دولياتسياسة

هل ستكون فلسطين دولة.. غدا ؟(جواد الهنداوي)

 

 د. جواد الهنداوي – الحوار نيوز

الجمعة ،الموافق  19/4/2024، ستنعقد الجمعية العامة للامم المتحدة ، والتي تمثلُ 193 دولة ، للتصويت على عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كي تصبح دولة عضواً في الامم المتحدة . فهل ستسمح امريكا بتمرير المشروع،الذي تقدمت به الجزائر نيابة عن المجموعة العربية في الامم المتحدة ،والذي سعت السلطة الفلسطينية في إعداده ومحاولات تمريره منذ عام ٢٠١١ ؟

 مهّدت سفيرة الولايات المتحدة الاميركية ، لدى الامم المتحدّة ،للجواب ،و قالت إنَّ الاعتراف بدولة فلسطين أمرٌ مرهون بالمفاوضات والتفاهم والتوافق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل . وقولها يعبّرُ عن الموقف الرسمي الأميركي . وهذا الموقف ،صراحة ،ليس بجديد .

ليس بجديد ولا غير متوقّع ،بالرغم من توجّه دولي نحو الاعتراف بدولة فلسطين ، يكاد يكون عاما ، باستثناء ،ربما بعض الدول كبريطانيا وألمانيا واستراليا .

 الموقف الأميركي يعني ،ببساطة : لإسرائيل القرار بأن تكنْ او لا تكون فلسطين دولة ! اي  ، خضوع ارادة الجمعية العامة للامم المتحدة  والارادة الدولية إلى ما تريده او ما لا تريده اسرائيل ، وعبِرَ الامم المتحدة و مجلس الامن .

طرح المشروع يأتي في ظرف غير اعتيادي لسببين : السبب الاول هو التعاطف غير المسبوق للرأي العام الدولي مع القضية الفلسطينية ، واستهجانه  لما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني في غزّة ، والسبب الثاني هو التوتر الدولي في المنطقة والعالم ،والذي ينذر بحرب اقليمية ولربما عالمية ، وسببه ،ليس فقط الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ، وانما مواقف وسلوك الكيان المحتل ،والرافضة لحلول السلام و الانصياع للقانون الدولي وللقرارات الدولية ، و المتوغلة ( و اقصد سلوك ومواقف إسرائيل) في الإجرام والقتل والاعتداء على شعوب ودول المنطقة .

بسبب وجود الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة ، ينخرها ،ليس صراعٌ واحد ، و انما صراعات  ،  وداؤها اسرائيل ،  ودواؤها فلسطين .

صراع عسكري ووجودي  بين حركات المقاومة الإسلامية وغيرها في المنطقة ضّدَ اسرائيل المحتلة والرافضة لكل الحلول : إسرائيل ليست فقط كيانا محتلا،  وانما كيان خارج منظومة التشريعات الاممية والقيم الانسانية،كونها رافضة لكل الحلول وكل التنازلات الفلسطينية ) .

صراع عسكري وعقائدي ووجودي بين إيران واسرائيل ، ونحن الآن في بداية مشوار هذا الصراع ، وهو الأخطر على امن واستقرار المنطقة والعالم . وسأعود بشيء من التفصيل عنه .

صراع سياسي ( وليس خلافا سياسيا ) بين العرب ،و ضمنهم السلطة الفلسطينية ،والدول العربية التي لها علاقات دبلوماسية وعلاقات تطبيع مع اسرائيل . فحوى هذا الصراع السياسي هو رفض اسرائيل للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ،والحلول السياسية السلمية المقترحة .

أعود إلى خطورة الصراع الإيراني الإسرائيلي على المنطقة والعالم، وعلى إسرائيل قبلهما .

