د.أحمد عياش
عند وفاة صديقي، لم انم الليل وظننت ان الحياة ستكون حزينة من دونه.
عند وفاة ابي، ظننت ان الدنيا صارت سوداء وان العمر باق في لوعة الاشتياق واني فقدت توازني النفسي الى الابد.
عند وفاة والدتي ظننت ان الدنيا تنتهي هنا عند خط رحيلها…
عند سقوط بيروت بيد جيش الاحتلال الاسرائيلي، ظننت اننا فقدنا الوطن نهائياً.
عند مجزرة قانا ظننت ان الاخلاق رحلت ورحلت معها الامم.
عند حرب الوعد الصادق ظننت ان لا قوة بشرية لاعادة اعمار ما تهدم قبل 20 سنة.
الا اني اكتشفت، اني وبعد كل فاجعة كنت اجد ما هو أهمّ مني والذي من اجله نستحق ان نكمل الحياة…
لا شيء ينذر بالنهايات ولا يأس يدوم الى الابد.
افي الحياة ما هو اقسى من الموت والحرب؟
تجاوزت الشعوب والافراد كل المصائب الجماعية والفردية وتناسلوا واستمرت الحياة …
ونست الاجيال الصاعدة آلام الاجيال السابقة واستمرت الحياة…
لا بدّ لليل ان ينجلي ولا بد للفجر ان يبزغ من عيون الأبناء، حتى لو انهزمنا مؤقتا فإن الانتصار والهناء والرخاء آت رغم حماقة من يديرون الصراع ورغم حقارة المتآمر ورغم الكيدية والثأر ومسلسل الانتقام.
واستمرت الحياة لأنّ فيها ما هو اهمّ ولان فيها ما يستحق الحياة…
ما نحياه اليوم من فصول إذلال ومن قهر جماعي زائل حتما…
“ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام(قرآن كريم) .
لتكن حياتنا اليومية مصدر الهام لنا لاختراعات ولاكتشافات، لنصوص نثر ذهبية توثق هزيمتنا المؤقتة ، لشعر لمسلسلات درامية لبنانية تفوق الدراما السورية ثقافة وجودة وحبّاً للفرح…
سننهض رغم دعس نعالهم، سنحيا رغم سمومهم المنتشرة، سننتصر رغم توزع الاعداء وتحولهم وفق المهمات لان هناك ما هو اهمّ منّا ويستحق ان تستمر الحياة…
لنجعل من المأساة الحالية تسلية يومية لنا نتابع فيها ابداعات الانذال من حولنا، وقدرات اللصوص في التمويه وامكانات قادة الاحزاب الحاكمة الفاشلة في تبرير الفضائح ومعجزات الدولة المالية العميقة في ترسيخ فكرة الخيانات كحل نهائي للمأساة…
سنتألم ،الا اننا نكاية بإبليسهم سنفرح بحزننا وسنتسلى بمصيبتنا لأننا ندرك ان في الوطن ما يستحق الحياة…
لا وصية لكم غير ان تبقوا على قيد الحياة وان نخرج جميعا بكامل قوانا العقلية من هذه المأساة…
الموت للطغاة وان عاشوا.
الذل والعار للانذال ولو انتصروا…
انا وانت ونحن مستمرون في البحث عما يجعلنا نستمر في الحياة لأننا شرفاء وابرباء…ولو انهزمنا فإن هزيمتنا مؤقتة، وإن غدأ لصاحبه قريب…
زر الذهاب إلى الأعلى