هل سينتهي العدوان على لبنان؟(حيدر شومان)
حيدر شومان – الحوارنيوز
تتأرجح الأخبار المسربة من هنا وهناك في ما يخص اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي، وتبعاً للمعطيات المختلفة فإن ردود الفعل تتأرجح معها تفاؤلاً وتشاؤماً.
فمع بداية تفاؤل الرئيس نبيه بري عند تسلمه ورقة الاتفاق من السفيرة الأميركية، بدت الأمور تأخذ منحى انفراجياً لما للرئيس بري من خبرة عميقة في السياسة الأميركية وما يشوبها من خداع أحياناً وكثير من عدم الحياد أحياناً أخرى، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتحيز الأميركي السافر لإسرائيل. لذا فإن لتفاؤله صدى إيجابياً ولو كان حذراً في العموم. يرافق ذلك ما قيل إن رد حزب الله على المقترح لم يكن سلبياً قاطعاً، بل جاء أشبه بتساؤلات عن بعض البنود غير الواضحة التي شابت مشروع وقف إطلاق النار، ما يحتمل الظن أن الشروط الإسرائيلية التي وضعتها من قبل، كتدخلها العسكري في لبنان عندما تدعو الحاجة لذلك، لم تعد من بنود الاتفاق. وتزاد جرعة التفاؤل هذه قضية أن ترامب، الرئيس القادم بعد شهرين يريد نهاية الحرب في لبنان، وقد شجع عاموس هوكشتين على المضي في مهمته. كما أن بايدن، الرئيس المغادر يريد أن تنتهي الحرب وهو في سدة الرئاسة.
وفي ما يخص الكيان الصهيوني فإن رئيس وزرائه يؤمن بانتصاره في معركة لبنان وغزة، وبإمكانه حمل هذا الانتصار في سجله المثقل بالفشل والفساد ليبرزه عند مواجهة من يريدون محاكمته وهم كثر. كما أن هناك في الوجدان الإسرائيلي من يؤمن بأن الجيش لن يستطيع أن يحقق في لبنان أكثر مما حققه، خصوصاً في المعارك البرية التي شهدت تفوق المقاومين في شتى الميادين، كما أن حزب الله لما يزل على الرغم من الضربات التي تلقاها قادراً على شن الصواريخ والمسيرات إلى أبعد المديات. ولا ننسى الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها نتنياهو في قضية التجنيد الداخلية واستهلاك الجنود في الميدان أقصى طاقاتهم. وكثير من المحللين يعتبرون أن العدوان الأخير على مختلف المناطق اللبنانية ومنها بيروت، ما هو إلا زيادة الأهداف في ما تبقى له من وقت بات قصيراً قبل الدخول في مرحلة النهاية للعدوان.
وعلى المقلب الآخر، فإن النظرة التشاؤمية تتجلى في عدة مجالات منها أن في غزة كثرت أوراق وقف إطلاق النار ونهاية الأزمة وكان مصيرها الرفض الصهيوني في كل مرة. وكثيراً ما دعا الرئيس بايدن لوقف المجازر وكانت إدارته في الآن عينه تؤمن المال والعتاد للجيش الإسرائيلي. وبالنسبة إلى نتنياهو فإن استمرار الحرب تبعده أكثر عن مشاكله الداخلية التي بلغت أوجها قبل 7 تشرين الأول، كما إنه يعتقد أنه منتصر في كلا حربي غزة ولبنان فلم التسرع ووقف الحرب، خصوصاً وأنه لا يسعى لإرضاء بايدن وإهدائه مكسباً سياسياً قبل رحيله، بينما ترامب كان المشجع القوي لاستمرار الحرب والقضاء على كل من حماس وحزب الله. ولا غرابة في تناقض ترامب الذي يُعرف بتقلباته السياسية الدائمة بالإضافة إلى صعوبة فهم شخصيته المهزوزة والغريبة.
إن المترقب للسياسة الإسرائيلية منذ نشوء الكيان يعلم أن طوفان الأقصى لم يكن سوى السبب غير المباشر لعدوان إسرائيل، فأطماعها لا حدود لها في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها، وأن نية العدوان كانت موجودة من قبل هذا وإن سرّع في اندلاعها الطوفان الأقصى وأفقدها صوابها.
كلنا يريد انتهاء العدوان، ونهايتها لا شك آتية سواء صدق المتفائلون بقرب زمانها أو صدق المتشائمون ببعدها، لكننا نؤكد أن إسرائيل على الرغم من القتل والتدمير والمجازر لم تستطع تحقيق أهدافها لا في غزة ولا في لبنان، وهذا يدل على أنها لم تنتصر مهما كانت إنجازاتها ومهما كان رأي البعض بالضربات القاسية التي تلقاها لبنان وغزة.