نبهان كيوان -الحوارنيوز خاص
تسلم أمين عام كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل من دولة الرئيس نبيه بري منذ أيام، وسام أفضل برلماني عربي، وهو وسام يمنحه اتحاد البرلمانيين العرب لنواب قدموا إسهامات جدية وغنية في مجال العمل التشريعي الذي يخدم تطوير التشريعات التي تسهم في تطوير المجتمع وتحقيق مبادىء العدالة الشفافية وسيادة القانون. ولا يمنح الوسام لهذه العوامل فحسب، بل لأداء النائب العام وتفاعله مع مجتمعه واحترام المؤسسات واحكام الدستور.
لا شك أن نظرة موضوعية لأداء النائب الخليل خلال ولاياته النيابية أو من خلال أدائه كوزير دولة للإصلاح الإداري أو وزير إعلام ووزير ومهجرين ولدوره كمشرع، تفضي طبيعياً الى مثل هذا التكريم العربي.
ففي الوزارة الأخيرة أعاد تصحيح الكثير من الإختلالات ووضع برنامجا دقيقا لتنفيذ ما تبقى من مراحل العودة.
وفي وزارة الاعلام فإن كل مواطن متابع يتذكر كيف أغلق مزاريب الهدر والتسيب في الوزارة من خلال العديد من الإجراءات القانونية، ووضع هيكلية جديدة للوزارة تنصف العاملين والمتعاملين وتحدد هوية فاعلة للوزارة، أكثر دينامية وكرافعة للإعلام الوطني وللحريات العامة. وفي وزارة الاصلاح الاداري فهو كان الوزير المؤسس والذي وضع مع خبراء خطة مرحلية لإصلاح الادارة وتطويرها ودافع عنها في مجلس الوزراء وامام مجلس النواب، وبقي حتى آخر لحظة يتابع ويحرض على تنفيذها. لكنه كان عبثاً يحاول مع رفاقه في الكتلة وخارجها، مع مثل هذه المنظومة الحاكمة او هذا النظام الطائفي وترسخه العميق.
المؤسف أنه وبالتوازي مع خبر تكريم النائب الخليل من قبل اتحاد البرلمانيين العرب، تتردد في الأيام الأخيرة أخبار عبر بعض الوسائل الإعلامية وكذلك عبر بعض وسائل التواصل، تفيد بأنه لا نية للوزير الشيخ انور الخليل للترشح إلى الإنتخابات النيابية المقبلة كذلك عن عدم ترشح نجله الأستاذ زياد الخليل لهذه الإنتخابات.
اذا صحت تلك المعلومات فإنها ستشكل صدمة بل وخسارة كبيرة للعمل النيابي التشريعي الوطني بشكل عام ولمنطقة حاصبيا واهلها بشكل خاص.
ذلك لأن النائب الخليل شكل علامة فارقة في العمل التشريعي لدوره الفعال في كتلة التنمية والتحرير، وكذلك في المجلس النيابي، كما انه صاحب عدة اقتراحات قوانين لتنظيم الإدارة وشؤونها وخاصة عندما تولى وزارة التنمية الإدارية، كما أشرنا سابقاً.
على المستوى الوطني كان للنائب الخليل مع زميليه ابراهيم عازار وهاني قبيسي شرف إنجاز اقتراح قانون خارج القيد الطائفي، وهو القانون الذي ينادي به كل إصلاحي ووطني وديمقراطي في لبنان ويعارضه كل مذهبي وطائفي وفاسد في لبنان.
قرار الناىب الخليل يشكل خسارة للعمل البرلماني.ففي ما خص منطقة حاصبيا، تلك المنطقة كانت مهملة على كافة الصعد الإنمائية والعمرانية والتربوية، حيث كانت منطقة منسية من قبل الدولة اللبنانية منذ عهد الإستقلال وما قبله، فقط كانت تعرف بمنطقة “فتح لاند”.ورغم الاهمال بقي اهلها متمسكين في أرضهم، مقاومين للإحتلال ولم تزعزع قناعاتهم تجاوزات التلزيم لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بحركة فتح، وقدمت قرى هذه المنطقة، وقلبها مدينة حاصبيا، أثمانا باهظة من دماء ابنائها ومن خراب في بيوتها وبساتينها وقدمت العديد من الشهداء من الماري والفرديس الى الهبارية وكفرشوبا الى حاصبيا ذاتها وغيرها من قرى المنطقة.
