رأي

هل لجأت الادارة الأميركية إلى الخطة “ب” في التعامل مع نتنياهو ؟ (جواد الهنداوي) 

 

بقلم السفير الدكتور جواد الهنداوي – الحوار نيوز

ابتدأ بثلاث ملاحظات قبل الاجابة على السؤال ، وهي ضرورية لقراءة واستيعاب السؤال والاجابة .

الملاحظة الاولى  أنَّ جهتين في امريكا و في العالم تتعاطى مع اسرائيل،ووفقاً للمصلحة الاستراتيجية و العليا للكيان المحتل ؛ جهة رسميّة وهي الادارة الامريكية بمختلف مؤسساتها ، و جهة ثانية شبه رسمية وهي اللوبي الصهيوني ،وبمختلف مؤسساته و دوائره في امريكا وفي العالم . و دوره اكبر واكثر تأثيراً من دور الادارة الامريكية . ولا يمكن للادارة الامريكية اتخاذ قرار او موقف تجاه اسرائيل ،وهي تشعرُ بأنَّ القرار او الموقف يزعج اللوبي الصهيوني او لاينال رضاه  ، وكلا الجهتيّن  ( الادارة الامريكية و اللوبي الصهيوني ) مُسّخرتان  في خدمة و في مصلحة اسرائيل .

الملاحظة الثانية  أنَّ امريكا ،كما هو معروف ،دولة عظمى وكبرى ،ولكن هي ليس كذلك ازاء اسرائيل . تصغرُ امريكا تجاه اسرائيل ،و لا تتخذ موقفا او قرارا ما لمْ يحظْ برضى اسرائيل واللوبي الصهيوني ، وسياسة امريكا تجاه المنطقة مبنيّة على ضوء مصلحة اسرائيل ،وأمن إسرائيل هو جزء من الامن القومي الأمريكي .هذه حقائق دامغة ،ولا نحتاج إلى براهين و شواهد وتفاصيل .

الملاحظة الثالثة  ان الادارة الامريكية لا تريد توسيع الحرب في المنطقة ،وترغب ،ولاسباب عديدة في ايقاف الحرب ،ولكن نتنياهو وحكومته يريدان ويعملان على استمرار الحرب و توسيعها ، والإدارة الأمريكية لم تستطعْ ،حتى اليوم ، التغلب على ارادة نتنياهو ،بل مُلزمة بالمضي معه وعلى هواه ،إرضاء للصهيونية ، و خشية خسارة الدعم اليهودي والصهيوني ، في الانتخابات القادمة ، في غضون سبعين يوماً .

مسؤولون في الادارة الامريكية يسعون جادين إلى وقف الحرب و ابعاد نتنياهو والعمل على حل الدولتين ،في مقدمتهم رئيس ال CIA  السفير وليم بيرنس ، وهناك حراك دولي  و بوسائل ناعمة ، و مدعوم حتماً في تجاه الإتيان بسياسي اسرائيلي ، ضّدَ نتنياهو ، و يدعم حّلْ الدولتيّن ،وقد يكون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ايهود أولمرت ، الشخص المناسب ،و المفضّل للإدارة الأمريكية ، وينشط حالياً ،لاسيما ،خارج إسرائيل في العمل على مشروع حّلْ الدولتيّن .

مسؤولون آخرون ،وفي مقدمتهم وزير الخارجية بلينكن ، يسايرون الادارة الأمريكية في جهودها ،ولكن يؤيدون نتنياهو .

لم يبقْ امام الرئيس بايدن وحزبه الاّ شهرين لموعد الاستحقاق الانتخابي ، ايقاف الحرب و ابرام صفقة سلام ، واعادة الاسرى الإسرائيليين ستكون انجازات له ولحزبه و تساهم في دعم نائبته في سباق الرئاسة ، فهل ،وبالتعاون مع وليم بيرنس ،رئيس الCIA يبدأون بخطة باء للتعامل مع نتنياهو و الحرب على غزّة ؟ 

الخطة الاولى ( خطة أ ) ، والتي اتّبعتها الادارة الأمريكية ،و قوامها عامل الوقت وعامل التفاوض وعامل الضغط السياسي و الدبلوماسي على نتنياهو من اجل ابرام صفقة سلام ، فشلت مع نتنياهو ،لكنها نجحت مع أطراف المقاومة ،و خاصة إيران و حزب الله . وقد تكون الجهود الأمريكية ( خطة أ) احد اسباب تأخّر الرّدْ الإيراني ، لا سيما و إيران تبدأ مشوارها برئيس جديد ، وكل تصريحاته هي عن السلام والانفتاح والتعاون الدولي و الاقليمي .

خطة باء الأمريكية تجاه نتنياهو وحكومته تقوم على تسويق شخصية سياسية اسرائيلية ( أولمرت ) ،غير متورطة مع حكومة نتنياهو ،و معارضة لها ولتوجهاتها ، وتقوم ايضاً على تفعيل و اثارة الشارع ، وهذا ما يحصل ونشهده الآن في اسرائيل . 

يحارب نتنياهو اليوم في غزّة وفي الضفة وفي شمال فلسطين ،ويتعرض لضغوط سياسية كبيرة في الداخل و من حماس ، وخاصة بعد مقتل الاسرى الاسرائيليين الستة ،وكذلك من امريكا . وكتبت صحيفة ( وول ستريت جورنال ) يوم امس مقالاً ( الاثنين 2924/9/2) ، تحدثت فيه عن الانتكاسات التي يواجهها الجيش الاسرائيلي على الجبهات الثلاث ،فهل سيصمد نتنياهو ؟ 

يبدو، من خطابه يوم امس ، انه يربط وجود و مصير الكيان بوجوده واستمراره في الحرب ، وهذا ما يتعارض كلياً مع الارادة الأمريكية ومع ٨٠٪؜ من الإسرائيليين ،الذين يرون انهيار الاقتصاد و هجرة معاكسة وافلاسا لكثير من الشركات وتدهور العملة والبورصة .

تحرّكَ نتنياهو واستدعى ،يوم امس ، رئيس حزب ( هناك مستقبل ) و زعيم المعارضة الاسرائيلية ،و رئيس الوزراء السابق ، يائير لبيد ، وكان لقاء فاشلاً ،حيث انتقد لبيد  وبشدة خطاب نتنياهو ووصفه بالكذب و الخدعة . 

 

لا يزال نتنياهو يحظى و بقوة دعم اللوبي الصهيوني في امريكا وفي العالم ، و كل الضغوطات الأمريكية و الداخلية في اسرائيل ضد نتنياهو تسقط امام دعم و موقف اللوبي الصهيوني مع نتنياهو . ويعتقد اللوبي الصهيوني ،مثلما يعتقد نتنياهو ،بأنَّ الحرب التي يخوضها الكيان هي حرب مصيرية و حرب وجود او لا وجود لإسرائيل . 

نتنياهو هو واجهه للوبي الصهيوني في اسرائيل و امريكا و العالم ،متى ما ادرك هذا اللوبي انه و الكيان المحتل بحاجة إلى توقّف و استراحة في الجرائم وحرب الابادة سيبادرون ويأتون بالبديل .

الجميع يراقب و يتابع المشهد ، بل مشاهد وليس مشهدا واحدا ، ولكن اولئك الذين سواعدهم على الزناد والعبوات على راحتيهم  ،والصامدون والصابرون في الإنفاق ( غزّة ) وفي الأحراش  والوديان و الجبال ( لبنان ) هم الذين يحركّون المشاهد وهم أبطالها و صانعوها ، وبيدهم خواتيم وعواقب الأمور .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى