وسط إنقسام حاد في الرأي: مجلس الوزراء يقرر مخالفة القانون وعدم دفع الديون
حكمت عبيد
رسميا اتخذ قرار بالإمتناع عن دفع الديون المتوجبة على الدولة اللبنانية والمستحقة في التاسع من الشهر الجاري "بالإجماع"، وهو قرار وصف بالإعلان الرسمي لإفلاس لبنان ،لأن القرار بطبيعة الحال يشمل مجمل الدين الخارجي والذي يبلغ نحو ٣١ مليار دولار اميركي.
أظهرالنقاش داخل مجلس الوزراء إنقساما حادا بين رأيين:
الأول رأى وجوب عدم الدفع للتراجع الكبير في احتياط العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، ولإعطاء الأولوية لضمان الحد الأدنى من الإستقرار في البلاد الى حين البدء الفعلي من الخروج من الأزمة الإقتصادية والمالية والمصرفية.
الرأي الثاني فضّل دفع الدين كحسن نية والطلب الى الدائنين اعادة الجدولة أو اعادة الهيكلة وفق خطة نهوض اقتصادي "مقنعة".
شائبتان رافقت النقاش الوزاري، الأولى أن القرار حسم لمصلحة عدم الدفع استنادا الى رأي هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل بناء لطلب وزيرة العدل ماري كلود نجم من دون احترام الأصول القانونية لطلب الإستشارة. فالتعميم رقم ٦٠ تاريخ ١٥ -١٠- ١٩٦٠ ،والتعميم رقم ١٠ / ١٩٦٣ الذي أوجب على كل إدارة ترغب في استطلاع "الهيئة" في قضية ما أن تحرص على "أن يكون طلب الرأي في هذه القضية مرفقا بالملف الكامل العائد لهذه القضية وحاملا دائما توقيع الوزير المختص". كما نص على وجوب أن يتضمن طلب الرأي " الملف الكامل العائد لهذه القضية وتقرير مفصل ينطوي على الوقائع ويثير النقاط القانونية المطلوب حلها ويتضمن وجهة نظر الإدارة بصورة صريحة" وهو الأمر الذي لم يحصل.
الشائبة الثانية والتي تجاهلتها إستشارة "الهيئة" هو أن عدم الدفع مخالف كليا للدستور وللقوانين، فهو إذ يعرض الملكيات الخاصة التي كفلها الدستور الى مخاطر كبيرة، فإنه يخالف قوانين الموازنات العامة التي فوضت الحكومة بالإستدانة وبالدفع ،ولم تفوضها ب"عدم الدفع"، وأن أي تعديل للقانون بحاجة لقانون ولا يستقيم بذلك قرار مجلس الوزراء.
مصادر وزارية كشفت ل " الحوارنيوز" أن الجلسة شهدت نقاشا حاميا تمحور حول المصادر التي من الواجب لحظها لتأمين سيولة لتغطية المستحقات التي سيعاد جدولتها، وهو السؤال الذي لم يجب عليه أحد من الفريقين.
وتضيف المصادر أن الرئيس المكلف قدم توصيفا دقيقا للأزمة ،وهو ما كان موضع إجماع الوزراء ،لكن القرا النهائي كان خارج السياق المنطقي لتطور الأمور.
لا شك أن الحكومة تبذل جهودا تقنية كبيرة وتخوض غمار التغيير من فوق ،وبما يتوافق مع تطلعات "الثورة" من تحت، لكن يجب الا يغيب عن بالها أن مفتاح الحل سياسي وأن الحصار السياسي والمالي الأميركي قد يجد في قرار مجلس الوزراء فرصة لزيادة الضغط من خلال طلب الدائنين حجز موجودات الدولة اللبنانية في الخارج ،ومنها الذهب على سبيل المثال لا الحصر.