اما من الناحية الإنمائية فلا طرقات ولا حياة ،حتى ان مدارسها كانت تعاند الاهمال بالإرادة حتى جاء النائب الخليل ببرنامج متكامل لدعم المدارس الرسمية الأكاديمية والمهنية في حاصبيا والعديد من قرى قضاء مرجعيون. وخصص المئات سنويا للمنح الجامعية والتي ما زالت مستمرة حتى الآن.
عين الخليل في العام ٩١ عن المقعد الدرزي المستحدث لمنطقة حاصبيا. ثم انتخب في العام ١٩٩٢ نائبا عن المنطقة وكان ضمن لائحة التنمية والتحرير، وكذلك كان صلة اساسية من حملات الوصل بين دولة الرئيس نبيه بري وبين رئيس اللقاء الديقراطي وليد جنبلاط، وكان بدماثته واخلاقة وخطابه الوطني واحة لقاء وتلاق.
ومنذ دخوله المعترك السياسي ممثلا المنطقة في المجلس النيابي، بدأ مشاريع عمرانية ومن ماله الخاص في كافة قرى المنطقة، فما من ضيعة الا وقام ببناء فيها ،سواء مقر ناد رياضي ثقافي ام قاعة عامة للمناسبات الإجتماعية في القرى حيث كانت هذه القاعات غير موجودة نهائيا.
ثم توجه نحو بناء البشر فبدأ حيث نفذت خطة من قبل مجلس الجنوب، وبتوجيه من الرئيس بري ودعم جنبلاط، بناء المدارس وخاصة ثانوية حاصبيا الرسمية، ثم والانجاز الأهم برأيي الخاص هو قيامه بتكريم الطلاب المتفوقين في مختلف الشهادات الرسمية حيث اقيم في كل عام احتفال تكريمي لهؤلاء الطلاب وتقديم الهدايا لهم بحضور شعبي حاشد، فأصبح هذا التقليد من سمات المرحلة واصبح هدف العديد من الطلاب هو التفوق للمشاركة في هذا التكريم.
لم يقتصر اهتمام معاليه على التكريم للمتفوقين فقط انما وضع وعبر مؤسسة الخليل ميزانية سنوية توضع لمساعدة الطلاب الجامعيين في مختلف الجامعات اللبنانية، حيث ساعدت هذه المؤسسة المئات بل الآلاف من الطلاب على تحصيلهم العلمي الجامعي.
اما على المستوى الصحي فكان له الدور الأبرز في انشاء وتطوير مستشفى حاصبيا الحكومي ومساعدة العديد من المستوصفات الصحية في المنطقة،غير المساعدات الإجتماعية للذين بحاجة للمساعدة في دخول المستشفيات، كذلك المساعدات الإجتماعية للعديد من العائلات المحتاجة.
أما على المستوى الزراعي فدعم عملية تصريف زيت الزيتون الى مؤسسات الدولة ،وحاول تأمين أسواق خارجية ولا زال حتى الآن يعتبر زراعة الزيتون من أولوياته المطلقة. كذلك مساعدة بعض التعاونيات الزراعية.
ان ما قام به الوزير الخليل ومن جيبه الخاص لم تقم بجزء يسير منه الدولة ومنذ نشوئها.لذلك جاء خبرعزوفه عن الترشح صدمة للمنطقة وللعمل السياسي والاجتماعي والإنمائي، وقد يكون من الصعب اختيار بديل عنه بنفس المستوى والمواصفات.
حكاية النائب انور الخليل مع اهله في حاصبيا حكاية نجاح وفرح، حكاية تعاون وصداقة حقيقية، وغيابه عن العمل البرلماني صدمة لكل المنطقة عسى ان يكون الخبر غير صحيح.
لقد شكل النائب الخليل بمشاريعه الانمائية العامة والتي نفذها دون تمييز، جزءا من هوية حاصبيا الوطنية، ولعل دار حاصبيا الشامخ في أول المدينة شاهد على ما نقول، فهل يكافأ النائب الناجح بالعزوف والتجني؟
ربما في بلد الطوائف والمذاهب والبلطجية وبعض مجموعات المعارضة التي لم تقدم برنامجا واحدا يبشر بالخير حتى الآن، سوى الصراخ للصراخ.
زر الذهاب إلى الأعلى