هل من مكان للعقل في “إسرائيل”؟
كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
كان يوما مشهودا في فلسطين أمس..
دخل جيش الاحتلال مدينة جنين في الضفة الغربية ونفذ عملية مباغتة سقط فيها عشرة شهداء فلسطينيين وعدد من الجرحى.
مساء خرج مواطن فلسطيني في شمال القدس بمسدس فردي وأطلق النار على جمهور إسرائيلي في حي استيطاني، فسقط ثمانية قتلى إسرائيليين وعدد من الجرحى.
إهتزت إسرائيل والعالم الغربي لنتائج عملية القدس، وأدانت دول عربية هذه العملية ،بينما لم يصدر أي رد فعل تجاه ما حصل في جنين ،إن لم يكن البعض قد أيد “حق إسرائيل في مناهضة الإرهاب”.
المفارقة أن الشرطة الإسرائيلية اعترفت بأن المواطن الفلسطيني لا ينتمي إلى أي تنظيم مسلح.وهذا يعني أن العملية جاءت رد فعل غاضب على مجزرة جنين من دون أي تخطيط.
على الفور اتخذت السلطات الأمنية الإسرائيلية إجراءات مشددة واعتقلت العشرات من الفلسطينيين ،فيما كان قادة العدو يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور.وسوف يجتمع الطاقم الإسرائيلي المصغر برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاتخاذ “القرارات المناسبة”.
طبعا تستطيع إسرائيل القيام بإجراءات وردود عنيفة وقتل عشرات الفلسطينيين واعتقال المئات وهدم المساكن وتشديد الحصار على الفلسطينيين.ولكن ماذا بعدا؟
سوف يخرج مواطن فلسطيني آخر غاضب، بمسدس أو رشاش حربي أو ربما بسكين مطبخ ،فيقتل عددا من الإسرائيليين، وقد لا يقتصر الأمر على فرد ،فيخرج آخر وآخر وآخر ،وترد إسرائيل بالقتل والإعتقالات ،وهكذا دواليك إلى ما شاء الله.
ليست المسألة قضية حوادث أمنية أو ثأرية متبادلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.إنها قضية إحتلال وقضية وطن وقمع وحصار وتضييق وقتل واعتقالات..ولا يمكن بأي شكل من الأشكال لشعب محتلة أرضه أن تخمد ثورته وغضبه وأن يسلم بالأمر الواقع.فهل من مكان للعقل في “إسرائيل”؟
بعد خمسة وسبعين عاما على احتلال فلسطين لم يفهم قادة الاحتلال الإسرائيلي أن الاستقرار في فلسطين لن يتحقق عن طريق الاحتلال والقتل والقمع والاعتقالات.ولم يفهم معظم الإسرائيليين، ومستوطنوهم على وجه الخصوص، أن حكوماتهم عاجزة عن تأمين الاستقرار لهم بهذه الأساليب المتخلفة، فجاؤوا بحكومة جمعت كل المتطرفين الصهاينة من أمثال إيتمار بن غفير وبتسلال سموتريتش وآرييل درعي. وكان متوقعا أن تنتج هذه الحكومة مثل هذا الإضطراب والتوتر ،وقد خرج أكثر من مائة ألف متظاهر إسرائيلي في تل أبيب خلال الأسابيع الماضية لمناهضة هذه الحكومة ،كما انفجر بعض أهالي الضحايا ليل أمس في وجه بن غفير في مكان العملية محملين إياه مسؤولية ما حصل.لكن هذا لا يعني أن قادة المعارضة الإسرائيلية بالأمس، كانوا أفضل من قادة الحكومة الإسرائيلية اليوم ،لكن العبرة التي يفترض بالاسرائيليين أن يأخذوها ،هي أن المزيد من العنف الإسرائيلي سيودي بهم إلى مزيد من المواجهة الفلسطينية والقتل والضحايا وغياب الاستقرار.
وماذا بعد؟
لا يغرن الإسرائيليين وقادتهم هذا الدعم والتأييد الأميركي والغربي وبعض العربي لممارساتهم ضد الفلسطينيين وتعنتهم حتى في تقبل الحلول السياسية.فكل الدعم العملي والمعنوي لن يمنع ثائرا فلسطينيا من الخروج عليهم كما خرج المواطن الفلسطيني خيري علقم بالأمس حاملا دمه على كفه مستشهدا في سبيل قضية مقدسة.ولن تستطيع إسرائيل بجيشها وأمنها وجبروتها إسكات أو القضاء على أكثر من سبعة ملايين فلسطيني بين الضفة وغزة وفلسطين 48 ،ومثلهم موجود في الشتات.
لطالما راهن الإسرائيليون ونخبتهم على الأجيال الفلسطينية الجديدة لكي تتأقلم مع الاحتلال وتنسى فلسطين وقضيتها،لكن ألم يفهم هؤلاء بعد أن هذه الأجيال تحمل القضية في دمها وقلبها وعقلها وجيناتها؟
ويبقى السؤال شاخصا:هل من مكان للعقل في “إسرائيل”؟
الأمل ضعيف.. وضعيف جدا !!