بقلم د.عماد عكوش
بعد توقع جي. بي. مورغن JP Morgan وصول سعر النفط إلى 185 $ للبرميل الواحد ،حصلت خضة كبيرة في سوق النفط العالمي وتجاوز سعر برميل نفط 115 دولارا، لكن ما مدى موضوعية هذا التوقع وهل يمكن لسعر البرميل أن يصل الى هذه الحدود ؟
في الواقع يحكم سعر برميل النفط في ظل السوق الحر سياسة العرض والطلب ، فالطلب خلال فترة كوفيد انخفض بشكل كبير ادى الى كساد كبير في سوق النفط وضغط باتجاه خفض سعره بحيث وصل سعر البرميل في نيسان 2020 الى ما دون 20 دولار ، هذا الامر دفع دول أوبك بلاس إلى اتفاق أبريل/نيسان 2020 مع عدد قليل من المنتجين الآخرين ، بمن فيهم الولايات المتحدة وكندا والنرويج الى خفض الإنتاج بما يقارب 10 ملايين برميل يومياً للمساعدة على استقرار السوق .
كانت نية تحالف أوبك بلاس في الأصل تخفيف القيود تدريجياً ابتداءً من يناير/كانون الثاني 2021 ، لكن هشاشة الانتعاش غير المتكافئ أدت إلى اللجوء لنهج أكثر حذراً. فبدلاً من التصور الأصلي الذي كان يتمثل في الوصول إلى 1.9 مليون برميل يومياً دفعة واحدة في يناير/كانون الثاني، قررت المجموعة زيادة مرحلية قدرها 500 ألف برميل يوميًا في يناير/كانون الثاني، مع السماح لروسيا وكازاخستان بزيادة إضافية طفيفة قدرها 75 ألف برميل يومياً في ما بينهما كنوع من المسكن .
مع بداية الانتعاش الاقتصادي وتراجع أخطار كوفيد وفتح الاسواق ، بدأ الطلب يرتفع على النفط. بالمقابل بدأت أوبك بلاس بزيدة الانتاج، لكن حجم زيادة الطلب لم يكن بنفس حجم زيادة الانتاج مما أدى الى أرتفاع الاسعار مجددا” .
اليوم ومع الازمة الروسية الاؤكرانية وخروج روسيا بشكل جزئي من سوق التصدير عاد وارتفع الضغط على سعر برميل النفط ،لكن من واقع الارقام التي تحققها الاسواق هل يمكن لهذه الازمة ان تؤدي الى زيادة الاسعار لتصل الى 185 دولارا للبرميل ؟
يبلغ حجم الاستهلاك العالمي للنفط اليوم حوالي 98 مليون برميل يوميا، موزع بشكل اساسي على الشكل التالي :
اسم الدولة حجم الاستهلاك حجم الانتاج
الولايات المتحدة 20.000.000- 15.000.000
الاتحاد الاوروبي 15.000.000- 3.468.000
الصين 14.000.000- 3.980.000
الهند 5.000.000- 2.515.000
اليابان 4.000.000- 4.000
السعودية 3.900.000- 10.000.000
روسيا 3.200.000 -10.000.000
ايران 1.947.000 -3.990.000
العراق 818.000- 4.450.000
أن خروج روسيا من سوق التصدير ولو بشكل جزئي وهي التي تصدر للسوق حوالي 5.000.000 مليون برميل يوميا، والتي بلغت قيمة صادراتها النفطية خلال العام 2021 مبلغ 110 مليار دولار ،لا شك أنه سيترك أثارا ستحرك السوق ولن تجعله يستقر لفترة ليست بقصيرة ، لكن هناك عوامل يمكن ان تكون عوامل مساعدة على أعادة الاستقرار للسوق منها :
– ان هناك اتفاقية مع الصين تم توقيعها ويمكن ان يصل حجم التصدير بموجبها الى حدود 2 مليون برميل يوميا، وهذه الاتفاقية ستبقى سارية المفعول .
– هناك دول أخرى تدور في فلك روسيا الاتحادية مثل كوريا الشمالية ، أرمينيا ، بيلا روسيا ، كوبا ، وغيرها من الدول تستورد النفط من روسيا ويبلغ حجم استيرادها مجتمعة حوالي مليون برميل يوميا” .
– هناك اتفاق نووي محتمل ان يتم توقيعه في الاسابيع المقبلة مع ايران وهي التي يمكن ان تضخ في سوق التصدير ما يزيد عن ثلاثة ملايين برميل يوميا” .
– ان ارتفاع سعر برميل النفط الى ما يزيد عن 100 دولار سيشجع شركات النفط المستخرج من الزيت الصخري على زيادة الانتاج، خاصة ان السوق الاميركي بحاجة الى اكثر من خمسة ملايين برميل يوميا هي حاصل سلبي ما بين حجم انتاجها وحجم استهلاكها ،ما يمكن ان يخفض حجم طلب الولايات المتحدة من السوق بما لا يقل عن ثلاثة مليون برميل يوميا” .
– أن ارتفاع سعر برميل النفط عالميا سيخفض حجم الطلب عليه نتيجة لارتفاع التكلفة وبالتالي ارتفاع نسب التضخم في الاسعار وهذا ما حصل فعليا عام 2008 .
انطلاقا من كل ما تقدم نجد ان حجم وكمية النفط الذي يمكن ان يخرج من السوق نتيجة للازمة الروسية الاؤكرانية لن يزيد عن 2 مليون برميل يوميا، وهذه الكمية يمكن تعويضها سواء عبر زيادة انتاج بعض الدول في منظمة أوبك ، أو عبر أيران التي يمكن ان تدخل السوق في أي وقت ، أو حتى عبر نفط الزيت الصخري الأميركي ، لذلك لا يوجد مبرر لوصول سعر برميل النفط الى حدود 185 دولارا اليوم ما دامت الازمة ممسوكة ولو بالحدود الدنيا .
د. عماد عكوش