بقلم د.حيّان سليم حيدر- الحوار نيوز
عبثًا فتّشت، ملء الدين والدنيا وعمرَ الكون…
عبثًا… بالتأريخ… بالتحليل… بالإستنتاج،
عبثًا فتّشت عنه في القراءات الدينية، في الطائفية، في المذهبية،
عبثًا، في المناطقية، في الحزبية، في الجهوية،
لم أجد ما يجعل جورج قرم العلماني طائفيًّا…
هو الإنسان.
وَتَكسّرت الخصال على الخصال… (أو رحل فقالوا فيه):
الآدمي… (ترأّست القائمة)… ثمّ
المؤرّخ، المفكّر الموسوعي، الإقتصادي، السياسي
العروبي حتى الرمق الأخير، مهجوسًا بمستقبل العرب
الناقد الحريص على عدم تكرار الأخطاء
الأرستقراطي، الأكاديمي المثقّف.
علماني في الفكر والممارسة لكنّه مؤيّد للمقاومة ذات منبت ديني في آن،
المصلح بالفطرة والممارسة، المستقلّ القرار
رجل الدولة المنتجة والعادلة.
يُسائل شرقًا وغربًا
مستقيم، لطيف، عصامي، طاقة وعقل وفلسفة.
صلابته المبدئية وتواضعه الجمّ،
الماروني العروبي الإنساني (وقد تخالها تُهَم)
ولد في طائفته ومات على مذهب الإنسان.
و في ممارسته الولاية العامة أضافوا:
ما قدّم الطاعة لزعيم أو رجل دين،
حاضر بفكره وكتبه ومواقفه وثقافته وأعماله،
نهج تحرّري وعلماني ووطني مناهض للطائفية والفساد والتبعية والرأسمالية المتوحّشة،
داعم للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني.
نزاهته السلوكية، وترفّعه الراقي عن الصغائر، ووفاؤه وإخلاصه للمال العام،
قانوني لم يتحايل على القانون، ودستوري لم يتلاعب بالدستور، ومالي ما حلّل ما حُرِّم من مال،
جعل المصلحة العامة فوق كلّ إعتبار،
خدم لبنان ودائمًا خدم الإنسان.
من ” جرائمه ” التي لا تغتفر أنّه عندما كان وزيرًا للمالية، دائم الإبتسامة والأمر نادر، في حكومة الرئيسين اللبنانيين السياديين، إعتمد الإصلاح المالي، جريمة أولى، وقام بدفع متأخّرات الدولة اللبنانية، جريمة مكرّرة، ثمّ نجح في إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات، وهي جريمة حرب، ثمّ عمل على تخفيض مستوى الفوائد، وهي جريمة ضدّ الإنسانية.
وقد ألّف 27 كتابًا فيما كتب في مختلف المجالات، وهي 27 جريمة فكرية، بامتياز.
هي إذن، بلغة القانون، أشبه بلائحة إتهامية يصلح أن يكون عنوانها: ” إنّي أتّهم “
في إشارة واضحة إلى (« J’Accuse » – Emile Zola) ،
لائحة نظّمها كلّ مَن ليس بإمكانهم أن يشبهوا جورج قرم، وبالتالي لا يريدون أن يكونوه، ولن يسمحوا بأن يكون شبهه خيارًا سياسيًّا في لبنان.
عبثًا حاولوا،
باسمه الأول… بكنيته… باسمه الثلاثي… لا محال،
عبثًا حاولوا… بالمليارات اللعينة، بالهندسات الشيطانية… لا مجال.
هو هو، جورج الإنسان، القرم العادل،
عصيّ على التلوّث بقي، نظافته فعل جهاد كانت، وشرفه فعل مقاومة يبقى.
وداعًا أيّها المبتسم أبدا،
لروحك السلام.
بيروت، في 18 آب 2024م. حيّان سليم حيدر