كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
لعلها من المرات النادرة في تاريخ لبنان ،التي يتنكب وزارة الداخلية والبلديات، وزير يتأبى استخدام “عضلاته” في وجه الناس.ربما سبقه زياد بارود في هذه الثقافة. فالقاضي بسام مولوي إبن طرابلس يفضل أن يمارس مهامه بالمحبة:” لا يمكن أن تنجح في موقعك إذا لم يحبك فريق عملك والآخرون .. وعليك أن تحبهم أنت أولا”.
بهذه الخلاصة يختصر المولوي أسلوب عمله في الداخلية.لقد أمضى في سلك القضاء نحو ثلاثة عقود ،لم يُعرف عنه خلالها الشطط في ممارسته لعمله.سيف العدالة بالنسبة إليه قاطع ،ولكن في سبيل الحق، بعيدا عن الظلم ،قريبا من التظلم.
“المشاكل الملقاة على عاتق الداخلية كثيرة وكبيرة ،اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا وإداريا(يقول الوزير) ..الهموم البلدية جسيمة ،لا سيما في البلديات الكبرى كبيروت وطرابلس. لكن بالعمل والمحبة يمكن معالجة الكثير.لدي مشاريع وأفكار حلول لكل المسائل ،وقد بدأنا مع فريق عمل نشيط التحضير لذلك،ونأمل أن نحقق شيئا في الفترة القصيرة المقبلة”.
لا يبدو بسام مولوي من قماشة السياسيين اللبنانيين. ربما لا يريد أن يشتغل في السياسة.لكن السلطة “غرّارة” كما كان يقول الرئيس الراحل صائب سلام.العبرة بعد 21 أيار 2022 حين تنتهي ولاية الحكومة الميقاتية الثالثة مع بدء ولاية مجلس النواب العتيد ،هذا إذا حصلت الانتخابات في مواعيدها القانونية.
في لقائه مجلس نقابة المحررين الصحافيين الأربعاء يؤكد وزير الداخلية أن “لا خيار عندنا سوى إجراء الانتخابات.وإذا لم نجر الانتخابات لا نكون قد عملنا شيئا كحكومة.وأي تأخير في مواعيد الانتخابات سيكون إنعكاسه سيئا جدا على لبنان وعلى القوى السياسية”.
يبقى الحديث الأبرز في دائرة الانتخابات المقبلة،وهي الموضوع الرئيسي الذي يركز وزير الداخلية جُلّ اهتمامه عليه:”أنا لن أتدخل في قانون الانتخاب،لكنني سأنفذ مضمونه حرفيا.سوف ينجز القانون ويُلقى بثقله على وزارة الداخلية.علينا تحديد موعد الانتخابات،وهذا الأمر أساسا هو من صلاحيات الوزارة.ولذلك قد لا يحدد القانون في مجلس النواب غدا (اليوم) موعد دعوة الهيئات الناخبة ،إنما قد تصدر توصية عن مجلس النواب بذلك.سوف ننظر في الموعد المناسب،ولكن لن يصدر المرسوم قبل أواخر كانون الأول.
ولكن ما الذي يحول دون إجراء الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية في يوم واحد؟
يجيب الوزير على الفور:لا إمكانية لذلك لوجستيا.الأمر يحتاج الى ثلاثة أضعاف العدد الإداري من الموظفين لهذا الأمر ،ما يعني تجنيد نحو 45 ألف موظف لهذه الغاية ،وهذا غير متوفر حاليا،وكذلك على المستوى الأمني والقضائي واللوازم التقنية والتدريب وغير ذلك فضلا عن التكاليف.هناك استحالة في هذا المجال.أما كلفة الانتخابات النيابية فهي لا تتعدى 15 مليون دولار ،ويمكن اختصارها الى عشرة ملايين فقط.
يتحدث الوزير مولوي مطولا عن طبيعة عمله في الوزارة .تفهم من حديثه أنه يقضي ثلاثة أرباع يومه في العمل، ويتابع كل شاردة وواردة،صغيرة كانت أم كبيرة.يتجنب الإجابات المباشرة في المسائل المحرجة .هو يمتلك حنكة دبلوماسية فاقعة تؤهله لموقع سفير فوق العادة.لا يقع في فخ الأسئلة المحرجة،فلا تأخذ منه “حقا ولا باطلا”.يبتسم عندما تصارحه بهذه الحقيقة .
يحاذر المولوي الدخول في المهاترات المتعلقة بالقضاء،لا سيما في موضوع المحقق العدلي طارق البيطار والجدل القائم حول تحقيقات قضية إنفجار المرفأ.لا أحد يعرف في رأيه متى ستنتهي هذه القضية ويعود مجلس الوزراء الى الانعقاد طبيعيا.وعندما تلح عليه بالسؤال عن المخرج المناسب لهذه المعضلة يجيب:”طبعا هناك مخرج لهذه المشكلة القضائية.كل مشكلة لها مخرج”.يتبسط أكثر ويلمح فيقول:”لا أريد أن أصوّب على قضية المرفأ بالذات.ولكن في عملنا القضائي يمكن تجزئة أي قضية”..وكفى.والشاطر يفهم!
وزير الداخلية الذي تتجمع أمامه يوميا عشرات التقارير الأمنية ،مطمئن تماما بأن “لا أحد في لبنان يريد الذهاب إلى حرب أهلية،وأكبر دليل على ذلك أن حادثة الطيونة حوصرت ولم تتمدد”.
زر الذهاب إلى الأعلى