هل يفشي حسان دياب أسرار المنظومة التي كبلته؟
محمد هاني شقير -الحوارنيوز
"نحن اليوم نحتكم إلى الناس، إلى مطلبهم بمحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة المختبئة منذ سبع سنوات، إلى رغبتهم بالتغيير الحقيقي من دولة الفساد والهدر والسمسرات والسرقات، إلى دولة القانون والعدالة والشفافية. إلى دولة تحترم أبناءها".
هكذا ختم حسان دياب كتاب استقالته وانضم الى نادي رؤساء السابقين، من دون أن يتمكن من تحقيق انجاز كبير يميزه عن نظرائه السابقين، وربما اللاحقين.
ربما تسرع كثيرًا حين قبل مهمة تكليفه تشكيل الحكومة، واستمر مكابرًا حين تعرض لصعوبات جمة في تشكيل تلك الحكومة، أفينسى ما عاناه لأجل تعيين وزيرٍ هنا وآخر هناك تحت ضغط ومطالب الذين سموه رئيسًا؟!
عندما تمكن من تأليف الحكومة وخرج على اللبنانيين بخطابه الشهير، الذي حاكى فيه هواجس المنتفضين – كما لو أنه واحد منهم – وتمكن في سلسلة مواقف أطلقها تباعًا، من نيل تأييد بعض المجموعات في الساحات، عدا عن أولئك الذين ناصروه من جمهور القوى السياسية، فهم رأوا فيه القائد الذي سيحقق انجازات لطالما تمنوها ولم ينالوا منها شيئًا.
واستمر مكابرًا معتقدًا في قرارة نفسه أن الطبقة السياسية ونظرًا لعمق الأزمة التي يمر بها لبنان، ربما تكون قد أيقنت أن لا بد من بعض التنازلات التي تؤمن له ظروفًا سياسية أفضل تساعده على اخراج لبنان من عنق الزجاجة المحبوس فيها.
ولقد طرح دياب مجموعة من الافكار الاقتصادية والنقدية المهمة، التي اعتقد انهم سيسمحون له أن يسير بها، من أهم تلك الأفكار:
_ اعادة هيكلة الدين العام.
_ اعادة هيكلة القطاع المصرفي.
_ اجراء " هيركات" على الودائع، بحيث يتحمل الجميع خسائرها، وليس فقط فقراء لبنان وحدهم كما هو حاصل لغاية تاريخه.
_ منع التحاويل المالية.
اضافة الى افكار اخرى كان من شأنها أن تساهم في حلحلة الأزمة الاقتصادية الآخذة في التدهور أكثر فأكثر.
ومنع دياب من تحقيق كل هذه الافكار، إذ كيف ننسى أن شخصيات وأحزابا مشاركة في الحكومة وأخرى منحتها الثقة من خارجها، هدد بعضهم بالاستقالة من المجلس النيابي، فيما البعض الأخر لوح بتجميد مشاركته بالحكومة نفسها.
ثم كانت فاجعة جلسة المجلس النيابي التي انعقدت في قصر الاونيسكو والتي سقطت فيها حكومة حسان دياب في جميع المشاريع المهمة التي كانت تمني النفس بتمريرها.
باستثناء تأجيل تسديد سندات اليورو بوند، فإن حكومة دياب فشلت (أو أفشلت) في جميع مشاريعها، ولم تتمكن من الوصول حتى مع صندوق النقد الدولي لأي اتفاق يساعد في خروج لبنان من أزمته.
بعد هذه السلسلة من الخيبات التي خرقتها خطابات رنانة أطلقها دياب، لا تسمن ولا تغني من جوع، فقد كان متوقعًا أن يسارع الى الاستقالة في كل حين، لكنه آثر البقاء، فيما كان لافتًا أن أحد أعمدة وزارة المالية مديرها العام آلان بيفاني هو الذي استقال، بعد أن واجه حملة ممنهجة، على خلفية دوره في اعداد الخطة التي اقرّتها الحكومة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. وجرى الاستفراد به، فيما ظهرت الحكومة عاجزة كليًا عن شرح الخطة والدفاع عنها، بل ان اطرافًا رئيسة فيها انقلبت عليها في المجلس النيابي وعملت على اجهاضها مع حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف.
… واستمر دياب مؤثرًا البقاء مع حكومته غير آبهٍ بكل هذه المعضلات والحواجز البنيوية للنظام التي تمنعه، من تحقيق أيٍ من طروحاته التي بقيت حبرًا على ورق.
وبالرغم من هول زلزال المرفأ فإن دياب وقع في تخبط سياسي واضح، حتى وجد نفسه أمام إقالة جبرية فرضتها عليه المنظومة، فذهب الى إعداد كتاب إستقالةٍ متأخر، ضمّنه اتهامات لمنظومة الفساد، هي هي الاتهامات التي صوب عليها حدس الناس يوم خرجوا منتفضين.
لقد كان على الدكتور دياب وهو الذي غامر وقبل التكليف وتابع، برغم الفرملات الكثيرة لعجلاته، كان عليه أن يخرج للناس ويسمي الأشياء بأسمائها، فاللبنانيون شبعوا مبهمات ومجهولات، فلتصوب على مكامن الخلل مباشرةً وكفى مواربة.
فهل يخرج دياب ويفشي أسرار تلك المنظومة التي كبلته؟