسا، ودكتوراه أخرى من “الجامعة اللبنانية”، وإجازة في الحقوق من ذات الجامعة، ودبلوم دراسات عليا في القانون الشامل من “جامعة مونبيليه 1.
مدير الفرع الفرنسي في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية، منذ تموز عام 2019. صاحب ومدير مكتب “منصوري وشركاه للمحاماة”، وعضو “الشعبة الوطنية لمحكمة التحكيم الدائمة”، واستاذ في الجامعة اللبنانية، وهو محام وخبير قانوني.
كان منصوري مستشاراً لوزير المالية السابق علي حسن خليل، وعضواً في مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس شمال لبنان، وحاز على الوسام الأعلى لجمهورية غينيا الاستوائية من قبل رئيسها عام 2018.
قبل أن يتسلم مهامه في أول الشهر الجاري كان وسيم منصوري يشعر بثقل المهمة الملقاة على عاتقه في هذا الظرف العصيب.لذلك حاول طوال الفترة السابقة تجنب هذا “البلاء” من خلال التلويح بالاستقالة ،هو ونواب الحاكم الثلاثة الآخرون.لكن قانون النقد والتسليف حشره في الزاوية.فهو المؤتمن على المصرف المركزي كنائب أول للحاكم في غياب الأصيل،ولو من خلال تصريف الأعمال،فاتكل على الله وقرر الاستمرار على قاعدة “اللهم أعنّي على هذا البلاء”. لكن الرجل وضع النقاط على الحروف قبل يتلوث في وحول الإنهيار ويخرج “شيطانا رجيما” كما خرج رياض سلامة.
ولأن وسيم منصوري يعرف “البير وغطاه” سياسيا ونقديا واقتصاديا،ويعرف أن الإستمرار في الوتيرة التي انتهجها رياض سلامة سيودي بالبلد إلى مرحلة “ما بعد اإنهيار”،وضع الرجل روزنامة واضحة تقوم على رسم سياسة جديدة، “إذ لا قدرة على التغيير من دون خطة متكاملة”، داعياً الطبقة السياسية إلى اخراج كل ما يتعلق بالسياسة النقدية من التجاذبات السياسية.
أكد منصوري على عدد من الثوابت من أجل الاستمرار في مهامه ومنها:
- لن يتم التوقيع على أي صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاته وخارج الإطار القانوني لذلك.وعليه يجب إصدار قانون لإقراض الدولة لفترة محدودة.
- إننا أمام مفترق طرق، إذ أن الاستمرار بنهج السياسات السابقة في ظل إمكانات المصرف المركزي المحدودة ،يعني أنه لا بد من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل.
- لا يجوز المسّ بالتوظيفات الإلزامية تحت أي مسمّى أو ذريعة.
- سياسة الدعم كانت تكلف 800 مليون دولار شهرياً من احتياطات المصرف المركزي ، ولم تكن سياسة صحيحة ومستدامة.
– يجب إقرار قوانين إصلاحية خلال مدة 6 أشهر على رأسها، موازنة 2023، الكابيتال كونترول، إعادة هيكلة المصارف وإعادة التوازن المالي.
– تطوير منصة صيرفة سيكون تدريجياً وفق قواعد الشفافية والحوكمة الرشيدة.
– تحرير سعر الصرف وتوحيده يعني أن سعر الدولار المقوّم على الليرة يتم تحديده بحسب عمليات السوق، ومن دون كلفة أو تدخل من المصرف المركزي، على أن يتم ذلك بالتدرج حفاظاً على الاستقرار وبالتوافق بين الحكومة ومصرف لبنان.
هذه الثوابت- الشروط التي وضعها منصوري ورفاقه في المجلس المركزي،يبدو تحقيقها شبه مستحيل في ظل الواقع الرسمي والسياسي الراهن.يعرف وسيم منصوري ذلك ،لكنه ارتضى المهمة على قاعدة “اللهم إنّي بلغت”.
فالبلد في شغور رئاسي ،وحكومة تصريف أعمال تجتمع “على القطعة” ،ومجلس نيابي لا يلتئم إلا “بشق النفس”.وكان أول الغيث في استنكاف الحكومة ورئيسها عن إقرار مشروع قانون يجيز للدولة الإقتراض من المصرف المركزي،وإحالة هذا الأمر على عاتق مجلس النواب من خلال إقتراح قانون نيابي. .
يسأل البعض:أين كان وسيم منصوري خلال السنوات الثلاث الماضية في ظل تصرفات وممارسات رياض سلامة ،وهو النائب الأول للحاكم؟
هو قال ب”عظمة لسانه”:كان رياض سلامة يتصرف على هواه من دون الإلتفات لملاحظات نواب الحاكم.وقانون النقد والتسليف يجيز له ذلك.
ويأخذ بعض آخر على وسيم منصوري أن مرجعيته وداعمه هو رئيس مجلس النواب نبيه بري وليس كفاءته ،وهو إبن شقيقته؟
يرد المقربون:من كان منكم بلا مرجعية فليرجمه بحجر؟
وفي الخلاصة ،وعود على بدء..
ماذا سيفعل وسيم منصوري إذا لم تلب شروطه وثوابته خلال الأشهر الستة المقبلة؟
الجواب بسيط: إذا توفر للبنان رئيس للجمهورية في هذه الفترة ،فلسوف يتخلص وسيم منصوري من هذا ” البلاء” ..وإلا فالإستقالة في جيبه ،وكان الله يحب المحسنين!