الحوارنيوز – خاص
بينما يتحمل المدنيون جميعهم جل وطأة الحرب على غزة، أصبح الأشخاص ذوو الإعاقة والنساء والأطفال فيها اليوم أكثر انكشافًا من غيرهم على آثارها، حيث يشكّلون أعلى نسبة من الضحايا، ولا يتلقون أيًا من خدمات الرعاية الصحية الضرورية من أجل بقائهم على قيد الحياة. فلقد أدّت الحرب الحالية، بجانب السياسات والممارسات الإسرائيلية خلال 56 عامًا من الاحتلال والحصار المفروض على غزة منذ عام 2007، إلى تفاقم أوضاعهم وتردّيها، ومن المرجّح أن تبقى آثارها المدمّرة على حياتهم لسنوات قادمة.
هذا ما تُسلّط عليه الضوء الورقة التي تصدرها اليوم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) تحت عنوان “الحرب على غزة: الجميع مُهمل” لتنظرَ في تداعيات الحرب الحالية على غزة على الفئات المُهمَّشة فيها، ولا سيّما الأشخاص ذوو الإعاقة والنساء.
فبحسب الورقة، كان عدد الأشخاص ذوي الإعاقة قد تضاعف أصلًا في الفترة بين عامي 2007 و2017، فازداد بما قدره 65,000 شخص كانوا يعانون أكثر من غيرهم من الأحوال المعيشية المتدهورة في ظلّ الحصار والهجمات العسكرية المتكررة. ومع الحرب الحالية، حيث تكاد تكون الخدمات الصحية والمساعدات الإنسانية معدومة، أصبح الأشخاص ذوو الإعاقة معرّضين لمخاطر مزدوجة جرّاء القصف وانعدام القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وحذّرت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي من أنّ عمليات التصعيد العسكري لا تُسفر فقط عن إدامة الحلقة المفرغة من العنف، بل تؤدي أيضًا إلى أضرار تتوارثها الأجيال، وإلى نسف آفاق التنمية، وبالتالي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية وتفاقم الهشاشة. وتابعت قائلةً: “لا بدّ من مواكبة التدخلات الفورية الإنسانية اللازمة بخطة تنمية مستدامة شاملة لا تستثني أحدًا، وتعالج التحدّيات المحددة التي تواجهها الفئات المعرضة للمخاطر. فيجب اعتماد نهج ثلاثي يدمج بين التدخلات الإنسانية وبناء السلام وتحقيق التنمية لإرساء الأسس لمجتمع شامل ينعم فيه الجميع بالسلام والازدهار”.
أما بالنسبة للنساء، فتشير الورقة إلى أن نسبة الأسر التي ترأسها نساء في غزة كانت تبلغ قبل الحرب 11%، حيث تحملت قرابة 46,000 امرأة مسؤوليات إعالة أسرهنّ. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم أكثر بكثير نتيجةً للحرب الحالية مقارنة بالهجمات العسكرية السابقة – حيث أنّ هذه الحرب هي بلا شك الأكثر دموية – ما سيؤدي إلى تفاقم المخاطر المحيطة بالمرأة في ظلّ السياق الهش ومحدودية الموارد. فكان معدل بطالة الإناث يبلغ 66% قبل الحرب، أي أكثر بكثير من معدل بطالة الذكور البالغ 40% ومن جميع المعدلات الأخرى لبطالة الإناث في المنطقة العربية.
وتشير الورقة أيضًا إلى أنّ هناك حاليًا حوالي 50,000 امرأة حامل في غزة، ومن المتوقع أن تلد أكثر من 5,500 منهنّ في الشهر الحالي، في وضع أصبحت فيه خدمات الصحة الإنجابية مفقودة نتيجة للدمار الشديد والتشريد وانهيار نظام الرعاية الصحية. ويؤدي الإجهاد النفسي والجسدي للمرأة الحامل الناجم عن القصف والعنف والنزوح إلى مشاكل صحية قصيرة وطويلة الأجل للأمهات والأطفال.
وأكّدت دشتي: “لا ينبغي حماية النساء كمدنيات في أوقات الحرب فحسب، بل يجب أن يكنَّ في قلب عمليات بناء السلام. يجب أن تُسمع أصواتهنّ، فمن دون مشاركتهنّ النشطة، يستمر العنف بل يتصاعد، ما يؤدي إلى ضياع فرص العيش الكريم والازدهار للجميع”.