 الحديث عن تكافؤ استراتيجي او توازن استراتيجي في الردع بين إيران و إسرائيل، قد يكون مقبولاً او معقولاً ،ولكن هل هناك تكافؤ استراتيجي بينهما إذا ما شبّت الحرب او ، ربما ، حروب متقطعة بينهما ؟

هل ستصمد إسرائيل امام ايران ،في حربٍ طويلة ،وهي التي اعتمدت على امريكا و دول اخرى في حمايتها من الهجمة الصاروخية الإيرانية في ٢٠٢٤/٤/١٤ ؟

حرب اسرائيل مع ايران ليس كحروبها مع العرب ،والذين يعتمدون في سلاحهم على الغرب والشرق ،والذين عانوا … ايران هي التي تصنع سلاحها وتعوّل كثيرا على عمقها الجغرافي وثقلها السكاني ،وعلى اعداء إسرائيل في المنطقة ، والذين هم في صراع عسكري مع اسرائيل ،واقصد حركات المقاومة الإسلامية وغيرها .

هل تعي الادارة الأمريكية بأنَّ الصراع في المنطقة اصبح صراعاً ايرانيا و اسلامياً وعربياً مع اسرائيل في المنطقة  ؟ واقصد اسلامياً بمعنى حركات المقاومة ،و اقصد عربياً بمعنى الشعب العربي وكذلك الدول العربية ،التي ضاقت ذرعاً بجرائم الاحتلال والممتدة منذ عام ١٩٤٨ ،و برفض كيان محتل لكل الحلول المقترحة عربياً وأممياً .

هل تفكّرْ الادارة الأمريكية ،وهي التي تسوق الكيان المحتل نحو الهاوية ،بسبب دعمها الاعمى وغير المحدود ،بهذه المُتغيرات والمعطيات ؟

أوليس مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية غداً ، وعدم رفضه من قبل امريكا سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح ،نحو عقلنة إسرائيل ، وسيكون رسالة ايجابية لكل العالم ؟

ولكن ،ينبغي عقلنة الادارة الأمريكية قبل عقلنة اسرائيل ، و جهود عقلنتها تقعُ على عاتق الجميع، حلفاء واصدقاء الادارة ،حيث ديمومة الصراع والهجوم والرد على الهجوم يضع مصالح الجميع في مهب الريح .

الاعتراف بفلسطين دولة ستكون خطوة في مشوار طويل ، ولها دلالاتها عند الكيان المحتل . ستكون إشعارا له بأنَّ الزمن تغيّر والمعطيات تغيّرت في المنطقة وفي العالم ، وقضية فلسطين ولدت من جديد في عقول ونفوس الناس في المنطقة وفي العالم .

استبق الامين العام للامم المتحدة اجتماع الغد بتصريحات ايجابية ، قائلاً بأن الوضع في المنطقة على شفير حرب اقليمية .

تشير الانباء من اروقة الامم المتحدة بتأييد ثلاث عشرة دولة من مجموع ١٥ دولة ،دائمة العضوية ، لمشروع القرار ،والذي يجد ،في هذا الموقف ،البعض ،إحراجاً للولايات المتحدة الأميركية ،في حالة استخدامها لحق الفيتو ضد المشروع .

موقف الإدارة الأمريكية والرئيس بايدن ليس يسيراً، استخدام حق الفيتو ،وفي هذا الظرف والعالم يشهد جرائم إسرائيل وفتيل الحرب في المنطقة ، يعرّض الرئيس إلى خسارة لأصوات الناخبين، و قرار تاريخي آخر يضاف إلى سجل المواقف الدولية السيئة لأمريكا تجاه القضية الفلسطينية وتجاه حرية وارادة الشعوب .

هل تُقدم امريكا على اتخاذ الموقف الصائب ، والذي ينتظره العالم بأسره ،وتمتنع عن معارضة فلسطين عضوا في الامم المتحدة ؟

اتمنى ،ولكن الظنون اقوى من الاماني .

 * سفير عراقي سابق.رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات .بروكسل  ٢٠٢٤/٤/١٨ .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى