طلال الامام /السويد- الحوارنيوز
على امتداد أربعة أيام، انتهت يوم الاحد (9/6/2024 ) انتخابات البرلمان الاوربي لاختيار 720 عضوا موزعين على بلدان الاتحاد الاوربي ال 27 بنسب تتناسب وعدد سكان كل بلد.وشارك في هذه الانتخابات مئات الملايين من الاوروبيين.
ومن دون الدخول في تفاصيل خريطة الاحزاب الرابحة والخاسرة في تلك الانتخابات (ممكن الحصول عليها من مختلف وسائل الاعلام) فإن قراءة النتائج في ضوء التغييرات والنزاعات التي يشهدها العالم في مختلف بلدانه، على خلفية مؤشرات ولادة عالم جديد متعدد الاقطاب، يولد ببطء وصعوبة، على أنقاض عالم آحادي القطب سيطر منذ تسعينيات القرن الماضي، أخيرا في ضوء صراعات دولية كلنا شهود عليها.
كانت النتائج عموما متناقضة وهي إنعكاس لمأزق أوروبا والنظام العالمي القائم برمته. فمن جهة تقدم اليمين واليمين المتطرف الفاشي في الكثير من بلدان الاتحاد الاوربي: ايطاليا ، فرنسا، اسبانيا ، النمسا ، اليونان ،بولونيا وغيرها …غير ان هذا التقدم اليميني لم يحقق له اغلبية كبيرة في البرلمان الجديد. هذا الوضع سينعكس على عمل مؤسسات البرلمان، ويتمثل في صعوبة اتخاذ القرارات التي يسعى اليها اليمين بمختلف تلاوينه ….من جهة اخرى حقق اليسار تقدما ملحوظا في عدد من البلدان: فنلندا، الدانمارك والسويد وغيرها. وهذا التعقيد قد يكون لصالح فون دير لاين رئيسة البرلمان الحالي من حزب الشعب الاوروبي التي استبقت النتائج وصرحت من أجل الحفاظ على موقعها: ” سنعمل من اجل اوروبا .سنبني قلعة ضد المتطرفين من اليمين واليسار” !؟..
لكن كيف؟
السؤال هو على حساب من ستقوم ببناء هذه القلعة، إذ من الصعوبة ارضاء اليمين واليسار في بعض القضايا. نحن نشهد ومنذ فترة تباينات في العديد من المواقف بين أعضاء الاتحاد الأوروبي من الحرب في اوكرانيا او من المجازر في فلسطين /غزة وغيرها، كما ومن مسائل البيئة وسواها .
يمكن القول ان نتائج الانتخابات الحالية شكلت صدمة لليمين المتطرف بمختلف تلاوينه، وبشكل خاص على المستشار الالماني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا بعد هزيمة حزبه إلى إجراء انتخابات مبكرة في فرنسا في 30 حزيران/يونيو الجاري. كما ان صعود جورجيا ميلوني زعيمة حزب اخوة ايطاليا ذو الجذور الفاشية/النازية سينقل الصراع الجاري في الشارع الاوروبي الى ردهات البرلمان .
سأتوقف على نتائج الانتخابات في السويد:
للسويد 21 نائبا من اصل 720 نائبا مجموع عدد اعضاء البرلمان .اشارت النتائج الى تقدم احزاب اليسار ( الاشتراكيون الديموقراطيون 24% من الاصوات، البيئة 13% واليسار 11%).اما الم}شر الاهم فهو تراجع مرتبة حزب ديموقراطيي السويد ذي الجذور النازية والعنصرية المعادي للاجانب.
نقول ان هذا مؤشر إيجابي رغم معرفتنا بحجم السويد المتواضع داخل البرلمان الأوروبي .ورغم النسبة الضئيلة من الأصوات المشاركة في الانتخابات التي لم تتجاوز ال 52 في المئة، فإن لهذا العزوف عن التصويت اسباب عدة تحتاج لوقفة خاصة .
اخيرا
ان نتائج الانتخابات هي انعكاس لصراع تشهده العديد من البلدان الاوروبية بين يمين عنصري نازي متطرف ،لديه توجهات معادية للأجانب، وبين قوى سياسية واجتماعية تجابه هذه النزعات وان بشكل غير كاف وهي مشتتة . بكلمة النتائج تعبر وبشكل مكثف عن مأزق تعيشه اوروبا والعالم .
أملنا ان تكون نتائج هذه الانتخابات درسا لقوى اليسار والتغيير لتعبئة قواها في مواجهة الرياح اليمينية المتطرفة ونزعة تأجيج الصراعات والحروب .ان تصاعد مواقف الشارع الأوروبي من المجازر الصهيونية في غزة يشكل ايضا فرصة أمام قوى اليسار والسلم لمتابعة النضال ضد الهيمنة الإمبريالية بمختلف تجلياتها، فهل تفعل؟
نأمل ان تكون النتائج الايجابية ،وان كانت متواضعة، التي حصل عليها اليسار السويدي في هذه الانتخابات بمثابة دافع لشد همته وحشد الشارع للانتخابات التشريعية القادمة بعد سنتين.. فهل يفعل؟