رأي

هل لبنان في دائرة الخطر من جديد؟(حيدر شومان)

 

بقلم حيدر شومان – الحوارنيوز

 

تزداد خروقات إسرائيل في كل يوم وفي أكثر من صعيد. فما تزال تفجر وتدمر وتتوغل في الداخل اللبناني ولا أحد يرفع ولو الصوت، داخلياً وخارجياً، للحد من هذه الخروقات.

وما يحدث لا يشكل اكتشافاً جديداً للنوايا الإسرائيلية التي لم تعتد من قبل أن تحترم المواثيق والعهود والقوانين والاتفاقيات، وخروقاتها لاتفاق 1701 بعد عدوان 2006 لا يزال في البال صادحاً. لكن السؤال أين اللجنة المسؤولة عن السهر على بنود الاتفاق؟ وأين الاعتراضات الإقليمية والعالمية والعربية ولو بالتصريح؟ أين الداخل اللبناني، وخصوصاً السيادي، الذي يصوت ضد سلاح المقاومة من سنوات طويلة وحتى من قبل عام 2000.

ما نرى من الخروقات الإسرائيلية، ودخولها الأراضي السورية مستغلة تغير النظام، وتدمير القدرات العسكرية لهذا البلد، واستمرار الإبادة الجماعية لقطاع غزة، والدور الآتي للضفة الغربية، كل ينذر بأن الحلم الإسرائيلي في شرق أوسط جديد لا يغيب عن بال الكيان أبداً.

 وحيث إن لبنان معنيُ تماماً بهذا الحلم، ونية الإسرائيلي إثارة الاضطراب فيه قائمة لما تشكل فيه المقاومة وسلاحها إزعاجاً غير عادي، فإن الحرب مع هذا الكيان لم تنته فصولها ولا يزال الخطر واقعاً في حرب قادمة عند أية فرصة سانحة. فما تقوم به من أعمال حربية بعد اتفاق وقف إطلاق النار والتصريحات المختلفة عن عدم احترام هذا القرار لا يشي بأنها ستلتزم به لفترة طويلة.

لا شك أن المقاومة قد أصابها التشظي الكبير في العدوان الأخير، وبغض النظر عن لغة الهزيمة والانتصار التي يختلف على مفرداتها اللبنانيون كل حسب موقعه، ولو اعتبرنا أن المقاومة لم تنتصر فيه، فهل انهزمت بالكامل وانتهى دورها ولم يبق لها سوى الاستسلام والخضوع للحلول اللبنانية التي ينتهز البعض فيها الفرصة للدعوة لتسليم الحزب لسلاحه؟ هل الانتكاسات التي تعرضت لها تفرض عليها الاستسلام للعدو وترك مواطني الحدود وغيرهم عرضة للعدوان الإسرائيلي في مناسبة وغير مناسبة؟ وإن رضيت المقاومة بذلك فهل ترضى البيئة الحاضنة للمقاومة؟

يختلف اللبنانيون في المصطلحات والمفردات السياسية وغيرها، فلا تحمل المقاومة المعنى عينه عند الجميع، ولا العدو أو الصديق، ولا الهزيمة  أو النصر، ولا الحياة أو الشهادة، ولا الوطنية أو الخيانة.  

لقد استغل “سياديو” الوطن العدوان الإسرائيلي القاسي واستشهاد سيد المقاومة الشهيد حسن نصر الله الموقف لإعلان الحرب السياسية على المقاومة والشماتة فيها وبدورها، داعين لتسليم سلاحها والتخلي عن أي دور عسكري. والغريب أن هناك من يستخدم لهجة القوة بالتهديد العسكري إن لم يتم الأمر كما يريد، وكأنه لم يعد للمقاومة حول ولا قوة.

إن العدوان القاسي على لبنان والمقاومة والآثار الكبيرة التي خلّفها لا تعني بأن على لبنان التخلي عن قوته والانصياع للمحتل والمجتمع الدولي الذي لا يفعل شيئاً لإنقاذ الاتفاق الموقع منذ ثماني عشرة سنة، ولكن، ويجب الاعتراف، أن على المقاومة درس مواقع الضعف التي أصابها أثناء العدوان والتحضير لحرب لا شك قادمة، طال الوقت أو قصر، فالعدو لن يتوانى عن ضرب لبنان عند أي فرصة تسنح له مستغلاً بعض الهفوات الزائدة والجانبية التي رضي بها لبنان ومقاومته في هامش الاتفاق القديم الجديد والتي تضعه في مرمى الاستهداف الإسرائيلي في أي وقت وفرصة. وكما تقول إسرائيل فإن الاتفاق ليس مقدساً وتطبيقه ليس حتمياً خصوصاً وأنها لم تطبقه من قبل طيل السنوات الماضية.

ما يجري على أرض الواقع الداخلي وما حوله في سوريا وفلسطين وبعده اليمن والعراق وربما إيران، لا يبشر بالخير، وعلى لبنان أن يبقى جاهزاً لما يتربص به من دوائر ويحمي مقاومته ويربت على كتفها. لكي يبقى للوطن هامش الحرية والإرادة والقوة في إعلان الرفض أو القبول لما يتحضر للمنطقة.. وهو أمر لا شك عظيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى